توقعت مصادر أمنية إسرائيلية، مساء الأحد، أن ترد حركة "حماس" على اغتيال القيادي في ذراعها المسلح، مازن فقهاء، ب"هجوم كبير وهادئ ومخطط له"، في ذات الوقت الذي توعدت فيه الحركة إسرائيل بتدفيعها "ثمنا باهظا". ونقلت القناة الثانية الإسرائيلية، عن المصادر، (لم تُسمها)، قولها: إن "حماس لن ترد بإطلاق الصواريخ، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى رد إسرائيلي قاسٍ، لذا فهي قد تعطي الأوامر إلى إحدى الخلايا التي شكلها الفقهاء في الضفة الغربية، بتنفيذ هجوم كبير، إما في الضفة نفسها أو في داخل الخط الأخضر (إسرائيل)". ويرى محللون سياسيون فلسطينيون أن كتائب "عز الدين القسّام"، الجناح المسلّح لحركة "حماس"، قد تنفذ عمليات ضد إسرائيل، بطريقة "غير تقليدية"، ردا على اغتيال فقهاء، مستبعدين أن تُشعل عملية اغتيال "فقهاء"، حرباً عسكرية جديدة، بين "حماس" وإسرائيل، في الوقت الحالي على الأقل. وأطلق مسلحون مجهولون، الجمعة الماضي، عدة أعيرة نارية تجاه القيادي القسامي فقهاء، باستخدام أسلحة "كاتم صوت"، من مسافة الصفر؛ أصابته في الرأس والجزء العلوي من الجسم، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وحمّلت كتائب "القسّام"، إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن اغتيال "فقهاء"، متوعدةً إياها ب"دفع ثمن هذه الجريمة بما يكافئ حجم الاغتيال". ووصف الجناح المسلح لحماس، عملية تصفية فقهاء، ب"الاغتيال الهادئ". ويعتبر محللون عملية الاغتيال هذه، أول اختبار "عملي" لقائد "حماس" الجديد في قطاع غزة، يحيى السنوار؛ لمعرفة مسار سياسة الحركة الجديدة في التعامل مع إسرائيل. المحلل تيسير محيسن، مدرس العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، قال إن "حماس" تمتلك من القدرات ما يمكّنها من الرد على اغتيال أحد قياداتها، "بطريقة غير تقليدية، وبنفس القدر والكيفية"، مضيفا بالقول: "هذا الأمر متروك للإمكانيات اللوجستية التي توفرها المقاومة حول قادة ورموز الجيش الإسرائيلي الذين يتجولون على الحدود مع قطاع غزة". ولفت "محيسن" إلى أن الرد بذات الطريقة "لن يكون فورياً، إنما يحتاج إلى المزيد من الوقت، للتجهيز والإعداد؛ وهذا ما بدا من بيان كتائب القسّام" مبينا أن عملية اغتيال فقهاء "الهادئة"، كان مُخطط لها بدقة شديدة، وتمت على أيدي محترفي "تصفية". وتابع:" هذا العمل منظّم وعلى مستوى كبير، أعتقد أنه قد اشترك في تنفيذه دوائر الاستخبارات الإسرائيلية والأجهزة العسكرية". ولا يستبعد المحلل السياسي أن تكون إسرائيل قد أدخلت شخصيات محترفة في عمليات الاغتيال، إلى غزة، عبر معبر بيت حانون (إيرز)، شمالي القطاع، تحت غطاء (شخصيات أجنبية) لتنفيذ هذه العملية. ولفت إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية، تتحدث عن دور "فقهاء"، وعملياته التي ارتكبها ضد إسرائيل، وكأنها ترسل رسالة للمجتمع الدولي بأن "هذا الرجل يستحق الموت". ولم تعقب إسرائيل، حتى اللحظة، على عملية الاغتيال، إلا أن "حماس" أكدت أن تل أبيب هي من تقف وراءها. واتفق المحلل السياسي طلال عوكل، الكاتب في صحيفة الأيام المحلية، مع محيسن، في أن رد "القسام"، لن يكون "تقليديا، وعاطفياً ومتسرعاً، إنما سيأتي لاحقاً بعد عملية تخطيط وتجهيز، ولن يشعل معركة جديدة في الوقت الحالي". ويرى عوكل أن "القسّام لديها إمكانيات وقدرة لتنفيذ عملية اغتيال مشابهة بذات الحجم والقوة، بحق قادة لدى إسرائيل"، مرجحا أن تُنفّذ "القسام ردّها في أراضي الضفة الغربية". وقال إن إسرائيل تحاول من خلال تنفيذ عملية اغتيالها في غزة، استفزاز كتائب "القسّام" والتعرف على سياسة قيادة "حماس" الجديدة في التعامل معها، مردفا: "عملية الاغتيال قائمة، سواء أكانت القيادة بغزة جديدة أم لا، إلا أن توقيتها الحالي يأتي لجس نبض القسّام بغزة، خاصة بعد انتخاب السنوار قائداً له، إذ أبدت إسرائيل اهتماماً ملحوظاً بعملية انتخابه". وأسفرت انتخابات حركة "حماس" الداخلية، التي بدأت في 3 فبراير الماضي، عن فوز يحيى السنوار (المحسوب على الجهاز العسكري للحركة) برئاسة الحركة في قطاع غزة. واتفق مصطفى إبراهيم، المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني في عدد من الصحف المحلية، مع سابقيه في أن الجناح العسكري لحماس "لم يكن عاطفيا في بيان الحركة، إنما توعد برد مكافئ لعملية الاغتيال، وهذا الرد يحتاج إلى تخطيط وإعداد"، مستبعدا أن تُشعل عملية اغتيال "فقهاء"، حرباً جديدة بين الحركة وإسرائيل، في الوقت الحالي. وأضاف:" إسرائيل تريد أن توصل رسالة لحركة حماس أننا قادرون على الوصول إليكم أينما كنتم"، مشيرا إلى أن العملية "خُطط لها بشكل دقيق؛ ما يعني أنها احتاجت لفترة طويلة من الإعداد والتجهيز". وعلى الرغم من عدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن هذه العملية، إلا أن بصماتها تتواجد في مكان الجريمة، على حدّ قول إبراهيم. ومضى بقوله: "تتشابه أحداث عملية الاغتيال مع عمليات سابقة نفّذتها إسرائيل". وقالت وزارة الداخلية التي تديرها حركة حماس في القطاع، إنها فتحت تحقيقاً عاجلاً حول عملية "اغتيال" فقهاء. ووفق تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عام 2013، كان القيادي الراحل ضمن الأشخاص الذين تضعهم إسرائيل على قائمة "التصفية" التي تضم عددا من محرري صفقة "شاليط"، نظرا "لدوره في الإشراف على إدارة العمل العسكري لحماس في الضفة الغربية، وتجنيد العشرات من الخلايا الميدانية هناك". وفقهاء، من مواليد بلدة طوباس، شمالي الضفة الغربية، عام 1979. حصل على شهادة البكالوريوس في "إدارة الأعمال" من جامعة النجاح الوطنية، عام 2001. وخلال فترة دراسته، التحق بكتائب القسام. وشارك فقهاء، في عدة عمليات، نفّذتها كتائب القسام، من بينها مهاجمة المستوطنين وجنود إسرائيليين في الضفة الغربية. وفي غشت 2002، اعتقله الجيش الإسرائيلي وتم الحكم عليه بتسع مؤبدات وخمسين عاماً إضافياً. وقضى الراحل، 10 سنوات متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، إلى أن أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، عُرفت باسم "صفقة شاليط"، وتم إبعاده إلى قطاع غزة. وبموجب الصفقة التي نفذت في 11 أكتوبر 2011، وتمت برعاية مصرية، أطلقت إسرائيل سراح 1027 معتقلا فلسطينياً مقابل إطلاق "حماس" سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.