في الوقت الذي أبدت فيه مصادر حزبية مقربة من المشاورات الحكومية، تفاؤلا بخصوص إمكانية حل "البلوكاج" الذي دخل شهره الخامس، وذلك بعد استئناف اللقاءات بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ورؤساء كل من التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، طالبت العديد من الأصوات بضرورة تدخل الملك بناء على الفصل 42 من الدستور. وبررت الأصوات المطالبة بتحكيم الملك بكون مؤسسات الدولة أصبحت تعرف حالة من العطالة غير المسبوقة، والتي سيكون لها تأثير على السير العادي لها، وهو ما اعترض عليه الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري عبد الإله السطي في تصريح لهسبريس. وقال السطي، "ليس بين الأحزاب السياسية، التي تخضع لمنطق التدافع والتنافس السياسي، وهو ما يعني أنه من الناحية الدستورية تبقى مجالات الفصل 42 مغلقة في مسألة بناء الأغلبية الحكومية"، معتبرا "أن تشكيل الأغلبية تبقى شأنا حزبيا خاضعا لمنطق التوافقات التي يقيمها رئيس الحكومة المعين مع باقي الفرقاء السياسيين". وسجل السطي، أن هناك بعض البوادر التي أخذت تلوح بانفراج أزمة بناء الأغلبية الحكومية، مشددا على أنه "ليس من المنطقي ولا من مصلحة أي طرف أن تستمر المؤسسات الدستورية في حالة عطالة لأزيد من أربعة شهور". وأبرز الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط، أنه "في الغالب الأعم ستلجأ الأحزاب المعنية بالتحالف الحكومي إلى بعض التنازلات والتراجعات حتى تلين المواقف المتعارضة فيما بينهم، مع حفظ وجه الجميع ومكانته الانتخابية"، مشددا على أن "استئناف المشاورات الحكومية في هذا الشأن، وخفوت حدة التصريحات والاتهامات الحزبية في شأن المشاورات الحكومية خير دليل على ذلك". وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث نفسه، أن العودة الملكية من الديار الإفريقية، ستشكل تدشينا للحل النهائي لهذه الإشكالية، مبرزا أن غياب الحل سيكون مرده أزمة حقيقية لإشكالية التحالف الحكومي، والتي تقتضي معها اللجوء إلى الخيارات التي يتيحها الدستور في هذا الباب. ويحيل الفصل 42 من الدستور، على مجموعة من الاختصاصات السيادية والرمزية للملك، باعتباره رئيس للدولة، ورمز وحدتها، وضامن دوامها واستمرارها، والساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة، والضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة، ويمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور. وأكد السطي في هذا الاتجاه، "نحن أمام مجالات تعبر عن سلطات الملك السيادية والتحكيمية التي تدخل ضمن المجال المحفوظ للملك"، موضحا أنه "بالنسبة للتأويلات التي اتجهت نحو توظيف هذا الفصل لحل إشكالية الأغلبية الحكومية من خلال حقل التحكيم، فهو توجه يجانب الصواب على اعتبار أن التحكيم يكون بين المؤسسات الدستورية، حيث يتدخل الملك كحكم بين المؤسسات في حالة نشوب خلاف بين مؤسسة الحكومة والبرلمان، الذي قد يهدد السير العادي لوظائف هذه المؤسسات".