"أحلم بحياة كريمة، وبسكن لائق يشعرني بانتمائي إلى إنسانيتي ووطني.. لقد سئمت العيش بدوار على مشارف مدينة عالمية، وبجانب طريق وطنية تعج بسيارات فاخرة، وبجوار منطقة سياحية تنتشر بها فنادق فوق خمس نجوم".. هذه الأمنية التي عبرت عنها عائشة الجمار، التلميذة التي تتابع دراستها بالتعليم الثانوي، وهي حكاية تعكس معاناة سكان دوار الخليفة بريك الروا بجماعة واحة سيدي إبراهيم ضواحي مدينة مراكش. هسبريس تجوّلت بأزقة الدوار العشوائي، المجاور للطريق الوطنية الرابطة بين الدارالبيضاء وبين مدينة مراكش، التي جرى التخطيط لها لتكون مدينة سياحية بمعايير دولية؛ لكن ما تقع عليه عيون ضيوفها ينطق بؤسا وتهميشا، لدوار يعاني الهشاشة وضعف الخدمات المقدمة لفائدة السكان، حسب تصريحات متطابقة لبعض القاطنين. عيشة بؤس تروي سعيدة البحور، إحدى القاطنات بالدوار ذاته، لهسبريس، وهي تشير إلى بعض البهائم التي ترعى في أكوام من الأزبال المتناثرة هنا وهناك قائلة: "مشكلتنا تنحصر في أن لا فرق بيننا وبين تلك الحيوانات"، مضيفة أن "الفقر هويتنا وأكواخ من أمتار محدودة ملجأنا للاحتماء من صقيع البرد؛ لكنها تتحول في صيف مراكش إلى فرن يطردنا بعيدا، حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود"، تقول المرأة التي صادفتها هسبريس في زقاق ضيق، والتي تستطرد "نتعايش مع القهر وبؤس الحياة، فحيثما صوبت وجهك تنتشر القمامة، فلا ماء ولا قنوات للصرف الصحي، بكهوفنا التي تضم ما بين ثلاثة أفراد و10 أفراد"، وزادت قائلة: "نشكل كتلة انتخابية محرومة من حقوقها الدستورية"، وفق تعبيرها. "المياه تنبع من تحتنا وتتسرب من سقوفنا"، تضيف عزيزة جارة سعيدة البحور وهي تكابد عناء دفع الماء إلى مجرى يوجد خارج بيتها، "فكلما تهاطلت قطرات المطر تقشعر أبداننا من هول ما سنعانيه؛ فكل ما نملك من أثاث، على قلته، يتعرض للإتلاف". تتلقف الحسنية لقريعة حديثنا، لتلطم خدها منبهة إلى تهديد واد تانسيفت الذي يشكل كابوسا مؤرقا خلال فصل الشتاء، وتضيف موردة: "فضلاتنا نخرجها في أوانٍ لنفرغها في حفرة بباب الكوخ، هذا حالنا بالجحور التي نقطنها"، مشيرة إلى أنها "تمثل وصمة عار في وجه المسؤولين" الذين يواجهون ما يعاني من سكان المنطقة بالإهمال. حلم تلميذة التلميذة عائشة الجمار تؤكد أن المؤسسات التعليمية بعيدة عن الدوار الذي تقطنه، مشيرة إلى أن الطريق محفوفة بالمخاطر التي تهدد حياة التلاميذ، لأن النقل المدرسي يتعثر أحيانا، موردة: "لكن بعد وصولنا نكون مضطرين لننام داخل الفصل الدراسي بسبب العياء والاستيقاظ الباكر لنلحق بأقسامنا"، مستنكرة "حالة التهميش التي نعاني منها، ونحلم بأن نتمتع بسكن لائق". كل من التقتهم هسبريس أكدوا الحالة المزرية التي تعيشها منطقتهم، منبهين إلى أنها تشكل نقطة سوداء يجب معالجتها من لدن المسؤولين، لأن هندسة أزقتها ودروبها الضيقة تشكل فضاء خصبا للاختباء لكل الهاربين من القانون، وغياب الخدمات الاجتماعية له أثر سلبي على نفسية الأطفال والشبان، الذين يخجلون من الإعلان عن منطقة سكناهم لزملائهم بالمدينة الحمراء وخارجها. في حاجة إلى الحل عبد الرحيم الكامل، رئيس الجماعة القروية واحة سيدي إبراهيم، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن حلا اقتُرح في إطار محاربة السكن غير اللائق، بإدراج المنطقة في برنامج جهوي خصص له غلاف مالي يقدر 15 مليون درهم تقريبا، مشيرا إلى أن "البعض لا يقبل الترحيل، بالرغم من غياب كل المرافق الاجتماعية"، فالدوار يزداد توسعا بين عشية وضحاها. "الكثافة السكانية بعزيب الخليفة بريك قنبلة موقوتة تهدد القاطنين والمنطقة التي تضم الملعب الكبير لمراكش وفنادق من خمس نجوم"، يورد المسؤول ذاته مؤكدا "ضرورة الاسراع بالترحيل، لأن بالمنطقة تتوالد المنازل كالفطر". هسبريس اتصلت بإطار مسؤول بمؤسسة العمران، بخصوص دورها في محاربة السكن غير اللائق، فأوضح أن "حل مشكل البناء العشوائي السابق ذكره يحتاج إلى قرار من ولاية جهة مراكش أسفي، والسلطة المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا، مضيفا: "حينها، يمكن للشركة العقارية المذكورة أن تتدخل لتجهيز المكان الذي سيتم الاتفاق عليه كمجال لاستقرار المستفيدين". سكن عشوائي بأرض محفظة مقترح الترحيل المقبول من لدن بعض سكان البناء العشوائي المذكور يواجه بطلب إعادة الهيكلة في المكان نفسه من طرف آخرين؛ لكن هذا الطلب هو الآخر يواجه بكون الهكتارين و79 أرا ذات رسم عقاري مسجل بالوكالة الوطنية للمحافظة العقاري والمسح الخرائطي بسيدي يوسف بن علي،؛ وهو ما يطرح إشكالا قانونيا يفرض على السلطات المعنية العمل على إيجاد حل يمكن سكان دوار عزيب خليفة بريك من عيش كريم.