حزب الله يطلق صواريخ نحو إسرائيل ونتانياهو يحذّر من تدمير لبنان    إحباط محاولة هجرة سرية نحو أوروبا وتوقيف تسعة أشخاص في الحسيمة    الأمطار تعود إلى شمال المملكة والواجهة المتوسطية مع أجواء ضبابية متوقعة    تيزنيت: الدرك يضبط"صوندا" تقوم بحفر بئر بدون ترخيص        منتخب أفريقيا الوسطى يحط الرحال بالمغرب في الساعات الأولى من صباح اليوم استعدادا لمواجهة المغرب    الأخضر يوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    استمراء العيش في الأوهام    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    المضيق: مجلس جماعة المضيق يصادق على منح الجمعيات وبرنامج انفتاح 2025/2026    المغرب يدين التهجم على غوتيريش ويؤكد موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية    في كتاب يصدر قريبا.. بايدن يصف نتانياهو بأنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"    الإمارات العربية المتحدة تجدد تأكيد "دعمها الكامل" لسيادة المغرب على الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    قرار محكمة العدل الأوروبية.. إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها    قرعة غير رحيمة بممثلي المغرب في دروي الأبطال والكونفدرالية الإفريقيتين..        كأس التميز.. الوداد يَسقُط أمام السوالم ونتائج متفاوتة في باقي المباريات    انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية    السكوري: الهيدروجين الأخضر يفتح 300 ألف فرصة شغل في المغرب بحلول 2030    79% من المغاربة يرون جهود الحكومة في مكافحة الفساد "سيئة جداً"            وهبي: النقاش حول القانون الجنائي يقترب من نهايته.. ومرسوم سيفرض تسجيل الوصايا قبل الوفاة لدى أقرب محكمة    الجمهور الإنجليزي يُفضل هذا اللاعب على بلينغهام    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    كيوسك الأربعاء | الغرامات المحكوم بها في قضايا الرشوة تصل إلى مليون و372 ألف درهم    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    مطلع على خبايا البيت الأبيض يبرز تقارب ترامب وبوتين    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    الإمارات تجدد دعم السيادة المغربية    رغم المطالب الشعبية بوقف التطبيع.. المغرب يضاعف مبادلاته مع إسرائيل خلال عام من "حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    بوريطة: سياسة الهجرة كما حدد معالمها جلالة الملك تقوم على المسؤولية المشتركة ومحاربة الأحكام الجاهزة والتعبئة ضد شبكات الاتجار في البشر    المنتخب يستعد للقاء إفريقيا الوسطى    تغريم "العاصمة الجزائري" بسبب قميص بركان    وهبي يرفض صياغة القوانين على مقاس الفئات المهنية ردا على الاحتجاجات    بعد غارة هي الأعنف من نوعها على لبنان.. نتنياهو يعلن مقتل هاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    المغرب يواجه شبح ارتفاع أسعار المحروقات مع تصاعد توتر الشرق الأوسط    السكوري: قطاع الهيدروجين الأخضر من المتوقع أن يوفر حوالي 300 ألف فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2030    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة    "الابتكار الثقافي بوابة التثمين الترابي للمناطق الجبلية" شعار مهرجان أجذير إيزوران بخنيفرة    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمل القاتلة والسهام السامة تلهب الانتخابات الرئاسية الفرنسية
نشر في هسبريس يوم 03 - 04 - 2017

تلعب وسائط الإعلام، والتلفزيون على وجه الخصوص، دورا حاسما في ترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك، وجعله يسجل نقطا في معترك تحتسب فيه كل الضربات ولو كانت تحت الحزام. ولقد فهم المتسابقون إلى قصر الإليزيه مبكرا خدمات التلفزيون، وعملوا على التقرب من أرباب القنواتن والتودد للصحافيين لتسجيل حضور قوي واحتلال حيز أوفر على الشاشات.
مبكرا، وبمناسبة الحملات الانتخابية، تستعر الحمى ويتهافت المترشحون على القنوات لتسويق صور إيجابية عن أنفسهم، وتدبيج خطب يفكرون فيها مليا، ويساعدهم في ذلك مستشارون في التواصل يعملون على انتقاء جمل بمواصفات دقيقة ليكون لها الوقع المرتقب.
جمل، وعلى طول الانتخابات الماضية، نقشت بصماتها في تاريخ المشهد السياسي الفرنسي؛ لأنها رفعت البعض إلى أعالي السماوات وأسقطت البعض في حضيض النسيان. ولقد شاهد المتتبعون في الأسبوع الماضي كيف انبرى كل من المترشحين للتصدي لخصمه وإرسال النبال الكفيلة بإلحاق أكبر الخسائر، تجلى ذلك في ثنائية إمانويل ماكرون ومارين لوبين.
ورغم الانتقادات التي أصبحت توجه إلى هذا النوع من "الفرجة"، لكونه لا يسمح بالنقاش الجاد لأن الزمن المحدود لا يفي بتقديم الأجوبة والتحليلات التي ينتظرها المشاهدون، فإن فئات عريضة من الفرنسيين لا يزالون مهووسين بهذه البرامج التي تخصص لها قنوات كثيرة حيزا مهما من غلافها الزمني.
ويسجل التاريخ لحظات لا تنسى عرفت نقاشا ساخنا تخللته جمل وعبارات مميتة لا يزال الجيل الحالي كما الأجيال السابقة تحفظها عن ظهر قلب. منذ 1974، يمكن اعتبار فاليري جيسكار دستان السبّاق إلى استعمال التلفزيون كوسيلة لرسم صورة إيجابية وحداثية لمّا شاهد عامة الناس رئيسهم المرتقب يتنقل في ملاعب القرب ملامسا المرة، وعلى شواطئ البحر آخذا حماما رمليا، وفي الأسواق الشعبية متبضعا سلعا بلدية.
وفي ثنائي ما بين الدورين، سيوجه إلى فرانسوا ميتران ضربات موجعة وهو يدافع عن التوجه الليبرالي لفرنسا متهما خصمه بأنه لا يفهم شيئا في التحولات الاقتصادية وفي السوق الحرة، قائلا جملته الشهيرة: Monsieur Mitterrand , vous êtes un homme du passé، التي قادته إلى الإليزيه لفترة دامت 7 سنوات. وهي المدة التي سيشتغل فيها ميتران ليرد الصاع صاعين ويلمع صورته من خلال التلفزيون والجمل الفتاكة.
في الولاية الرئاسية الثانية، سيلتقي الثنائي من جديد وسيعتني مرشح الحزب الاشتراكي بطقم أسنانه كما بجمله ممتثلا لنصائح مستشاريه (جاك لانغ ودوبري)، ويطلق جملته الشهيرة التي تنتقد ما آلت إليه الأوضاع في فرنسا جراء سياسية تفقير الطبقات الهشة بفعل سياسة الانفتاح. سيقول ميتيران: Monsieur le président, vous êtes un homme du passif. وهي رد مفحم على جملة قيلت قبل 7 سنوات يتقارب فيها اللفظان passé وpassif.
وخلال هذه الفترة، كان داهية آخر يتمرن على فنون التواصل في التلفزيون، ويستعد لخوض الاستحقاقات التالية مع أسد تمرس لمدة غير يسيرة على الفنون ذاتها. سيتواجه الوحشان السياسيان في مقابلة تلفزيونية وقد تعرف كلاهما على الآخر في تعايش مرير، وسيشهر المرشحان أسلحتهما لزعزعة الخصم.
حاول جاك شيراك أن يستبق اللقاء بهجوم مفاجئ ليذكر الرئيس بأنه هنا (على بلاطو التلفزيون) في مقابلة بوصفه مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية، وليس بصفة رئيس الوزراء. لكن الرئيس الاشتراكي سيرد عليه بنبرة التهكم والاستصغار: Mais oui Monsieur le premier ministre!.
استكمل فرانسوا ولاية ثانية وحدث زلزال 2002 حين وصل زعيم الجبهة الوطنية ماري لوبين إلى الدور الثاني في مواجهة شيراك بعد اندحار مرشح الاشتراكيين ليونيل جوسبان. ألغيت اللقاءات الثنائية في هذا الاستحقاق؛ لأن حظوظ شيراك كانت قوية، ولأن معظم التشكيلات الحزبية صوتت لصالحه في ما يشبه إنقاذ دم الوجه.
في العام 2007، سيحتل ذئب سياسي آخر مساحات أكبر في التلفزيون، وسبق له أن شارك في برنامج تلفزيوني وعمره 20 سنة. ساركوزي، عن اليمين الجمهوري، سيواجه مرشحة الحزب الاشتراكي Ségolène Royal التي فازت على منافسيها/فيلة الحزب الاشتراكي في التمهيديات.
مقابلة حسمت في كل شيء تقريبا لصالح ساركوزي حين بدا متمكنا من ملفاته وواثقا من فوزه أمام رويال التي لجأت إلى استفزازه فسقطت في فخ الاستفزاز. رمت خصمها بالدوغمائية وغياب الأخلاق بسبب موقف حكومة شيراك من تمدرس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، معتقدة أنها أمسكت بطوق النجاة ومطلقة سيلا من الانتقادات في نبرة غضب واضحة.
انحنى لها الداهية وبدل أن يرد على الفكرة بالفكرة، نحا منحى آخر مركزا على غضبتها وفوران دمها، قائلا إن هذا لا يليق بمقام رئيس للجمهورية. فاستشاطت غضبا مرة ثانية، وحاولت الانتفاض لكن خصمها مر إلى شيء آخر في حين بقيت تؤكد على هدوئها. وهنا، حسم كل شيء.
جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وحاز هولاند، الرئيس المنتهية ولايته، قصب السبق لتمثيل الحزب الاشتراكي في التمهيديات، لينازل ساركوزي المثقل بجراح عمقتها الأزمة المالية العالمية، وكان الرهان أن يسقط. استغل هولاند الفرصة وأعلن في خطابه الشهير ببورجي عداءه للمال عن كونه البديل الذي سيداوي جراح فرنسا ويخلصها من رئيس نزق. لم تكن العبارات القاتلة، هذه المرة، سوى الظهور بمظهر الرئيس العاديMoi , président normal، لو كنت رئيسا فلن...ولن..ولن، هكذا ردد في مقابلة الحسم في الدور الثاني وفاز بالرئاسة.
الساسة الفرنسيون ألفوا اللمز والهمز في الثنائيات التي تنظم في ما بينهم: تباح فيها الضربات ولا يهم مفعولها وأسلوبها ما دامت قادرة على إزاحة الخصم من الطريق. يتذكر الجميع كيف كان يتم التلويح بالتلميح إلى علاقة ميتيران ب Anne Pingeot وابنته مازارين في أكثر من مناسبة، وكم كانت عبارة "هل يمكن أن تجيبني les yeux dans les yeux" تجعل المتتبعين على التلفزيون يتفحصون ملامح الشخص وهو يحاول جاهدا البحث عن كلمات تشفي الغليل.
ويتذكر الجميع كيف ذبلت مارين لوبين حين دقق في وجهها ميلونشون وقال جملة معناها "إنك تتنفسين الحقد". ويتذكر الجميع، أخيرا، وحوشا سياسية حققت انتصارات بالضربة القاضية/الكلمة الموجعة (برنار طابي وجورج مارشي مثلا)، لكنها انهزمت أيضا بالسلاح نفسه.
سنتابع لقاء الرابع من أبريل، وسنتابع لقاء ما بين الدورين، وسنكتشف المزيد من الكلمات، ولو كان ذلك على حساب البرامج، في حملة فريدة من نوعها، حملة غير مسبوقة في تاريخ الجهورية الخامسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.