على مدار تاريخ البطولات العالمية، على غرار الألعاب الأولمبية، تميزت الدول الإفريقية، وخاصة إثيوبيا، بتخريجها الأبطال في مختلف مسابقات اللعبة وشتى الأعمار. وسعت إثيوبيا، في السنوات الأخيرة، إلى صقل المواهب عبر الاستفادة من أبطالها الكبار الذين تمكنوا من الصول والجول في مختلف البطولات القارية والعالمية، وتحقيق مراكز متقدمة، والتتويج بالميداليات الذهبية والفضية والبرونزية. وفي هذا الإطار أصبحت مدينة "سولوتا"، في إقليم الأورومو الواقع على بعد 26 كيلومترا شمال العاصمة أديس أبابا، قبلة الرياضيين الدوليين والمحليين في إثيوبيا، بفضل مركز "قرية يايا إفريقيا" لتدريب ألعاب القوى، الذي تم إنشاؤه قبل 5 سنوات. وقرية يايا إفريقيا مركز تدريب ومعسكر كبير تم تخصيصه لألعاب القوى في مدينة "سولوتا"، على مساحة 5000 متر مربع، وهي منطقة تقع على ارتفاع أكثر من 2700 متر، وتتوفر بها الغابات والتلال الخضراء، وتتمتع بحالة طقس جيدة للتدريب، خاصة في الفترة من يونيو إلى شتنبر، وتضم القرية صالات للرياضة والسباحة والساونا وألعاب داخلية وخارجية. وعن مميزات قرية يايا، التي تعني "السعادة" باللغة العربية، يقول نائب مدير القرية، يميسا بوتو، إن "حب الرياضة يعد أحد أهم ما يميز أهل هذه المنطقة، حيث تبدأ النخب الرياضية وهواة اللعبة المفضلة من الرجال والنساء، في ملابسهم الرياضية بألوانها المختلفة، يتوافدون في مجموعات صباح كل يوم، نحو منطقة ويساربا". وأوضح المسؤول أن منطقة ويساربا هي "ساحة مفتوحة، كان يرتادها هواة ألعاب القوى، وأصبحت فيما بعد مركزًا لتدريب اللعبة، أطلق عليه قرية يايا إفريقيا لألعاب القوى، تشرف عليه إدارة مدينة سولوتا"، وأضاف أن المنطقة لاقت إشادة من قبل العديد من الرياضيين لمدى ملاءمتها لتدريب ألعاب القوى. ولفت الانتباه إلى أن المركز تأسس قبل خمس سنوات، بجهود المهتمين باللعبة من أهل القرية، وبمشاركة الرياضي الإثيوبي الشهير هايلي جيبري سيلاسي (43 عامًا) الذي يعد أشهر عداء إثيوبي للمسافات الطويلة على مستوى القارة الإفريقية والعالم، وفاز بلقب بطولة العالم أربع مرات، وأحرز ميداليتين ذهبيتين في الألعاب الأولمبية، وحقق العديد من الأرقام القياسية في سباق العدو، واعتزل اللعب قبل عامين، وتم انتخابه رئيسًا للاتحاد الإثيوبي لألعاب القوى في نونبر 2016 لمدة أربعة أعوام. وأشار بوتو إلى أن "المركز أصبح قبلة لهواة ومحترفي رياضة ألعاب القوى من مختلف البلدان إضافة إلى مشاهير إثيويبا"، وأوضح أن شخصيات بارزة تأتي إلى هنا للتدريب، مثل البطل العالمي الرياضي البريطاني من أصول صومالية محمد فرح. وتابع نائب مدير القرية بالقول إن "الخطط المستقبلية للمركز تشمل زيادة عدد الغرف ووضع اللمسات الأخيرة على العمل الجاري لبناء ملاعب أخرى؛ كالتنس وكرة اليد وبناء المدرجات" معربًا عن أمله في تحقيق الهدف الرئيسي للقرية بجعلها أفضل وجهة لأبرز الرياضيين الأفارقة والعالميين. فيما عبّر "ايانو زرقو"، المدرب في القرية منذ 3 سنوات، عن فخر بلاده بالعداء العالمي سيلاسي، وقال: "إذا كان هناك معيار للقرية فهو سيلاسي نفسه، لأن لديه الفرصة للسفر حول العالم ونقل التجربة العالمية والنماذج الدولية من المرافق المماثلة". وأوضح زروقو أن "سيلاسي هو المدير والمشرف على القرية، ويمثّل بجانب كفاءات المدربين وإخلاصهم وسلامة المرافق الرياضية، أحد أهم عوامل جذب اللاعبين العالميين الذي بدأوا في القدوم للاستفادة من التدريب بها. لكنه أشار في نفس الوقت إلى وجود مصاعب في مساحات التدريب، في الفترة الأخيرة، جراء تزايد السكان والمباني الجديدة بالمنطقة المحيطة بالقرية، مناشدًا الجهات المسؤولة بإيجاد حل لهذه المشكلة والحد من تزايد المباني حول القرية الرياضية. أما العداءة "ماري ديبابا" فقالت إنها تفضل تلقي تدريباتها في مثل هذه المساحات المفتوحة، وسط مناظرها الطبيعية الخلابة وطقسها المناسب للتدريب. وديبابا عداءة إثيوبية لمسافات طويلة من مواليد مدينة "سولوتا" توجت بالميدالية البرونزية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، وحصلت على المركز الثاني في ماراثون شيكاغو إلى جانب فوزها بالمركزين الثاني والثالث في ماراثون بوسطن بالولايات المتحدة عامي 2014 و2015، وسباق المرأة في العاصمة الصينية بكين 2015. وحول تجربتها الرياضية أوضحت ديبابا أنها تأثرت كثيرًا في تجربتها بمواطنتها برهاني اديري، ومواطنها ابيبي ميكونين، وقالت إن "نجاحهما في هذا المجال وتمكنهم من الفوز بالعديد من السباقات؟ شجعني أكثر في المضي قدمًا في لعبة العدو". وبرهاني اديري وابيبي ميكونين هما من مشاهير رياضة المارثون في إثيوبيا، ومن مواليد مدينة سولوتا أيضًا، وحققا العديد من الانتصارات في المسابقات العالمية. فيما أشادت ليزا دييزا، العداءة الإثيوبية للمسافات الطويلة، من مواليد المنطقة التي أنشئت عليها يايا إفريقيا بالقرية التدريبية، وقالت إن "المنطقة تمتلك جميع الظروف المناسبة للتدريب، مثل وتتوفر فيها التلال والغابات، وما يكفي من الأوكسجين، إضافة للأرض المسطحة المغطاة بالعشب". وحصلت دييزا على أول ميدالية دولية في بطولة ألعاب القوى الإفريقية للناشئين عام 2009 في جزر موريس، وحصلت على الميدالية الذهبية لمسافة 10 آلاف متر، كما فازت في ماراثون بوسطن عامي 2013 و2015، وماراثون دبي عام 2011. * وكالة أنباء الأناضول