قدم الملك محمد السادس خلال انعقاد النسخة الثانية من المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، بمناسبة يومها العالمي، أربع رهانات من أجل بناء النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية. الملك، وضمن رسالة وجهها إلى المشاركين في المنتدى ذاته، تلاها حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، قال إن "الرهان الأول يتمثل في مأسسة آليات الحوار الاجتماعي مبسطة في مسطرتها واضحة في منهجيتها وشاملة لأطرافها ومنظمة في انعقادها، ذات امتدادات ترابية واضحة وأدوار متكاملة وذات قدرة استباقية؛ فيما الرهان الثاني يتمثل في ضرورة توسيع موضوعات الحوار الاجتماعي لتشمل قضايا جديدة، أبرزها قضايا المساواة الفعلية ومكافحة التمييز بين الجنسين في مجال العمل والقضاء بالفعل على تشغيل الأطفال، مع ضمان شروط العمل اللائق للأشخاص ذوي الإعاقة وتأهيل القطاع غير المهيكل لتوسيع مجالات وفرص العمل اللائق". الرهان الثالث يتمثل حسب الملك محمد السادس، في "ضرورة بناء المنظومة الجديدة للحوار الاجتماعي، باستحضار متطلبات المساواة بين الجنسين ومقاربة حقوق الإنسان والتزامات بلادنا بمقتضى اتفاقيات منظمة العمل الدولية ومتطلبات التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية". ويتمثل الرهان الرابع، حسب الرسالة الملكية، في اعتبار مأسسة الحوار الاجتماعي مدخلا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. وشدد الملك، في رسالته، على أن "الحوار الاجتماعي يشكل أحد المرتكزات الهامة لمفهوم العمل اللائق كما أقرته منظمة العمل الدولية، كما أنه موضوع يمثل مدخلا أساسيا للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وأحد المرتكزات الهامة لمفهوم العمل اللائق كما أقرته منظمة العمل الدولية". وأكد العاهل المغربي على أن "نجاعة آليات الحوار الاجتماعي لا تقاس بوجودها ومدى انتظام عملها، وإنما بما تنتجه من آثار ملموسة على مستوى الممارسة اللائقة وتحقيق السلم الاجتماعي والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والدامجة لمختلف فئات المجتمع وبلوغ الغاية المثلى وهي تحقيق العدالة الاجتماعية". وأشارت الرسالة الملكية بشكل خاص إلى المهام والأدوار الدستورية للمنظمات النقابية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين والالتزام الايجابي للسلطات العمومية بالعمل على تشجيع المفاوضة الجماعية وإحداث هيئة للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. وطرح المصدر عددا من التساؤلات، أبرزها: "كيف يمكن العمل على استثمار نجاحات وكذا إخفاقات المنظومة الحالية للحوار الاجتماعي من أجل الانتقال إلى منظومة جديدة؟ وكيف يمكن تحقيق تكامل الأدوار بين مختلف آليات الحوار الاجتماعي الموضوعاتية والقطاعية والترابية؟ وكيف يمكن تقوية القدرة الاستباقية لآليات الوساطة عبر الحوار الاجتماعي في سياق متسم ببروز أنماط جديدة من علاقات العمل وقضايا جديدة تتجاوز نزاعات العمل الكلاسيكية وتقوي الطلب المجتمعي المشروع بخصوص الولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والترابي؟". وتضيف الوثيقة نفسها كما تلاها بنشماش: "لقد شكل الحوار الاجتماعي مبدأ ومنهجا دعونا منذ اعتلاء عرش أسلافنا المنعمين مختلف أطراف علاقات العمل إلى اعتماده ومأسسته بوصفه اختيارا إستراتيجيا لبلادنا التي أقرت منذ دستور 1962 بالطابع الاجتماعي لنظام الملكية الدستورية. ومن هذا المنطلق عملنا على توطيد وتطوير مكتسبات الحوار الاجتماعي المحققة على عهد والدنا الراحل". وتابع الملك من خلال الرسالة ذاتها: "كما دعونا الحكومات المتعاقبة إلى الاهتمام بالتشاور بين الأطراف الاجتماعية وتبني مقاربات ملائمة لتأسيس وتنظيم العلاقات المهنية والسهر على تعزيز وتطوير آليات وأنساق الحوار الاجتماعي"، مذكرا بأنه "تم وضع ترسانة قانونية هامة تم على إثرها إحداث مجموعة من آليات التشاور والمفاوضة والتوفيق وحل النزاعات؛ كما أنشئت عدة مجالس ولجان لتفعيل الحوار بين أطراف الإنتاج".