فجرت دروس "الإيمان والفلسفة" التي ضمتها دفتا كتاب التربية الإسلامية لمستوى الأولى ثانوي غضب أساتذة مادة الفلسفة بالمغرب، ودفعتهم إلى وصف تلك المضامين "بالمتزمتة التي تسيء إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية، لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم...". ويبدو أن غضب مدرسي الفلسفة انصب أساسا على نصيْن وردا في درس "الإيمان والفلسفة"، ضمن مقرر "التربية الإسلامية"، أحدهما لتقي الدين ابن تيمية، أحد فقهاء المسلمين القدامى، والثاني يعود إلى أبي عمرو عثمان المعروف بابن الصلاح، وهو أحد علماء الحديث في القرن الثاني عشر. عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، الدكتور محمد بولوز، قال في رد على انتقادات جمعية مدرسي الفلسفة إن النص الأول لابن تيمية كرر فكرة أن العقل الصريح البين الواضح لا يمكن أن يتعارض مع النقل الصحيح من الوحي الرباني في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة". ويشرح بولوز "ما خلقه الله في الإنسان لا يمكن أن يتعارض مع ما أنزله الله على نفس الإنسان، وإذا حدث شيء من ذلك فقد يكون لسبب عارض إما لشبهات شوشت على العقل منطقه، أو لخلل في فهم النص الشرعي، وهي فكرة سابقة عن ابن تيمية ذكر المؤلفون ببعض أعلامها. ومن هؤلاء الأعلام، وفق المتحدث ذاته، ابن رشد رحمه الله صاحب الباع الطويل في الفلسفة وصاحب الكتاب الرائد في الفقه الإسلامي "بداية المجتهد وكفاية المقتصد"،وكذا ابن طفيل صاحب قصة الحي بن يقظان"، موردا أنه يظهر من سياق الدرس أن المؤلفين يتبنون ويحبذون هذا التوجه. وأما نص ابن صلاح الذي هاجم الفلسفة، يضيف بولوز، فتم إيراده على سبيل التمثيل لتيار موجود في تاريخنا وتراثنا، يرى الاستغناء بما ورد في الشرع في أمور الغيب عموما، لأن طريق الوحي مضمون في عمومه مع الفهم السليم، وطريق الفلسفة ليس كذلك، فهو محفوف بمخاطر الانزلاق وحتى الكفر بمسلمات الشرع". وتابع: "الفلسفة فلسفات قد تنتهي بالبعض إلى مجرد الشك، أو حتى الإلحاد، وتنتهي بآخرين إلى عمق الإيمان، ولهذا قيل: الفلسفة بحر ليس كباقي البحار، إن كان أمان البحار في شواطئها فأمان الفلسفة في عمقها، ولهذا كثير من الفلاسفة الراسخين انتهى بهم المطاف إلى الإيمان العميق". وذهب عضو جمعية أساتذة التربية الإسلامية إلى أن "إيراد الأقوال والنصوص على سبيل التحليل والمناقشة، حتى وإن كانت متعارضة لا شيء يمنع منه في المنهج التربوي والأسلوب الديداكتيكي قصد شحذ مهارات المقارنة والاستنباط والتركيب والتحليل، خصوصا في مستوى السنة أولى من الثانوي التأهيلي". وخلص بولوز إلى أن النص الأول ورد في باب التبني، بينما النص الثاني ورد على سبيل الإخبار والاطلاع والمقارنة، مشيرا إلى السياق العام للمنهاج في مقدماته وتوجيهاته التي أطنبت في أمر التسامح وقبول الآخر، ونحو ذلك، كما تم التأكيد في مداخل المادة على مبادئ التزكية والاستجابة والقدوة والقسط والحكمة".