مجهول يقتل مثقفاً وبائع كتب عراقي، من دون سبب واضح، ولم يعرف أبداً اسم القاتل أو دوافعه. موت المثقف "محمود المرزوق"، جاء مشابهاً لحياته، إذ عاش على الهامش، واستمر فيه بموت مجاني لا يليق برجل يحفظ التاريخ بين عينيه وبين وجدانه وأوراقه. المرزوق، هو بطل رواية "مقتل بائع الكتب"، للروائي والباحث العراقي محمد سعد رحيم، التي صعدت الي القائمة القصيرة للبوكر ضمن 6 روايات عربية أخرى. والروايات الست هي "السبيليات" للكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، "موت صغير" للسعودي محمد حسن علوان، "زرايب العبيد" للروائية الليبية نجوي بن شتوان، "في غرفة العنكبوت" للمصري محمد عبد النبي، "أولاد الجيتو - اسمي آدم " للبناني الياس خوري، بالإضافة إلي "مقتل بائع الكتب". وصدرت الرواية لأوّل مرة العام 2016 ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2017، ثم ارتقت لتدخل القائمة القصيرة لترشح للفوز بالجائزة. ويعيد محمد سعد رحيم رواية التاريخ المعاصر للعراق، عبر تحقيق استقصائي يبدأ مع وصول صحفي يقوده الفضول ويدعى "ماجد بغدادي" إلى مدينة بعقوبة (60 كم شمال بغداد)، في مهمة استقصائية، تمتد لشهرين، كلّف بها من قبل شخص ثري متنفذ، لن نعرف هويته. وضمن أحداث الرواية نجد نفسنا أمام مجهول أول وأساسي يريد أن يعرف سبب الموت المجاني لواحد من العراقيين كان ينبغي له أن يكون ملء السمع والبصر حياً وميتاً، طبقا لما حصدته يداه وعقله ووجدانه. وكان الاتفاق يقتضي من الصحفي تأليف كتاب يكشف فيه أسرار حياة بائع الكتب والرسّام "محمود المرزوق"، الذي قتل وهو في السبعين من عمره، وكشف ملابسات مقتله ويقيم الصحفي علاقات مع معارف الراحل وأصدقائه. وتتوالي المفاجات عن القتيل - المجهول تقريبا - ويعثر على دفتر دوّن فيه المرزوق بعض يومياته، التي تؤرخ لحياة المدينة منذ اليوم الأول للغزو الأمريكي واحتلال العراق (2003). ويعثر الصحفي على رسائل متبادله له مع امرأة فرنسية تعمل عارضة فنون (موديل) للرسّامين تدعي "جانيت" وتؤكد الأوراق أن علاقة عاطفية كانت تربطه بها خلال فترة لجوئه إلى باريس. وتتكشف شخصية "المرزوق" من هذه المصادر والقصّاصات وغيرها، وتظهر فصول من حياته المثيرة غير المستقرة، وعلاقاته وصداقاته مع النساء والرجال، وتجربته السياسية في العراق، ومن ثم في تشيكوسلوفاكيا، وهروبه منها إلى فرنسا، ويبقي سبب القتل مجهولاً. وفي رصده لتفاصيل نضال "المرزوق" يكتشف القارئ أسباباً عديدة تفسر دوافع قتل رجل مثله بدءاً من ثقافته الواسعة، وحى تدوينه لتاريخ احتلال العراق منذ اليوم الأول. ويؤكد الراوي، بهذه الانعطافة الدرامية المفاجئة، أن المرزوق ليس شخصاً عادياً أبداً، فمنذ اللحظة الأولي لظهوره الروائي يشعر القارئ أنه التقاه في منتديات القاهرة، أو الصالونات الثقافية لبغداد، أو معارض الفن التشكيلي في الجزائر، أو حتي جاوره في مظاهرة، فهو رسام وعاشق للموسيقى والأدب واللغات والكتب والجمال والعلاقات الإنسانية. ويختصر البطل تاريخاً من النضال، سواء داخل العراق أو خارجه، ليكشف محمد سعد رحيم عن قصة تكررت لعظماء بلا عدد شاءت أقدارهم أن يعيشوا مجهولين ويموتوا من دون أسباب واضحة في أرض الوطن أو خارجه. وتقدم الرواية بلغة رشيقة وسلسلة صورة للنخبة ولنشاط الصالونات الأدبية. وقال الراوائي العراقي محمد سعد رحيم، في تصريحات صحفية، عن روايته،: كتبتها بلغة حاولت أن تكون بسيطة، متجنبًا التجهيل، فليس ثمة راوٍ يحكي لنا عن كل شيء بوضوح مؤكد، وحتى الشخصيات تشكِّك ببعض التفاصيل التي تسردها، وتتكرر خلال الصفحات كلمات من قبيل (ربما، لعلّ، قد، لا أدري، لست واثقًا جدًا). والروائي سعد محمد رحيم ولد في ديالي (شمال شرقي العراق) العام 1957، عمل في الصحافة، ونشرت أعماله في بعض الصحف والدوريات العراقية والعربية، وله إنتاج فكري وأدبي، ومن كتبه المنشورة "الصعود إلى برج الجوزاء" ، 1989 "ظل التوت الأحمر" 1993، "نهي والبحر" 2000، "بغداد"، و"تحريض" 2004. حصل رحيم علي عدد من الجوائز، بينها جائزة الإبداع الروائي العام 2000، جائزة أفضل تحقيق صحفي بالعراق العام 2000، وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق منذ العام 1987. ويعلن اسم الفائز بجائزة "البوكر" العربية 27 إبريل المقبل، في احتفال بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، عشية افتتاح معرض "أبو ظبي الدولي للكتاب". ويحصل كل من المرشحين الستة في القائمة القصيرة على عشرة آلاف دولار، في حين يحصل الفائز بالجائزة على خمسين ألف دولار إضافية. *الأناضول