ربط الكاتب المغربي ادريس كسيكس، بين الواقع السياسي والاجتماعي للعالم العربي في القرن الثاني عشر الميلادي والظرفية الحالية بطريقة سياسية، من خلال إثارة الطريقة التي تم التعامل بها من طرف الطبقة السياسية والدينية، في تلك الفترة، مع الفيلسوف والمفكر الثوري العربي أبي الوليد محمد، الشهير بابن رشد. كسيكس، الذي قدم كتابه الجديد بعنوان "أو ديتروا دافيرويس" (نحو مضيق ابن رشد)، مساء أمس، بمقر مؤسسة التجاري وفا بنك في مدينة الدارالبيضاء، بحضور ثلة من المفكرين والمثقفين ورجال الأعمال، اعتبر أنه انطلاقا من شخصية هذا الفيلسوف العربي يتوجب على جميع المغاربة الاقتناع بمساهمة حضارتهم في رقي الحضارة الإنسانية، لكونه كان أول من حرص على إعمال العقل في الحقل الديني والاجتماعي، رافعا شعارا يقوم على ضرورة الاعتماد على التأويل للتوفيق بين الشريعة والفلسفة، أو بين الدين والفلسفة. وقدم مدير مركز البحث بالمدرسة العليا للتدبير (HEM)، خلال هذا اللقاء الثقافي، الخطوط العريضة لكتابه، بحضور محمد الكتاني، الرئيس التنفيذي لمجموعة التجاري وفا بنك، الذي أكد على أهميته خاصة في ما يتعلق بالعلاقة الوثيقة التي تجمع بين المنطق والدين، والمساواة بين الرجل والمرأة، التي تؤكد على أهمية النساء في المجتمعات كيفما كانت. وبسرده قصة أستاذ يحاول من خلال برنامج إذاعي إيصال صوت وأفكار ابن رشد للمستمعين، يقول كسيكس إن مؤلفه الجديد حاول إعطاء صورة شاملة لمسار واحد من أهم الفلاسفة الذين بصموا بقوة مسار حضارة الأندلس والمغرب، ومن خلالها الحضارة العربية، والكيفية التي كان يتعامل بها مع مفكريها وحاملي مشعل الفكر النقدي، ليعكسها على الواقع المعاش. واعتبر الصحافي والمسرحي المغربي أن الفقهاء وعلماء الكلام لم يترددوا في مواجهة الفيلسوف بن رشد لرغبتهم في المحافظة على الحظوة التي كانوا يتمتعون بها لدى الطبقة الحاكمة؛ وذلك بمحاربة كل أشكال الفكر النقدي الذي كان يحمله هذا الفيلسوف، الذي قال عنه إنه كان من أهم الفلاسفة في القرن الثاني عشر الميلادي، والذي حاول إعطاء العقل مكانته في المجتمع العربي الذي كان يعيش فيه. وقال المتحدث: "ما يمكن أن نقوله عن واقعنا اليوم هو أننا بحاجة ماسة إلى بناء مجتمع حي يعتمد على الفكر النقدي"، مضيفا: "حاليا لم نستطع تطوير فكر نقدي في مجتمعنا داخل المدرسة والإعلام وفضاءات الحوار والنقاش، والذي يعتبر أحد الطرق الأساسية لإعطاء المرأة والرجل مكانتهما المناسبة التي تقوم على فكر المساواة". وتابع مدير مركز البحث بالمدرسة العليا للتدبير قائلا: "الفكر النقدي ورش مفتوح في مجتمعنا إذا أردناه أن يتطور ويقبل بالتعدد وأن تكون مكانة الرجل والمرأة سوية".