بمنزلٍ جدرانُه من تراب، وسقفه من قصدير وُضِع بعشوائية، وجنباته غُطيت بالبلاستيك تجنبا لتسربات محتملة تزامنا مع مَقْدم فصل الشتاء، تقطن أسرة السحيلي، المكونة من خمسة أفراد، بدوار دار وريغيل ضواحي مدينة وزان، حيث كل المظاهر هنا توحي بالفقر المدقع وتعود بالزائر إلى عصور غابرة. هنا المغرب العميق يقع دوار "دار وريغيل" بالنفوذ الترابي لجماعة بني كلة بإقليم وزان، ويتم الوصول إليه عبر التفرع الطرقي للدحاحنة في اتجاه مركز سبت سيدي رضوان عبر طريق متهالكة، فيما يُعهَد للأقدام بإتمام باقي السير وسط الأوحال والبرك المائية التي تنتشر ب"لابيست" المؤدية إلى الدوار. وسط كوخ خَربٍ تقطنه أسرة السحيلي الفقيرة، جلست الأم "الناجي فاطمة"، تحكي عن معاناة أسرتها الصغيرة التي تأزمت وازدادت سوءاً بولادة 3 أطفال يعانون من إعاقات جسدية وذهنية قبل 33 سنة من الآن. بغرفة ضيقة، وبحسرة كبيرة وحزن شديد، تروي الأم عن وضعها الاقتصادي وحالتها النفسية المتردية جراء كثرة تنقلاتها إلى مستشفيات وزان والرباط رغم الفقر والتهميش، وتشتكي من "قلة الشي اللي كترشي"، وهي التي تواظب بين الفينة والأخرى على العمل خادمةً بالمنازل مقابل 20 أو 30 درهما لليوم، أو خبزة وقالب سكر، "وأحيانا كثيرة تم إنكاري، وتبخيس مجهودي ولم أتلق أي مقابل على ذلك (...) كان عندي 3 ديال الدراري معوقين، توفي البكر بعد معاناة دامت 25 سنة، وبقاو لي هاد جويجات" تقول فاطمة. إعاقة وفقر بيْدَ أن الأدهى من العيش في بيت بالكاد يأويهم هو أن ياسين، 25 عاما، وهناء، 21 عاما، مصابان بإعاقة ذهنية وأخرى جسدية جعلتا منهما شابين جسديا، طفلين عقليا، مشلولين يقضيان سحابة يومهما زحفا على الأرضية الترابية للمنزل، بملابس رثة وممزقة وقسمات جامدة. بلكنة جبلية قحة تروي عزيزة السحيلي عن فظاعة وقساوة الحياة التي تتجرعها أسرتها بصفة يومية بسبب مرض أخويها، وهو السبب ذاته الذي كان وراء مغادرتها صفوف الدراسة، وهي في ربيعها الثاني عشر، لتتحمل مسؤولية الاعتناء ب"الزحافيْن" وتتكفل بقضاء حاجاتهما الطبيعية. وقالت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "الحاجة تدفعنا إلى شراء أكياس بلاستيكية خاصة بموائد الأكل وتقسيمها لاستعمالها حفاظات لهما في ظل غياب دعم مالي يخفف من عبء المصاريف التي لا تكفي لسد رمق العيش". وشددت عزيزة على كونها تعاني من آلام على مستوى جنبها الأيمن جراء حملها لأخويها في كل تحركاتهما، وأردفت: "طالما طرقنا أبواب الجمعيات الخيرية من أجل تقديم يد العون، لكن دون أن نحصل على ما يساعدنا على تحمل أعباء مرض الطفلين وحالتهما المرضية والإعاقة الذهنية والجسدية، باعتبار أنهما لا يستطيعان حتى المشي، جراء اعوجاج أطرافهما السفلى". قصة هذه الأسرة الفقيرة لا تقف عند هذا الحد، بل تصل إلى حد احتقارهم وسط الدوار واستغلالهم إبّان مواسم جني الزيتون، من خلال الاستعانة بخدماتهم مقابل تعويض يقدر بسطل واحد من الزيتون، وهو ما يقبل به أفراد الأسرة على مضض بسبب الفاقة والحاجة ووضعهم الاجتماعي المعدم. * لمزيد من المعلومات يمكن التواصل مع الأرقام الهاتفية: 0611408464 0659898060