المشاريع الاقتصادية الكبرى للمغرب في عدد من دول القارة الإفريقية واحد من العواملِ المؤثرة التي مهّدت الطريق أمام المملكة للعودة إلى الاتحاد الإفريقي، بعد 32 سنة من الغياب، حسب طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية. المعالمُ البارزة لهذه العودة، يوضح أتلاتي، في ندوة حول "عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وتحديات المستقبل"، بَرزتْ بعد الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في أبيدجان، في افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري، حيث أعلنَ عن إيلاء المغرب الأولوية لعمقه الإفريقي. وزاد أتلاتي أنَّ ما عزّز ثقة الأفارقة في المغرب وجعَل عددا من خصومه يتراجعون عن موقفهم هو "أنَّ الملك أسّس لمشروع ديمقراطي حداثي، من خلال الإصلاحات الدستورية التي قامَ بها، والانخراط في كل ما له علاقة بتنمية الإنسان". وفي هذا الإطار، أوضح رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أنَّ الإنسان الإفريقي لم يستطع التحرّر من الاستعمار، وهو معطى عمل المغرب على تغييره، من خلال التأكيد على أنّ القارة الإفريقية قادرة على أن تحقق التنمية الذاتية، اعتمادا على مواردها، ولا تحتاج إلى "الدعم الذي يقدمه لها الغرب على شكل صدقات". واستطرد المتحدث ذاته أنّ الحكومات والشعوبَ الإفريقية تغيَّرت واستوعبت المنطق المغربي، وهو ما جعلَ التقارب يحصل بين الطرفيْن، مضيفا "التصويت لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لم يكن من فراغ، لأنه أبان عن تطور إيجابي في إطار تحول السياق". أتلاتي أبرز أنّ من أبرز نقاط قوّة الدبلوماسية المغربية هي أنَّ الملك عمل، مباشرة بعد خطاب أديس أبيبا، على تنزيل مضمونه على أرض الواقع، حين قامَ بزيارة إلى جنوب السودان، بالرغم من أنها لم تصوّت لصالح انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، موضحا أنّ هذه الزيارة "سيكون لها تأثير نفسي عليهم، إذ سيتساءلون كيف لم نُصوّت لهم وجاؤوا عندنا لزيارتنا؟". ووصف رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية الخطاب الذي ألقاه الملك في مقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبيبا ب"خطاب زعيم إفريقي، لأنّه وقع اتفاقيات لإقامة مشاريعَ كُبرى مع كلّ الدول الإفريقية"، مشيرا في هذا السياق إلى مشروع أنبوب الغاز المرتقب أنْ يربط نيجيريا بالمغرب، والذي ستستفيد منه كل الدول التي سيمرُّ عبر أراضيها، "والتي لم تعُدْ تنتظر مشاريع الجزائر التي قد تأتي أو لا تأتي"، يردف المتحدث. الندوة، التي نظمها مجلس مقاطعة السويسي بالرباط، شهدت مشادّات حينَ تدخّل شابّان صحراويّان، منتقديْن وصْفَ المتدخلين جبهة البوليساريو ب"الجمهورية الوهمية"، حيث طالبَ بعض الحضور بطردهما من القاعة، قبل أن يعود الهدوء إلى الفضاء المقرر احتضانه للنقاش. وقال أتلاتي ردّا على أحدهما، الذي اعتبر عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي اعترافا بالبوليساريو، "عودتُنا لا تعني الاعتراف بالآخر، لأنه حتى في المحافل الدولية تلتقي دول مع خصومها". وأصرَّ رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية على وصف قياديي جبهة البوليساريو ب"المرتزقة"، قائلا: "مَنْ يدّعي أنه دولة، وهو لا يملك لا فلاحة ولا غازا، فمنْ أين يأتي بالأموال؟ هناك جهة تموّله، إذن هو مرتزق، لأنه يغرف من الآبار"، في إشارة إلى آبار الغاز والنفط الجزائري، معتبرا أنّ "الجزائر، بعد الانتصارات التي حققها المغرب، أضحت تائهة بعدما فقدت بوصلتها".