بإمكانيات ذاتية بسيطة، ورثت السيدة الباتول صبار وأبناؤها الأربعة اليتامى مسؤولية حراسة والإشراف على ضريح عبد الله بن ياسين، أبرز مؤسسي الدولة المرابطية في القرن ال11 ميلادي، والذي يوجد في أعالي هضاب منطقة زعير بكريفلة نواحي الرباط؛ وهي المعلمة التاريخية التي تعاني الإهمال الرسمي، ونهشها النسيان رغم توافد عشرات الزوار من مختلف مناطق المغرب عليها. تتواجد الأسرة المتواضعة منذ 1963 في المنطقة، حيث تقول الأم الباتول، في لقاء مع هسبريس، إنها قضت 30 سنة في حراسة الضريح، وبعد وفاة زوجها، الذي كان ملحقا بإدارة محلية ويشرف على المهمة ذاتها، أشرفت بنفسها مع ابنها محمد الهادي على مراقبة المعلمة التاريخية وحراستها من الدخلاء وتوفير الماء والإرشاد للزوار دون أن تتلقى الأسرة أي مقابل مالي من طرف أي جهة رسمية، بما فيها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي من المفترض أن تشرف على الضريح والمسجد المهترئ التابع له. رغم قسوة الظروف، بلغ أبناء الباتول مراحل متقدمة في التعليم، فابنها محمد الهادي، الذي يشرف بجانبها على العناية بالضريح، حاصل على الإجازة في القانون وماستر في الدراسات الإسلامية، وهو المستوى التعليمي ذاته الذي تحصلت عليه أخته، فيما لازالت الأختان المتبقيتان يتابعان دراستهما أيضا. وعن ذلك تقول الأم: "رغم صعوبة الظروف ووعورة الطريق، كافح أبنائي لأجل الدراسة، واستقر بعضهم في دار الطالب". "أقوم بتنظيف الضريح ومسجده.. حتى الحصير المتواجد في المكان وفرناه بإمكانياتنا المتواضعة"، تقول الباتول، مضيفة: "نسعى إلى توفير الماء لرواد الضريح..فمثلا حين أستقدم الماء الذي أشتريه بمبلغ 200 درهم كل أسبوع، أضطر لمنح زوار المكان 3 لترات لمساعدتهم على قضاء حوائجهم الحيوية"؛ فيما بعثت شكوى للمسؤولين قائلة: "أتمنى أن تنظر الجهات المعنية إلى حالنا وتوفر الماء للضريح والمسجد وللمنزل الوحيد الذي يأوينا ويرابط بجانب المعلمة التاريخية". أما محمد الهادي، فقال لهسبريس إنه ورث الإشراف على قبر عبد الله بن ياسين والفضاء المجاور له أبا عن جد، موردا: "منطقة زعير تفتخر بهذه المعلمة التي طالها النسيان..رغم ذلك فهي قبلة لعديد من زوار مناطق مغربية مختلفة..ضريح بن ياسين يحتاج إلى طريق معبدة، فالحالية تبقى غير صالحة بتاتا لاستيعاب زوار الفضاء"، مضيفا: "الماء هنا غير موجود، نضطر إلى استقدامه على بعد كيلومترات.. ونضطر بإمكانياتنا البسيطة إلى مساعدة الزوار ومدهم بالماء". وترى الأسرة المتواضعة ضرورة توفير المستلزمات الدنيا للحياة العادية، من ماء صالح للشرب عبر قناة تصل إلى المكان، ومراحيض للزوار ومسالك لصرف المياه العادمة والكهرباء. وفي هذا الصدد قالت الباتول: "نستعمل الطاقة الشمسية للكهرباء ونلجأ إلى استعمال قنينة غاز للثلاجة التي تستهلك واحدة كل ستة أيام".. "نتمنى التفاتة كبيرة إلى هذا المكان.. وأعتقد أن الأمر لن يكون صعبا، مادام صاحب الجلالة بعث توجيهات سامية من أجل إيلاء العناية والاهتمام الكامل بالأضرحة وقبور الأولياء الصالحين كواجهة تاريخية للمغرب، عبر الترميم وإعادة البناء لتكون هذه الفضاءات وجهة سياحية بامتياز"، يقول محمد الهادي.