المتتبع لمستجدات الحراك الشعبي الذي انطلق مع أحداث الحسيمة الأولى، والتجاوب الذي لقيه من قبل العديد من سكان الأقاليم والمدن على امتداد ربوع المملكة، يعتبر ظاهرة صحية تعزز مكاسب المسار الديموقراطي الذي راكمه المغرب منذ انطلاق شرارة المقاومة المغربية بكل مستوياتها ومراحلها إلى اليوم، وهو مسار لا يمكن أن ننظر إليه بعين الرضى في كل ما تحقق منه، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نبخسه حقه، على العكس من ذلك تعتبر إيجابياته أكثر حضورا في الواقع والفكر المغربي من سلبياته. وفي هذا السياق نثمن كل حراك يسعى إلى لفت الانتباه لكل الاختلالات التي قد تعيق تطوير مسلسل التغيير والتحديث بكل مسؤولية ونضج، وأن الهدف من كل فعل لا يكتسب مشروعية الإصلاح، إلا داخل المؤسسات، وباحترام تام لكل المقدسات الوطنية، باعتبارها حدا فاصلا بين الجد واللعب. على هذا الأساس كانت المساندة اللامشروطة، بخصوص الحق في حرية التعبير، بالرغم من بعض الملاحظات المسجلة، كإزاحة الرموز الوطنية من الأعلام والصور، وإن كنت أجد لهم عذرا في ذلك، على اعتبار أن الوطنية تربية وقيم منذ الصبى بشكل مكثف، أما وأن هذه الأعلام لا تنصب إلا أثناء الزيارات الملكية، أو الأعياد الوطنية، لتختفي مباشرة بعد انتهاء المهمة، سلوك ينم عن الشح الفكري في التعاطي مع القضايا الوطنية، فمن الخطأ تبني النزعة الاقتصادوية في مثل هذه الأمور، لذلك لابد من البحث عن فحص التوازن بين الكلفة والفائدة خارج منطق المال، وأعتقد أن رفرفة الأعلام الوطنية في الأفق، أكبر درس في استثمار العنصر البشري على الإطلاق. إن حراك الحسيمة كآلية من آليات تطوير وتعزيز المسلسل التنموي، قد استفاذ من التفاعل الإيجابي للارادة الملكية، بالاستجابة للمطالب الاجتماعية التي باشرتها حكومته. إذ في الوقت الذي أصبح من المفروض أن تهدأ الأمور، تفاجأ المغاربة بقفز " الزفزافي" إلى السرعة القصوى من خلال: - اتهامه الحكومة باللصوصية والعصابة دون دليل، علما أن هذه الحكومة هي من سينزل المشاريع التنموية، فكيف تطالب بمشاريع، ولا تثق بالمشرف عليها؟. - اتهامه السلطات العليا بعدم الرغبة في المصالحة مع إقليمالحسيمة . - اقتحامه فضاء المسجد للدعاية ضدا على القانون والأعراف، ومحاولة الظهور بمظهر الزعيم الذي انتقل من المستوى المطالب الاجتماعية، إلىى مستوى الوعظ والإرشاد مخلا بالآداب العامة لحرمة المساجد. تأكيده على موجة الفساد المصاحبة للأوراش التنموية لمنطقة الشمال عموما، وللحسيمة خصوصا، وكأنه يريد لهذه المنطقة أن تبقى على حالها، رهينة بارونات المخدرات، الذين لم يشر إليهم قط، والواقع أن المسمى الزفزافي بطرقه الملتوية، لا يريد رفع التهميش عن المنطقة، بل يريد توظيف التهميش لأغراض سياسوية، هذا أمر أصبح مؤكدا، في انتظار تأكيد لحساب من يشتغل؟