"الله أكبر، اللهم إنَّا هذا لمنكر، سننتصر والإسلام سينتصر، من حقنا أن نحتج وأن ندافع عن أنفسنا وعن ديننا.." جملة من الشعارات رددها العشرات من الرافضين لقرار وزارة الداخلية القاضي بمنع بيع وخياطة البرقع، في أول تفاعل معه على أرض الواقع، كسّر هدوء العاصمة صباح اليوم الأحد، أمام مقر البرلمان. وفيما كان الرافضون لقرار الداخلية يستعدون لتنظيم وقفتهم، تدخلت السلطات الأمنية دون استعمال العنف للحيلولة دون تنظيمها؛ وهو ما أحدث انقساما داخل "الإخوان"، بين من فضّل المغادرة لتفادي تدخلات أمنية وشيكة، وبين من تشبث بالبقاء للتعبير عن موقفه من القرار بصوت مسموع، بما تكفله حرية الرأي والتعبير، حسبهم. بين جدال "الإخوان" من جهة، وسعي السلطات إلى تفرقتهم من جهة أخرى، صرخ بعضهم بعبارات تستنكر القرار، وتعتبره استهدافا للإسلام، مع تأكيدهم في تصريحات متطابقة أنهم غير منتمين إلى أية جهة أو تنظيم، بل فقط لبّوا نداء "فايسبوكيا" للتعبير عن رفضهم للقرار، نقل بعضهم من مدن طنجة وتطوان والقنيطرة وسلا صوب العاصمة. محمد، أحد المحتجين، اعتبر أن اللباس الذي تسعى الداخلية إلى منعه لا يضر أحد في شيء "ومتى رأينا المنقبات يقمن بالفتن، مع العلم أننا على دراية بأن الدولة تتخوف من بعض النساء اللواتي يرتدينه، لقضاء بعض المصالح، والدين بريء من مثل هاته الممارسات، ونحن جنود مجندة لهذا الوطن". المتحدث أورد، خلال تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الكافر مؤتمن عندنا هنا في المغرب، ولا نريد المساس بديننا وبوطننا وبالغير"، قبل أن يشدد على أن الدولة عليها أن تتراجع عن قرارها بما يقضي احترام حرية الآخر وبما يضمنه الدستور وإمارة المؤمنين على حد تعبيره، "والبارح مع صلاة العصر شفت واحد كيقبل فبنت، ولكن حنا عندنا دستور وكولا واحد اضبر راسو، رَآه كاينا سلطة فالبلاد". محمد، الذي سعى إلى جر "الإخوان" بعيدا عن الصدام مع السلطات، أكد أنه على وزير الداخلية أن يتراجع عن قراره، الذي لا حق له ما دام أنه لم يمر من البرلمان للمصادقة عليه، ولدينا حكومة وملك بصفته أميرا للمؤمنين "والفتنة نائمة، ومن أراد القيام بالمصائب فما عليه إلا أن يزيل اللحية" على حد قول المتحدث. وبالرغم من أن قرار الداخلية قضى بمنع خياطة وبيع البرقع فقط، وليس النقاب أو الحجاب، فإن متحدثا آخر يحمل الاسم نفسه، محمد، أكد أن القانون الصادر يعني بصفة مبطنة ومخفية منع النقاب كذلك، "والقرار غير دخلة باش امنعو النقاب.." مستنكرا في الآن ذاته تضييق السلطات على حرية الرأي والتعبير، ومصادرة حقهم في الدفاع عن "اللباس الشرعي". ولم يخلُ الشكل الاحتجاجي من التعاليم الشرعية، خاصة تلك القاضية بمنع الاختلاط بين النساء والرجال، إذ وقف "الإخوان" بأمتار عن "الأخوات" معظمهن منقبات، لا يظهر من وجوههن سوى العيون، وأغلبهن طالبات في الجامعة. "أمة الله"، كما اختارت إحداهن تسمية نفسها، وفي تعليقها على القول السائد بأن البرقع لباس مستورد ولا يدخل ضمن الثقافة المغربية، قالت: "بالله عليك من يقول إن البرقع لباس دخيل، وثقافتهم وعريهم منين جا؟ أليس من عند الكفار؟ أليس هذا وطننا الذي نعيش فيه؟ أو ليس أن الدين بالأساس جاء من السعودية؟" تتساءل المتحدث، قبل أن تؤكد أن السؤال ليس هل اللباس يدخل في ثقافتنا؛ بل المهم هو أنه في ديننا". وختمت "أمة الله" تصريحها بالقول إن "من يقوم بالهجمة التي تستهدف المنقبات والملتحين، الذين اختاروا السير على طريق الله ومنهاج الرسول، لن يفلح"، مستدلة على ذلك بالقول: "إن الهجمة لن تزيد الأخوات إلا تشبثا، والدليل هو أنه من بين الحاضرات معنا الآن من لا يرتدين النقاب، وبإذن الله سيقمن بذلك بعد هاته الهجمة.. ونحن فخورات بهذا الدين، ومطيعات لربنا"، قبل أن تختم تصريحها بجملة من الآيات والأحاديث. ولم يجد "الإخوان"، الذين تشبثّوا بالبقاء أمام مقر البرلمان، للتعبير عن رأيهم إلا مغادرة المكان، لاعتبارين، الأول لقلة عددهم، والثاني لتوجيه رسائل إلى الجهات المعنية تؤكد أنهم لا يهدفون إلى إثارة النعرات والفتن؛ بل فقط يريدون التعبير عن آرائهم بطرق سلمية، حسب ما عاينت الجريدة من نقاشات بينهم وثقتها عدسات المصورين.