رصدت دراسة اعتمدت على بحوث ميدانية أنجرتها جمعية "أطاك" واقع القروض الصغرى في المغرب، وكشفت "حجم العواقب الاجتماعية والاقتصادية" للسلفات الصغرى على الزبناء. وخلافا لما تحاول مؤسسات التمويل الأصغر إثباته، خلصت "أطاك" إلى أن السلفات الصغرى تبقى عاجزة عن انتشال الحاصلين على قروضها من الفقر. وأشارت الدراسة إلى أن للسلفات الصغرى أضرارا كبيرة على المقترضين؛ ذلك أن نسبة كبيرة منهم لا يتمكنون من إقامة المشروع المدرّ للدخل الذي كان خلف الاقتراض، وحتى القروض التي تمنح من أجل السكن أو الاستهلاك تؤدي بأصحابها إلى فرط الاستدانة. هذا المعطى أكدته فاطمة الزهراء البلغيتي، منسقة الدراسة، التي قالت في تصريح لهسبريس: "استنادا إلى نتائج البحث، فإن 40 في المائة من القروض توجه إلى الاستهلاك المباشر والحاجيات اليومية، كما أن هذه القروض لا تساعد على خلق مشاريع ولا تعطي لها الوقت". وأبانت الدراسة عن مدى الثقل الذي يخلقه التسديد الدوري للأقساط؛ إذ هناك من يتخلى عن تعليم أبنائه، ومن النساء من لجأن إلى امتهان الدعارة من أجل الأداء، بل هناك حالات لجأت إلى التسول، أو في أحسن الأحوال إلى بيع المدخرات وأثاث المنزل من أجل استكمال التسديد، خاصة في المناطق القروية التي تفتقر إلى نسيج اقتصادي مشغل للساكنة. "وبهذا نستخلص أن هدف السلفات الصغرى هو أبعد من محاربة الفقر، إنها وسيلة جديد للمتاجرة في فقر الفقراء. وبدلا من أن تؤمن الدولة الشروط الضرورية للعيش، من شغل قار وصحة وتعليم وسكن لائق، جعلت مؤسسات التمويل الأصغر من هذه الحاجيات سوقا ذات مردودية مالية"، تقول الدراسة. وبناء على البحث الميداني لدى ضحايا القروض الصغرى، أكدت خلاصات الدراسة أن السلفات الصغيرة ليست سوى أداة لتكريس التفاوتات الاجتماعية، وإغناء الرأسمال الكبير المالك للرأسمال المالي؛ "فمقابل كل ثلاثة مليارات درهم مقدمة كسلفات صغيرة تنتزع من الفقراء أرباحا تفوق مليار درهم"، تقول "أطاك". وبحسب الدراسة ذاتها، فإن مؤسسات للتمويل الأصغر تلجأ إلى ممارسات غير قانونية أثناء التعاقد، كالحصول على رضى الزبون باستعمال التدليس عن طريق إخفاء الشروط المتضمنة في العقد، وخاصة معدل الفائدة الفعلية الإجمالية، أو حمل الزبون على قبول الشروط بالإكراه، وباستغلال وضعية الفقر المدقع، وضعف تجربة وإدراك المدين؛ "فتفرض هذه المؤسسات معدلات فائدة فاحشة على زبنائها"، تؤكد فاطمة الزهراء البلغيتي. وأوضحت البلغيتي أنه خلافا للخطاب الرسمي، ومن خلال التجربة الميدانية، فإن "معدلات الفائدة تصل إلى 33 في المائة، وتتجاوز في بعض الأحيان هذه النسبة، علما أن الفوائد في القطاع البنكي لا تتجاوز 14 في المائة"، بالإضافة على أن مؤسسات التمويل الأصغر "تفرض على المقترضين أن يردوا الدين في ظرف 15 يوما أو شهر كأقصى تقدير"، بتعبير البلغيتي التي شددت على أن "هذا النظام بعيد على أن يكون في صالح الفقراء".