أصدرت شعبة الاستعجالي-الإلغاء والقضاء الشامل بالمحكمة الإدارية بأكادير، حكما قطعيا برفض الدعوى القضائية التي رفعها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ضد مستشارة بجماعة آيت واد ريم، ضواحي اشتوكة آيت باها، تنتمي لحزبه، وضد وزير الداخلية وعامل اشتوكة آيت باه؛ وذلك بعد تصويت المستشارة الجماعية لمرشح لرئاسة المجلس الجماعي ينتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، ولم تصوت لصالح مرشح حزبها؛ حيث طالب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بتجريدها من عضوية المجلس. واعتبرت المدعى عليها، في مذكرة جوابية إلى رئيس المحكمة الإدارية بأكادير، تتوفر عليها جريدة هسبريس، أنها منتخبة من طرف الساكنة، وأن تواجدها بتلك الصفة يهدف بالأساس إلى تمثيل الساكنة، خدمة لمصالحها وبعيدا عن أي تعاطف أو محاباة حزبية أو ايديولوجية، وأنها لازالت تنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، موردة أنها خلال الانتخابات الجزئية لانتخاب رئيس المجلس، صوّتت لمرشح تراه مناسبا للمنصب، بحكم تجربته التي راكمها في تسيير الشأن المحلي منذ سنوات، بحسب المصدر ذاته. ورأت المستشارة الجماعية، وفقا لمذكرة دفاعها، أن الاختيار الذي صدر عنها، بقدر ما هو حق شخصي، غير قابل للمصادرة والتحكم، بقدر ما هو أيضا اختيار يرتكز على المصلحة العامة للجماعة والساكنة، بصرف النظر عن أية اعتبارات حزبية، كما أن "تصويتها لمرشح صالح ومناسب بمنصب الرئاسة، إنما يُزكّي التوجهات العامة لحزب العدالة والتنمية ذاته، الذي طالما يُنادي بتشجيع الكفاءات الغيورة التي تعمل لخدمة الصالح العام كيفما كان انتماؤها؛ لأن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ومنزهة عن التحكم وعن كل ألوان المزايدة السياسية أو الحزبية أو الايديولوجية". واعتبر دفاع المستشارة الجماعية أن التجريد من العضوية الذي طالب به الأمين العام لحزب العدالة والتنمية غير مؤسس، وأوردت المذكرة في هذا الصدد: "حيث إن كان لا يجوز لأعضاء الجماعات الترابية التخلي عن الانتماء السياسي أثناء فترة الانتداب، تحت طائلة التجريد بصريح الفصل 51 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 14-113، فإن التجريد المقصود رهين بالتخلي الإرادي والفعلي عن الانتماء الحزبي للعضو المعني بذلك"، مضيفة: "حيث إن التجريد من العضوية المنصوص عليها في الفصل 51 ومن المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية، يتحقق كجزاء عن التخلي الإرادي والفعلي عن الانتماء الحزبي والثابت أيضا بقرائن وبكل دليل مقبول". وفي الجانب الآخر، قال محامي الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبر مذكرته الجوابية التي تتوفر عليها جريدة هسبريس، إن ما أثارته المدعى عليها لا يقوم على أساس سليم؛ وذلك لاعتبارات متعددة، منها أن "الترشيح باسم حزب معين في الانتخابات وتصويت الناخبين عليه، إنما هو تعاقد أخلاقي ومعنوي بتعبير المجلس الدستوري، وأن المنتخب يُمارس جميع حرياته كمنتخب داخل المجلس الذي انتخب فيه، في إطار الديمقراطية المواطنة، التي جعلها الدستور من مقومات النظام الدستوري للمملكة، التي تتلازم فيها الحقوق بالواجبات". وأضافت المذكرة مفندة مبرّرات المستشارة الجماعية أن ما ذُكر سابقا، "يجعل حرية المنتخب مُقيّدة بحقوق الناخبين وحقوق الهيأة السياسية التي رشّحته للمهام الانتدابية التي يتولاّها، وليس حرية مطلقة يُمارسها بالكيفية التي تبدو له"، كما أن "التنافس السياسي بين الأحزاب هو من الآليات الديمقراطية المنصوص عليها دستوريا وقانونيا، وهي عماد أي نظام ديموقراطي يجعل من التداول على السلطة بين الفاعلين السياسيين أساسا لقيامه"؛ لذلك، تضيف الوثيقة، فإن "هذا التنافس لا يمكن أن يكون له معنى، بل لا يمكن تصوره في ظل ممارسة سياسية لا تنبني على انضباط الأعضاء لقرارات هيئاتهم السياسية، ولا يمكن الحديث عن الحرية في الالتزام بقرار الهيأة، وإلا سنكون أمام العبث الذي استهدف المشرّع القضاء عليه". كما اعتبرت مذكرة جواب الأمين العام ل"البيجيدي"، عبر محاميه بأكادير، أن تصويت المستشارة الجماعية على مرشح غير مرشح حزبها، "فيه تخلّ واضح عن انتمائها للحزب، وفيه إخلال بالتزامها مع الناخبين، كما أن هذه الممارسة تكرّس مزيدا من عدم الالتزام في الحياة الحزبية، الذي يفقد الممارسة السياسية معناها النبيل ويضرب في العمق روح النص القانوني، الذي يهدف إلى إضفاء جرعة من التخليق على الحياة السياسية".