يضمّ كتاب "نبي أورفليس المسلح" للكاتب والباحث المغربي محمد بلال أشمل، تسعة فصول هي: "نبي أورفليس المسلح أربعة تجليات لكاميلو توريز مسيحيون في الثورة الدين والثورة عند الأب إرنستو كاردينال لاهوت التحرير ومشروع الحياة حاشية على لاهوت التحرير النسائي لاهوت التحرير على ضوء التبشير الجديد لاهوت التحرير الإسلامي من الاستحالة إلى الإمكان الحركة الشيوعية الوطنية المسلمة. ولئن كانت مادة هذا الكتاب من بين مشاغل أشمل اليومية، باعتباره باحثا في قضايا الفكر والفلسفة الإسلامية منذ ما يقارب عقدين ونيف من الزمن، فإن القضية التي يثيرها هذا الكتاب تستحق الإهتمام حتى ولو كانت، بحكم طبيعتها، مثيرة للجدل. ويشير المؤلف، في تمهيده للكتاب، إلى أن مادته هي بعض من أبرز "اللّمع التي عنت لجيلنا حول مسألة الدين كعامل من عوامل الثورة والتغيير، انطلق يعبر عنها وقلبه على الوضع الحضاري العام، وسعى إلى التفكير فيها وعينه على تجارب غيره من الحضارات، ومضى إلى تمحيصها وعقله على مقتضيات البعث الحضاري لدى غير دينه من الديانات. وجميعها مكتوبة بتلك الروح التواقة إلى التغيير، والمشتاقة إلى التثوير، والشغوفة بالتنوير". وفي تقديمه للكتاب، يقول أستاذ الفلسفة المعروف د. حسن حنفي إن "لاهوت التحرير موجود في كل ثقافة" باعتباره "إعادة فهم الدين طبقا للتركيب الطبقي للمجتمع". ويقول "يوظف الدين في الطبقة العليا كأفيون الشعب، وفى الطبقات الدنيا كصرخة للمضطهدين، وفى الطبقة الوسطى كشعائر وطقوس وعبادات وحلال وحرام للحفاظ على التركيب الطبقي للمجتمع باعتبار أن الطبقة الوسطى هي المستفيدة منه، بمشاركة الطبقة العليا في بعض المغانم واستغلال الطبقة الدنيا في بعض الجهود". ويضيف الدكتور حنفي ان "أهمية المقارنة هي في بيان مدى تأخر علم الكلام الإسلامي عن اللحاق بعلم الكلام المعاصر، وكيف أنه مازال غارقا في مشاكل اللاهوت القديم، نظرية الذات والصفات والأفعال، وقضايا الجبر والاختيار، الإيمان والعمل، والنبوة والأخرويات، والمعجزات والكرامات، وضرورة التوجه نحو علم كلام جديد يقدم لاهوت التحرر، ولاهوت الثورة، ولاهوت الوحدة، ولاهوت العدالة الاجتماعية، ولاهوت التنمية، ولاهوت الهوية الوطنية، ولاهوت حشد الجماهير، وهي القضايا السبع الرئيسية لمواجهة تحديات العصر، وكما بدا ذلك كله في "قضايا إسلامية معاصرة" التي تصدر في قم - إيران منذ ما يقرب من عشر سنوات". وحسب الدكتور حنفي فإن لاهوت التحرر يقوم "على أنثروبولوجيا الدين كما بدت عند شليرماخر وفيورباخ. فالدين نزوع إنساني، رغبة في الكمال، واتجاه نحو المطلق. والخلاف فقط في الاتجاه، هل الكمال أو المطلق خارج العالم، نحو الأعلى كما هو الحال في الاغتراب الديني أم داخل العالم نحو الأدنى كما هو الحال في الالتزام الديني؟ وكل محاولة للدفاع عن حقوق الإنسان بالإضافة إلى حقوق الشعوب هو تمهيد ثقافي لتأسيس لاهوت التحرير إما ابتداء من الله - الإنسان كما هو الحال في المسيحية أو من استخلاف الله الإنسان في الأرض، وحمل الإنسان الأمانة كما هو الحال في الإسلام. وفي كلتا الحالتين خلق الله الإنسان على صورته ومثاله". ويشير الدكتور حنفي إلى أن "لاهوت التحرير ليس جديدا على الفكر الإسلامي قديما وحديثا. بل إن أول من انضم إلى الإسلام منذ الإعلان عنه الفقراء والمستضعفون وعبيد مكة. وأول من عاداه الأغنياء والسادة وأشراف مكة. واستمر أبوذر الغفاري في هذا التيار الإسلام لصالح الفقراء والمستضعفين ضد الأثرياء والحكام والأمراء والولاة الذين تراكمت لديهم رؤوس الأموال، وبنوا القصور والمساجد، والحصون والسجون. كما قامت ثورة القرامطة والزنج في بغداد دفاعا عن المضطهدين. وفي العصر الحديث قدم الإصلاح الديني عند الأفغاني والكواكبي وعلال الفاسي ومحمد إقبال والمهدي والسنوسي وعبدالحميد بن باديس وآخرين أنواعا من لاهوت التحرير تبدأ بالاستنارة العقلية، والتحول من العبادات إلى المعاملات، ومن الدين في القلب إلى الدين في التاريخ، ومن العقيدة في الإيمان إلى الثورة في الواقع". ويرى الدكتور حنفي ان لاهوت التحرير يعتمد "على الثقافة الوطنية وليس على الثقافة الوافدة. ولما كانت المسيحية أو الإسلام ثقافة موروثة ارتبط لاهوت التحرير بالموروث الثقافي. ولا يمكن تأسيسه في ثقافات العالم الثالث على موروث ثقافي غربي هي الماركسية وكما يحاول بعض الماركسيين العرب". لعل ما يميز كتاب "نبي أورفليس المسلح" لمحمد بلال أشمل أنه "يتناول موضوعا واحدا عبر تجليات متعددة الصور والزوايا. وذلك عدا عن أنه دافع نبيه المسلح ليس من داخل المنظور الإسلامي وحده، وانما من منظور "الفقه" اليساري، الماركسي والمسيحي أيضا".