تعيش ورزازات، هوليود المغرب، خلال شهر رمضان المبارك، أجواء خاصة، حيث تشهد حركية سوسيو اقتصادية ملحوظة، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم على العائلات والأسر، التي ما زالت محافظة على بعض التقاليد والعادات الرمضانية المتوارثة أبا عن جد، التي أصبحت تندثر في العديد من مناطق بالمغرب. لشهر رمضان بمدينة ورزازات طقوس مختلفة لا تجدها في الشهور العادية من السنة، إذ تعتبر ساكنة مدينة "هوليود المغرب" شهر رمضان مناسبة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة واستعادة القيم التي تعزز التكافل والتآخي بين أفراد المجتمع، حيث تتحول الأسر والعائلات الورزازاية طوال أيام شهر رمضان إلى "جسم" واحد، يجمعها نداء الأذان بالصلاة وهو يرفع في العشرات من المساجد، المنتشرة في مختلف الأحياء، كما يجمعها الحب والتآلف على مأدبة الإفطار. العلاقات الاجتماعية للحلويات الرمضانية حضور مهم في مائدة الورزازيين، فإذا كانت الحريرة سيدة موائد الإفطار بربوع المغرب، فإن الشباكية والبغرير والسفوف هي نجوم موائد الإفطار لدى غالبية الورزازيين، بالرغم من أن هذه العادات والتقاليد تختلف من أسرة إلى أخرى حسب المستوى المعيشي لكل واحدة منهما. تسهم العادات المتأصلة في المجتمع الورزازي، خلال شهر رمضان، في تعزيز علاقات التواصل ولم شمل الأسرة والعائلة وتقارب عباد الله، من خلال الزيارات وغيرها من العادات والتقاليد المتجذرة. كما أن شهر رمضان المبارك يمثل لدى الورزازيين محطة مهمة في البذل والعطاء والتراحم فيما بينهم، وتبرز العلاقات الاجتماعية بين جميع مكونات المجتمع بأجمل صورها، التي تكسوها أجواء حميمية وروحانية تسهم بدورها في إضفاء روح التسامح والمحبة بين الجميع. وترى للا فاطمة من حي توريرت أن العادات والتقاليد الرمضانية في ورزازات تمثل قيمة مهمة في تعزيز لم شمل الأسر والعائلات، وتقارب الناس وفي تعاطفهم وترحمهم، مشيرة إلى أن العادات والتقاليد المعروفة بمدينة ورزازات هي كثيرة ومتعددة خاصة في شهر رمضان، وتتمثل أهمها في تعزيز علاقات التواصل والتراحم بين الناس من واقع الدين الإسلامي الذي يحثهم على ذلك، وفق تعبيرها. وأضافت للا فاطمة، في حديثها لهسبريس، أن العديد من الأسر والعائلات ينتقلون إلى القرى، لتجتمع مع الأهل والأحباب في مائدة رمضانية واحدة، ممزوجة بالعطف والحنان والألفة، مسترسلة: "كموظفة، فرمضان يمثل لي فرصة مهمة لصلة الأرحام والجيران والأقارب وبناء العلاقات الاجتماعية والتواصل، لكون الأشهر العادية من السنة أكون منشغلة بالعمل ويأتي رمضان ليمثل لنا فرصة للتعبد وصلة الأرحام وممارسة العادات والطقوس الاجتماعية". ولا يقتصر شهر رمضان الفضيل لدى أهل ورزازات على تعزيز التواصل الاجتماعي بينهم، حيث يعد مناسبة أيضا لمضاعفة ممارسة الشعائر الدينية من صلاة وقراءة للقرآن وحضور لقاءات دينية في المساجد ومتابعة البرامج الدينية في القنوات الفضائية، والتي تسهم غالبيتها في الحث على صلة الأرحام واحترام الجيران والأهل والأصدقاء وتفقد المرضى. وكما هو ملاحظ في السنوات الأخيرة، فإن هذا الشهر المبارك، تضيف المتحدثة، يعتبر محطة مهمة لتعزيز التواصل بين العباد وبين خالقهم؛ غير أن معظم علاقات التواصل تنتهي لدى الكثير من المواطنين بمجرد انتهاء شهر رمضان، فتنقطع العلاقات الاجتماعية مع البعض باقي أشهر السنة، ويظل ينتظر حلول رمضان الموالي لإعادة تفعيلها من جديد، وهو ما يسمونه بالمنطقة ب"عباد الحريرة"، حسب تعبيرها. ساحة الموحدين.. جامع فنا ورزازات تتحول ساحة الموحدين، الموجودة بقلب مركز مدينة ورزازات، خلال ليالي رمضان، إلى ساحة جامع الفنا الشهيرة، التي يميزها هذه السنة ارتفاع في درجات الحرارة وخروج الساكنة هربا من "صهد" المنازل طلبا للانتعاش وتختلط في الساحة العائلات الورزازية بالأسر المحلية، أو أخرى قادمة من المناطق المجاورة، التي تجد راحتها بهذه الساحة، في ظل غياب وسائل وأماكن أخرى للترفيه، ويطول السهر في هذه الساحة إلى غاية السحور. وأوضح يوسف العمري، فاعل جمعوي بمدينة ورزازات، أن المدينة أصبحت، في الآونة الأخيرة، مقصدا للعديد من العائلات التي تفضل قضاء شهر رمضان بها، مشددا على أن المدينة في أمس الحاجة إلى بناء منتزهات وأماكن للترفيه؛ لأن الأماكن الحالية غير كافية لاستقبال العدد الكبير من عشاق السهر وقضاء أوقات مميزة بليالي رمضان. وأبرز الفاعل الجمعوي، في حديثه لهسبريس، أن ساحة الموحدين هي المكان الوحيد الذي تقصده جميع الأسر والعائلات الورزازاية، حيث تعتبرها متنفسا وحيدا في المدينة، داعيا المسؤولين إلى ضرورة التفكير في بناء أماكن أخرى للترفيه والاستجمام لفائدة ساكنة ورزازات وزوارها. الأواني الفخارية تشهد غالبية المحلات التجارية والأسواق بورزازات، خلال شهر رمضان الفضيل، انتعاشا كبيرا في تجارة الأواني الفخارية بشكل لافت، هذه الأخيرة التي عادت خلال السنوات الأخيرة بقوة إلى الموائد والبيوت لأهل الجنوب الشرقي، خاصة الأسر الورزازية، بعد ركود عرفته في السنوات القليلة الماضية. الأواني الفخارية تحمل في مسامها عبق التاريخ، الذي تحاول ربات البيوت استذكاره في هذا الشهر الفضيل. مع اقتراب حلول شهر رمضان، تدب حركية غير اعتيادية عبر كل أرجاء مدينة ورزازات. ومن أهم هذه المظاهر انتعاش الحركة التجارية في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية، خاصة بساحة الموحدين، حيث توجد بعض المحلات الخاصة بالأواني الفخارية التي تلقى إقبالا كبيرا هذه الأيام كإرث حضاري وتاريخي جميل ك"الطاجين" و"الجبنايات" وغيرها من الأواني التقليدية المصنوعة من الطين، والتي تستعمل غالبا في شهر رمضان. وتعتبر "مي حادة"، التي صادفتها هسبريس بالقرب من بائع الفخار، حلول الشهر الفضيل أحد أهم الشهور التي تنتعش فيها تجارة الأواني الفخارية، خاصة مدينة ورزازات؛ وذلك بالنظر إلى ما تشهده أسواقها من إقبال كبير عليها لجودة المعروضات وجمال نقشها وألوانها. وأضافت "مي حادة"، التي قبلت الحديث مع الجريدة دون أخذ صورة لها، أنها تحرص على تجديد شراء طاجين الفخار مع كل رمضان استعدادا للشهر الفضيل الذي تعتمد فيه أسرتها على الشهيوات التقليدية، كما أنها اعتادت على تجديد شراء الأواني الفخارية في رمضان والتي تتلاءم مع الطبخ التقليدي لهذا الشهر.