في عام 2011، كان لحكام هذا البلد السعيد فرصة فريدة لإجراء تغييرات عميقة في النظامين السياسي والاقتصادي. وقد تم تعزيز هذه الفرصة بإرادة المواطنين وبدعم من أعلى هرم الدولة. وقد اصطففت شخصيا خلف هذه الحركية التي كانت تسعى إلى تنفيذ إصلاحات جوهرية بالمغرب من خلال التطور عوض الثورة (évolution versus révolution). اليوم وبعد خمس سنوات، يبدو أن حكامنا قد وضعوا هذه الإرادة جانبا، وعادوا من جديد إلى إنتاج نفس الأنماط في التدبير، من خلال نفس المجموعات المسماة "نخبا سياسية"، وبالتالي الوصول إلى نفس النتائج. وقد واصلت التقارير الداخلية (المجلس الإقتصادي والاجتماعي، ومجلس الحسابات) والخارجية (البنك الدولي) التحذير من خطورة الوضع على مختلف المستويات. ورغم هذا لم تجد الإصلاحات المستعجلة آذانا صاغية، رغم كون بعضها بسيطا ودون تكلفة إضافية للدولة وله تأثير إيجابي على المدى القصير (حق الولوج للمعلومة مثلا). كلها عوامل زادت من فقدان الثقة أكثر في السياسيين وأرخت بظلال الشك على الفاعلين الاقتصاديين، ومعهم المواطنون. إذن بعد خمس سنوات، تحرك المواطنون في الريف وفي المغرب بشكل عام، سواء في الشوارع وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، داعين إلى كرامة المواطن والمساواة أمام العدالة وتوزيع عادل للثروة ... وهي بالضبط نفس مطالب حركة 20 فبراير 2011. الجديد هذه المرة هو انخراط شريحة أوسع من الأغلبية الصامتة، من المثقفين والمحبَطين من الأحزاب السياسية ومَن أصيبوا بخيبة أمل بعد انتخابات 7 أكتوبر، ليعطوا لهذا الحراك جوهرا ينضاف إلى زخم حراك الشارع. كلها إشارات لا يمكن أن تمر دون أن يلتقطها الحكام وأن يتجاوبوا معها، فقد أبدوا تجاوبا كبيرا مع أغلب القضايا التي كان لها صدى لدى الرأي العام وحركت الشارع. لقد قدمت العديد من مكاتب الدراسات في خلاصاتها للمغرب وصفة "العلاج بالصدمة"، فهل يُشكل حِراك الريف بداية للشروع في إصلاحات حقيقية؟ *خبير في التواصل وفاعل جمعوي