ما إن يضع زوار مدينة وزان أقدامهم على أرضية المحطة الطرقية، قادمين إليها عبر حافلات النقل بين المدن، حتى يأخذوا انطباعا أوليا سلبيا حول وضعية المنطقة ككل، وهو انطباع لا يشرف مدينة تحمل لقب "دار الضمانة"، بالنظر إلى ما تعرفه المحطة من أوضاع تثير استياء الزوار والمقيمين على حد سواء. هي فوضى حالة من الفوضى والعشوائية تلك التي تتخبط فيها المحطة الطرقية بوزان، والتي جعلت من هذه البناية المهترئة بؤرة سوداء وسط القلب النابض للمدينة، حيث تختلط أدخنة الحافلات مع المأكولات الشعبية المقدمة من طرف محلات أقل ما يمكن قوله عنها إنها تزاول خارج المعايير التي تحترم صحة المواطن، وذلك في انتظار تنقيل المحطة إلى حي النهضة، في اتجاه طريق شفشاون؛ وهو المشروع الذي عرف تأخرا أرجعه المسؤول المحلي إلى عدة عوامل وإرث المجلس الجماعي السابق. رشيد احميمن، فاعل جمعوي، اعتبر في تصريح لهسبريس المحطة الطرقية بوزان نقطة سوداء، لعدة اعتبارات تتمثل بالأساس في سوء التسيير والعشوائية التي تطبع إدارة المرفق العمومي المفتقد لأبسط الشروط الضرورية لتقديم خدمات تقي المسافرين جحيم المضاربة وتلاعبات السوق السوداء. وشدد المتحدث ذاته على غياب مكاتب خاصة ببيع تذاكر السفر، باستثناء أربعة؛ وهي الوضعية التي تشتد وتيرة تأثيراتها أيام العطل والأعياد الدينية، وتفتح الباب على مصراعيه لسماسرة يستغلون المواطن أبشع استغلال، بالإضافة إلى تواجد محلات عشوائية تزيد من تشويه المنظر العام؛ ناهيك عن انبعاث روائح تزكم الأنوف نتيجة تراكم الأزبال وفضلات بشرية في غياب المراقبة من طرف السلطات المحلية، في انتظار انفراج قد يأتي وقد لا يأتي بالمرة. وأبرز احميمن أن أصل الفوضى داخل المحطة الطرقية يعود بالأساس إلى افتقارها إلى حراسة وأبواب تتحكم في سيرورة الوافدين عليها، ما يجعلها مرتعا لمن هب ودب، خاصة في ظل تواجد رجل أمن وحيد في فوهة بركان. ومن المشاكل التي وقفت عليها هسبريس، غير ما مرة، استغلال الفضاء لغسل الحافلات، ما يتسبب في إحداث برك مائية على الأرضية الترابية، إلى جانب تواجد متشردين وغرباء يمدون يد المساعدة للمسافرين، بين الفينة والأخرى، ويشكلون إزعاجا للبعض الآخر، حسب شهادات من المكان. زيارات متتالية قادت هسبريس إلى المحطة الطرقية، وقفت على المشهد الضبابي، واستفحال ممارسات من لدن بعض الباعة الجائلين ومتسولين، دون الحديث عن بعض الأشخاص الذين يعمدون إلى حجز كل المقاعد التي لا يتم تسليمها إلى أصحابها إلا بعد دفع "حلاوة"، شارعين في تحويل المكان إلى سوق للمضاربة. من جانبه اعتبر إلياس "م"، أحد أبناء مدينة وزان، وهو المستقر ب"الحمامة البيضاء" تطوان، المحطة الطرقية ذاتها "وصمة عار على جبين كل المسؤولين الساهرين على تدبير الشأن العام، نظرا لما تشهده من ممارسات لا تمت بصلة إلى القانون المنظم للمحطات". وفي هذا الصدد أشار إلياس إلى غياب رصيف مخصص لوقوف الحافلات، ومكان يقي المسافرين حر ألسنة الشمس وتهاطل الأمطار، مستحضرا تحول المرفق إلى فضاء مفتوح ومهمل ومرتع للمتشردين والمتسولين، وأضاف أن المسافر عبر "محطة وزان" يجد نفسه مضطرا إلى وضع قدميه وحقائبه على الأرضية الترابية والحفر المنتشرة في كل مكان. ويستمر الانتظار لا جواب على لسان عبد الحليم علاوي، رئيس الجماعة الحضرية لوزان، حول أوضاع المحطة الحالية، سوى أن الأخيرة ستتحول عما قريب، وينتظر فقط انتهاء الأشغال بالمحطة الجديدة التي شارفت على الانتهاء لتحويلها صوب حي النهضة، مشيرا إلى جملة من المشاكل التي تعيق ترحيل المحطة الطرقية الحالية، وكذا إخلاء الفضاء المجاور لها، والذي يشمل بالإضافة إلى قيسارية المدينة مستودع الأموات البلدي التابع لمركز حفظ الصحة، وكذا المركز الصحي المسيرة، ومحطات سيارات الأجرة الكبيرة، وذلك ارتباطا بتشييد مركب ديني بالعقار ذاته بعد إخلائه. لهذه الاعتبارات، إضافة إلى حفظ حقوق مستغلي المحلات التجارية بالمحطة الحالية، يضيف علاوي لهسبريس، "تفادى المجلس الذي يرأسه القيام بأي أشغال أو إصلاحات بالمحطة الحالية، باستثناء بعض "الترقعيات" ذات الطابع الاستعجالي"، وفق تعبيره. وأشار رئيس بلدية وزان إلى مشاكل رافقت تنزيل مشروع المحطة الطرقية الجديدة، التي خلفها تدبير المجلس الجماعي السابق، مستحضرا في هذا السياق عدم اكتمال التهيئة، بالإضافة إلى وجود مشاكل مع المقاول تم حلها، وغياب ولوجيات، وزاد: "تم العمل على توفير مدخل في صفقة جديدة لضمان انسيابية في المرور"، مشيرا إلى انتهاء الأشغال أواخر شهر غشت المقبل، على حد قوله. وأرجع علاوي التأخير في افتتاح المحطة إلى الإكراهات التقنية والمالية وغياب مشروع مندمج وواضح للمجلس الجماعي السابق، إلى جانب غياب ملف لدى وزارة التجهيز والنقل حتى تكون المحطة مصنفة ومرخص لها من طرف الوزارة الوصية.