سيصبح يوم 8 مارس 2017 في مدينة الحسيمة يوما تاريخيا بامتياز، هو يوم استطاعت فيه المرأة الريفية بمدينة الحسيمة ونواحيها تغييرت صورة المرأة الريفية، يوم الثامن من مارس الجاري، هو تاريخ تغيير الميز بين الرجل والمرأة في هذه المنطقة، كما وقر في أذهان بعض الملاحظين، حيث كانوا يعتقدون أن المجتمع الريفي يتحكم فيه الذكور، هو يوم فعلي لحرية المرأة، يختلف عن الاحتفالات المنافقة التي تطبل لها بعض الأوساط التي تنافق بترديد المساواة التي لا تطبقها ولا تؤمن بها. في هذا اليوم برزت المرأة الريفية بعدة مميزات،نذكر منها على سبيل المثال، وكما تم ملاحظته: 1-هو الكثرة العددية، حيث نقلت وسائل الاعلام أرقاما تعد بالآ لاف. 2- الوعي السياسي العميق بالهوية الأمازيغية بترديد الشعارات بلغتها، والانفتاح على التنوع اللغوي، دفعا لكل ادعاء مغرض، وحمل رايتها الوحدوية المشتركة مع أمازيغ الدنيا أينما وجدوا. 3- تنوع الأعمار من الجدات إلى البنات إلى الحفيدات الشابات .... 4- المشاركة مع الذكور، فلم تكن مسيرة نسوية بالمعنى الضيق بل اشترك الذكور مع النساء مشاركة نضالية، وعائلية، لتجسيد المساواة، ولتجسيد القيم المرتكزة على احترام الجنسين لبعضهما بدون الفصل بينهما بشيطنة العلاقات كما يفعل الذين ينظمون المسيرات بعزل الذكور عن الإناث وكأن احترام بعضهما للبعض يقتضي العزل وفرض قيود الألبسة التي تمنع إظهار جمال المرأة أمام الذكور... 5- تعبير المرأة عن انخراطها في مطالب كل المجتمع الريفي التي عبر عنها في مختلف فترات التاريخ والتي تجددت حرارتها بعد طحن محسن فكري. 6-التعبير عن الوعي العالمي بحقوق المرأة، ويظهر ذلك من اختيار 8مارس اليوم العالمي، لتنذر من يفهم أن المرأة الريفية تجاوزت حالة الانعزال في البادية إلى الوعي بأن هذا اليوم المشترك مع نساء العالم سيعطيها قوة مستقبلية ليسمع صوتها لدى كل المؤمنين بالمساواة والحريّة .... 7- أن المرأة الريفية خرجت لنفسها، وبإرادتها وليست مدفوعة لغاية مخزنية ولا لخدمة خطة انتخابية مأجورة، وهذا مايؤكده غياب الهياكل المفروضة برخص السلطة من جمعيات وأحزاب ونقابات.... وليس من السهل أن تخرج المرأة الريفية بكل هذه الخصائص والفضائل دفعة واحدة، وفي مناسبة عالمية لو لم تكن هناك أسباب موضوعية نحاول فهمها والتعامل معها بنظرة واقعية. ولذلك يبقى من مهام كل من يريد الخير لمجتمعنا أن يعرف أن ثقل الضغوط المادية والمعنوية وهضم حقوق الشعب وصل إلى عمق الأسر التي لم تعد تستطيع أن تبقى منعزلة وخائفة ومحتجبة متفرجة، فليس من السهل كما ظهر في مسيرة الحسيمة أن تصحب المرأة صغارها وهم أغلى من كل شيء إلى مسيرات معرضة لمخاطر القمع في جو توجد فيه المنطقة في توتر دائم وتحت التطويق...وتحت مخاطر جرائم «العياشة". وخروج المرأة بأطفالها ليس مغامرة ولا حبا في الاستعراض، بل هو تأكيد على العزم على التضحية بالنفوس والأبناء والبنات من أجل فرض المطالَب التي تقدم بها السكان بكل أنواعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.... لقد سجلت مسيرة 8 مارس 2017، تقدما تنظيميا وخبرة محلية في إقناع السكان والأسر بالمشاركة السياسية السلمية بكثافة، وهو ما سيجعل هذا النموذج الريفي الجديد قدوة جديدة لمجتمعات شمال أفريقيا، كما كانت الثورة الريفية في أوائل القرن الماضي نموذجا للمقاومة وحرب التحرير التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي. فتأست به شعوب أخرى في معركتها التحررية، واستفادت …وأفادت !!