شكل موضوع فقر الأطفال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محطة لالتئام مجموعة من الخبراء والمسؤولين من مختلف الدول، طيلة ثلاثة أيام بالرباط، في محاولة لتدارس هذه الإشكالية التي تعصف بأطفال صغار وسط منطقة تعيش الكثير من دولها على وقع الحرب والأزمات. لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، افتتح اللقاء الجهوي حول "فقر الأطفال بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا: من القياس إلى أجرأة السياسات"، صباح الاثنين بالرباط، نيابة عن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لافتا إلى أن استقرار المغرب والعالم يتوقف على محاربة الفقر والاهتمام بالشباب. وخلال اللقاء المنظم من طرف المرصد الوطني للتنمية البشرية ومكتب "يونيسيف" بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بتعاون مع وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أبرز الداودي أن العالم ككل يعيش على وقع إشكالية في مجال التشغيل، موضحا أن التطور التكنولوجي يسير بوتيرة سريعة قد تعمل على توسيع دائرة الفقر والبطالة، ما يؤثر على جميع الشرائح وعلى الأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف. وتساءل الوزير المنتدب عن الأدوار الواجب القيام بها من طرف الدول من أجل إعادة توزيع الثروة، وكذا عن الكيفية الكفيلة بمعالجة مشاكل الفقر في حال عدم توفير فرص الشغل مع تزايد أمد الحياة وضغط صناديق التقاعد، مبشرا المغاربة بأن الحكومة ستَعمَل خلال الخمس سنوات المقبلة على الرفع من نسبة التغطية الصحية إلى قرابة 100 بالمئة، وضمان ولوج أيسر إلى المستوصفات والمدارس بالمناطق النائية. ودعا الداودي إلى ضرورة تغيير ثقافة المواطن المغربي في العلاقة بالتطور التكنولوجي والشغل والبحث العلمي، من أجل انخراط أفضل في العولمة، مشددا على أن الشباب المفتقد إلى فرصة عمل وإلى الولوج إلى سوق الشغل قد يكون أكثر عرضة لكل أنواع التطرف، ما يهدد الاستقرار والأمن. من جهته، أكد حمو أوهاني، كاتب الدولة المكلف بالتنمية القروية عضو المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن مئات الآلاف من الأطفال المغاربة يخلقون في أوساط فقيرة، لافتا إلى أنه بالإمكان التغلب على الهشاشة والفقر عبر حماية الطفل ودعمه ومحاربة الفوارق الاجتماعية وعدم المساواة، مشيرا إلى أن الحرمان الذي يعيشه الراشدون يعود إلى مرحلة الطفولة. ولفت المتحدث إلى أن 13 بالمئة من الأطفال المغاربة يعانون تأخر النمو وسوء التغذية، مقابل 32 بالمئة عام 2003، في حين إن 35 بالمئة منهم لا يجدون فرصة للاستفادة من العناية الطبية، فيما تعرض 90 بالمئة من الأطفال للعنف خلال الشهور القليلة الماضية. ودعا جميع الهيئات الحكومية إلى التنسيق في ما بينها قصد تحسين ظروف الأطفال والانتصار على العقبات. بدوره، أبرز المدير الجهوي لصندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة، جرت كابلاير، أن "يونيسيف" يعمل جاهدا من أجل الحد من فقر الأطفال، خاصة في جانبه المالي، موردا أن الهيئة الأممية اكتشفت أن الإشكالية أكبر بكثير من البعد المادي، باعتبار أن الفقر لدى الأطفال مشكل عويص ومُركَّب، ويتعداه إلى حصول الطفل على الخدمات والتعليم وعلى بيت وماء صالح للشرب، وغيرها كثير. ولفت المتحدث إلى أن 29 مليون طفل يعيشون حالة من الهشاشة والفقر على مستوى منطقة "مينا"، بمعدل يفوق 20 بالمئة من إجمالي الأطفال، خاصة وأن عددا من بلدان المنطقة تعيش على وقع الحروب والأزمات، مرجحا أن يعرف هذا الرقم ارتفاعا في المستقبل. وربط مسؤول "يونيسيف" بين تعلم الآباء ومستقبل الأبناء؛ ذلك أن الدراسات أوضحت أن الطفل الذي لم تتح لوالده فرصة التمدرس، معرض مرتين أكثر لعيش واقع الفقر والهشاشة مقارنة مع من يعيشون في كنف والدين متعلمين، لافتا إلى أن تحسين هذه الأوضاع يتطلب إرادة سياسية شجاعة.