الانطباع السائد لدى فئات كثيرة من المغاربة حول ضعف البرلمان المغربي هي حقيقة يعترف بها حتى مسؤولو المؤسسة التشريعية. الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، اعترف بأنّ الأداء التشريعي ل"ممثلي الأمة"، يتسم بالضعف، منذ أوَّل ولاية تشريعية في بداية الاستقلال إلى يومنا هذا. رئيس مجلس النواب قدّم، في يوم دراسي حول "التشريع والمراقبة" احتضنه مقر مجلس النواب، أرقاما دالّة على ضعف أداء مجلس النواب؛ فمن أصل 1507 نصوص تشريعية صادق عليها البرلمان المغربي منذ سنة 1963، لا يتجاوز عدد مقترحات القوانين المصادق عليها، على مدى 53 سنة من العمل البرلماني، 108 مقترحات فقط، أي بنسبة لا تتعدّى 7,1 في المائة. وذهب المالكي إلى القول إنّ الضعف الذي يسم عمل البرلمان يتطلب إجراء مراجعة جذرية لممارسة البرلمانيين لواجبهم التشريعي، وذهب أبعد من ذلك بقوله "بل يستدعي الأمرُ رجّة للنهوض بهذه المهمة الأساسية من جانب مؤسستنا"، لافتا إلى أن هناك "عجزا مهولا في نسبة المبادرات التشريعية لأعضاء البرلمان، بالقياس إلى مشاريع القوانين وبالقياس إلى نماذج مقارَنة". وعزا المالكي أسباب العجز المسجل على مستوى المبادرات التشريعية لأعضاء البرلمان إلى عدد من الأسباب؛ من ضمنها في عدم التوازن في الإمكانات والخبرات والمعلومات، مقارنة مع الحكومة، موضحا أن "الحكومات تتوفر على إمكانات تتجاوز بكثير إمكانات البرلمان، كما أنها تتوفر على المعلومات الضرورية وبنوك المعلومات وقواعد المعطيات والبنيات المؤسساتية لإعداد مشاريع النصوص". رئيس مجلس النواب انتقد وجود ما سمّاه "تكريس نوع من الثقافة لا تخلو من بعض الارتياب في علاقة البرلمان مع الحكومة"، موضحا أن هذه الأخيرة تتعاطى مع مبادرات البرلمان "بنوع من الحذر، وهو أمر غير مبرر في عدد من الحالات"، مشيرا إلى أن حكومات سابقة لم تتعامل مع مقترحات قوانين تأسيسية مهمة كانت تتوخى ملء فراغ تشريعي في أنشطة وقطاعات وحقوق كانت تعاني من الفراغ التشريعي. وقدم المالكي أمثلة على "الارتياب"، الذي يسم علاقة الحكومة بالبرلمان؛ فمقترح القانون المتعلق بإخبار وحماية المستهلك، الذي وُضع سنة 2003، لم تعمل الحكومة على وضع مشروع قانون حول الموضوع نفسه إلا سنة 2011، والشيء نفسه بالنسبة إلى مقترح قانون بشأن حق الحصول على المعلومات، الذي تم إيداعه سنة 2006، ولم يرِد مشروع بشأنه من الحكومة إلا سنة 2016. رئيس مجلس النواب اعتبر أنّ عدم تفاعل الحكومة سريعا مع مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان له كلفة اجتماعية واقتصادية كبيرة، داعيا إلى تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وفي هذا الإطار، أشار إلى أن من العوامل التي تحد من فعالية المبادرة التشريعية البرلمانية ضعف التواصل بين المؤسسات، سواء بين الحكومة والبرلمان، أو حتى بين الأحزاب وفرقها البرلمانية، أو بين الأغلبية والأحزاب المشكلة لها.