الأنبياء إخوة وأمهاتهم شتى لكن دينهم واحد ونحن أولى الناس بعيسى ابن مريم، الذي تصادف هذه الأيام مناسبة حلول ميلاد المسيح عيسى عليه السلام والذي تحتفي به الإنسانية كافة ويحتفل به الإخوة النصارى والمسيحيين خاصة. لقد جعل الله عيسى رمزاً للسلام في هذا العالم، قال تعالى على لسان السيد المسيح {السَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيٍّا} وقال تعالى: {وَذَكِّرهُمْ بأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ في ذلكَ لآياتٍ لكلِّ صَبَّارٍ شَكورٍ} وبهذه المناسبة يستشعر فيها الإنسان أنه أمام تذكر يوم من أيام الله. إلى الأفظاظ غلاظ القلوب والروح إلى من يحرمون ويرفضون ويُبَدِّعُون معايدة النصارى والمسيحيين ويتحججون بأحاديث جدا ضعيفة وينسبوها لنبي الرحمة ومكارم الأخلاق محمد (صلعم) قال تعالى في سورة البقرة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} وقد ذكر لفظ نبي الله عيسى 25 مرة وهو رسول من الصديقين أولي العزم ومساهم أكبر في تغير الحركية التاريخية كان عظيما وأمه مريم كذلك عظيمة وهذا مذكور في القرآن في سورة آل عمران قال تعالى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}. وقد أرسل الله الملائكة إلى البتول مريم عليها السلام لتبشرها باصطفاء الله لها من بين سائر نساء زمانها بأن اختارها لتكون أما لنبي عظيم يكلم الناس في المهد صبيا، وفي هذا السباق يقول الرسول (صلعم) حسبك من نساء العالمين بأربعة: مريم بنت عمران، آسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد عليهم السلام جميعا. و قد حدثنا القرآن الكريم عن قدوم عيسى عليه السلام إلى الدنيا في آيات مفصلات حيث خرجت مريم لقضاء بعض شؤونها {انتبذت} قال تعالى في سورة مريم {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} أي انفردت وحدها شرقي البيت الأقصى إذ بعث إليها الله الروح الأمين {جبرائيل} عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا يقول القرآن في سورة مريم لما رأته " إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(19)} أي خاطبها الملَك قائلا لست ببشر و لكني ملَك بعثني الله إليك لأهب لك ولدا زكيا " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ " تتساءل مريم كيف يكون لها غلام و لا يوجد لها زوج {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا(20)} فأجابها جبرائيل عن تعجبها من وجود ولد منها قائلا أنه وعد الله أنه سيخلق منك غلاما و لست بذات زوج و لا تكونين ممن تبغين قال هو {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أي أنه سهل و يسير على الله جل في علاه و قوله تعالى {وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ} أي لنجعل خلقه و الحالة هذه دليلا على كمال قدرتنا على أنواع الخلق فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى وخلق حواء من ذكر بلا أنثى وخلق عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر وخلق بقية الخلق من ذكر و أنثى، و كان النبي عيسى {كليم الله} المعجزة الكبرى عليه السلام. أخيرا، فكروا بأرض المسيح فإذا كانت أجسادنا ها هنا في المغرب فإن قلوبنا هناك مع أجراس الميلاد في فلسطين وتحديدا بيت لحم دون نسيان قوله تعالى في سورة البقرة الآية 285 التي تقول {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} الإنسانية هي الحل