فقد تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" الكثير من قدراته الإعلامية التي كان يعتمد عليها اعتمادا كليا في حربه العسكرية والنفسية، وذلك بعد خسارة العديد من المقرات التي يبث منها معلوماته وأخباره أمام تقدم القوات العراقية في مدينة الموصل شمالي العراق. أستاذ الإعلام في جامعة بغداد، عمر صلاح الدين، قال إن "القصف الذي يستهدف التنظيم في مدينة الموصل نجح في تدمير ما يقرب من 70% من مراكز الإعلام والدعاية الخاصة به". وأضاف صلاح الدين، الذي كان يعمل سابقا في جامعة الموصل، إنه بعد سيطرة التنظيم الإرهابي على المدينة في عام 2014 ، كان من بين أهدافه إقامة "منظومة إعلامية" لنشر فكره المتطرف وخداع الرأي العام وإقناع الناس بالانضمام إلى صفوفه. كما منع التنظيم العمل الصحفي بمختلف أنواعه، ولاحق الصحفيين والإعلاميين واعتقل الكثير منهم، وأعدم بعضهم ولا يزال مصير البعض الآخر مجهولا، فيما سيطر على جميع مقرات المؤسسات الإعلامية في المدينة. وتابع صلاح الدين أن التنظيم أسس إذاعة "البيان"، وكذلك قام بطبع وتوزيع جريدة "النبأ"، كما أنشا عشرات النقاط الاعلامية في مدينة الموصل وشوارعها، وهي عبارة عن أكشاك على الأرصفة مثبت على أحد جدرانها شاشات لعرض إصدارات التنظيم المرئية. بالإضافة إلى ذلك كان تنظيم "داعش" على وشك إقامة محطة بث تلفزيوني أرضي محلي، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف بسبب اشتداد المعارك وانشغال التنظيم بها، فضلا عن الغارات الجوية التي يشنها الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي الذي تتزعمه الولاياتالمتحدة. يشار إلى أن وكالة "أعماق" التابعة للجهاديين لا تزال تنشر معلومات وبيانات التنظيم التي يتبنى فيها عملياته الإرهابية، إلا أنها تضطر إلى تغيير مزود خدمة الانترنت في كثير من الأحيان، بسبب قطع الخدمة عنها. صلاح الدين يرى أنه "بعد تراجع الماكينة الإعلامية للتنظيم، تراجعت قدراته على اجتذاب المجندين الجدد والمقاتلين داخل المدينة". وتعد السيطرة على مراكز الاتصالات والمعلومات من "أولويات" القوات العراقية، وذلك لقطع التواصل بين عناصر التنظيم وقادته، وشل حركته، وكذلك تدمير الآلية الإعلامية التي يعتمد عليها في معاركه لإيهام الرأي العام والسكان المحاصرين بأن التنظيم لايزال في أوج قوته. جدير بالذكر أن تنظيم "داعش" أعاد تشغيل إذاعة "البيان"، التي غابت لأسابيع خلال الفترة الماضية، لكن البث هذه المرة اقتصر على الأناشيد الدينية الحماسية. ومن جانبه، قال المتحدث باسم قوات التدخل السريع التابعة للشرطة العراقية الاتحادية، المقدم عبد الامير المحمداوي، إن رجاله سيطروا على مقر إذاعة "البيان" في وسط الموصل قبل شهر، وصادروا أجهزة البث الخاصة بها، مؤكدا أكد أن الإرهابيين يستخدمون إذاعة متنقلة، لكنه توعد بأن تقوم القوات العراقية ب"رصدها واستهدافها". وكانت القوات العراقية قد نجحت في 17 ينايرمن العام الجاري، في السيطرة على أكبر المراكز الإعلامية لتنظيم داعش في الجانب الشرقي من مدينة الموصل، كما عثرت قوات مكافحة الإرهاب في المركز الإعلامي في حي الأندلس شرقي مدينة الموصل، على أجهزة تصوير واتصال وكاميرات مراقبة وخرائط تفصيلية بأحياء وشوارع المدينة. يشار إلى أن القوات العراقية بدأت هجوما عسكريا على غرب الموصل يوم 19 فبراير الماضي، وذلك بعد انتهاء حملتها لتحرير الشطر الشرقي من المدينة في 24 يناير الماضي