كثرت هذه الأيام التدوينات على الحساب الخاص لبعض ما يعرف ب"صقور حزب العدالة والتنمية"، قبيل وبعد إزاحة الأستاذ عبد الإله بن كيران، بعد فشله في المفاوضات مع الفرقاء السياسيين دون التمكن من تشكيل الحكومة، إذ يلاحظ أن هذا الحزب الذي اعتبر رائدا في احترام الديموقراطية الداخلية وتدبير الاختلاف، طرح مشكوك في صدقيته، وبعيد عن احترام المؤسسات وطرق التداول داخلها، وإلا كيف يفسر هذا التهافت والتدوينات على الفايس بوك وباقي الفضاءات التواصلية الأخرى. فالسيد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المحترم، صرح أنه لا يمكن أن يكون ابن عرفة، في إشارة إلى عدم إمكانيته خلافة ابن كيران، بعدما أصبح فشله واقعا ملموسا، فحبذا لو يخبرنا السيد وزير العدل والحريات بعدما عرفنا مالا يريده لنفسه، من المقصود بمحمد الخامس طيب الله ثراه، ومن المقصود بالمقيم العام الذي يرمز للاستعمار، حتى يزيل كل اللبس والإبهام عن الصورة البلاغية والتشبيه الحاصل بين واقع الأمس واليوم؟. في نفس السياق استعرض السيد العمراني واقع مكونات الحكومة الجديدة، بما أسماه ب"صلح الحديبية" وكأننا في مجتمع يشكل الكفر فيه قاعدة عامة، وأن الفتح حل بتعيين السيد سعد الدين العثماني، باعتبارها تمثل فئة المؤمنين، لذا فمصلحة المجتمع تقتضي العفو والصفح عن فئة الكفر، اقتداءا بما فعله الرسول عليه السلام مع الأقليات الدينية، خاصة اليهود والمسيح، لذلك تمنينا لو نور العمراني الرأي العام بنسب الكفر والإيمان في المجتمع المغربي ! وهم بذلك في تناقض تام، بين ما يعيشونه من بذخ وترف في الفيلات والقصور، وبين ما يحاولون إيهام العوام به، في استعراض لصور خارج زمانهم، تحتل مكانة خاصة في المتخيل الشعبي، فكلما استحضر الثرات الإسلامي،إلا واحتل المقدس ضمنه حيزا معينا، دون أن يتمكن عموم الناس من القيام بمقارنة بين المشير والمشار إليه. يبدو أنه أصبح واضحا من خلال التدوينات، أن مجموعة من هذه "الصقور" بدأت تقتنع بعدم جدوى هذا الخلط وطرق التمويه الذي ينهجه الحزب عموما، فالسيد بوليف علق على حائطه من خلال تدوينة قائلا: "لقد انهزمنا في بطولة كأس الديموقراطية" حسب تصوره لديموقراطيته، وتلك ماء العينين تضع شروطا مسبقة لمساندة حكومة العثماني ودعمها، والذي لن يتحقق إلا عبر تعاقد يتم بموجبه استكمال برنامج ابن كيران السابق، في حين هدد مجموعة من البرلمانيين التابعين للحزب، بعدم التصويت على البرنامج الحكومي المرتقب، باعتبارهم برلمانيو الشعب أولا وأخيرا. وهو ما يعني أن قيادات العدالة والتنمية، كانت مضبوطة وليست محكومة، ونأمل أن تتحرر أكثر في التعبير عن قناعاتها داخل مؤسسات الحزب مع السيد سعد الدين العثماني.