حظي تعيين دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب، ريكس تيليرسون وزيرا لخارجية الولاياتالمتحدة، بدعم عدد من صقور الحزب الجمهوري؛ على رأسهم ديك تشيني، نائب الرئيس السابق، وكونداليزا رايس، وزيرة الخارجية السابقة، مقابل امتعاض عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بسبب "قلة الخبرة السياسية والدبلوماسية للوزير الجديد وقربه من الرئيس الروسي". ولا غرو أن المغرب معني جدا بتعيين ما سماه البعض "الحلم الأمريكي" رئيسا لدبلوماسية بلد "العم سام"، إذ يترقب مواقف تيليرسون حيال قضية الصحراء خصوصا، وإن كانت ستميل كفة إدارة البيت الأبيض في عهده إلى المملكة أم إلى الجزائر، بالنظر إلى خلفيات الرجل واهتماماته، والمصالح التي تحرك بلاده في ولاية ترامب. هذه الأسئلة يجيب عنها الدكتور سمير بنيس، المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء، بالقول في حديث لهسبريس، إن هذا التعيين قد يزيد من حالة الغموض والترقب بخصوص السياسة الخارجية التي ستتبناها الإدارة الأمريكية تجاه المغرب، خاصة حيال قضية الصحراء. ويشرح بنيس بأنه "إذا أخذنا بعين الاعتبار خلفية وزير الخارجية الجديد، والمجال الذي اشتغل فيه طوال حياته، يمكن القول إن هذا التعيين قد لن يلعب لصالح المغرب بالشكل الذي يعتقده الذين يرددون بدون تحفظ بأن علاقات المغرب بالولاياتالمتحدة تكون جيدة عندما يوجد رئيس من الحزب الجمهوري في البيت الأبيض. واسترسل المحلل ذاته بأنه "بحكم عمل تيليرسون في مجال النفط، سيعمل الوزير الجديد على ضمان مصالح كبريات الشركات الأمريكية في جميع مناطق العالم. وقد يفيد هذا المعطى مصالح الجزائر، التي سوف تستغل هذا التوجه لمحاولة استمالته ومنح عقود سخية لشركة "إيكسون موبيل". وسجل بنيس بأن "هذه الشركة العملاقة عملت لسنوات طويلة، خاصةً منذ عام 2010، للحصول على عقود لاستغلال الغاز الصخري الجزائري. ومع تعيين تيليرسون على رأس الخارجية الأمريكية، قد تسارع الجزائر لتحريك اللوبي القوي الذي تتوفر عليه في ولاية تكساس من أجل استمالة وزارة الخارجية الأمريكية". ولكن الصورة ليست بهذا التشاؤم، إذ إن هناك عاملا آخر قد يلعب لفائدة المغرب، يضيف بنيس، متمثلا في العلاقات القوية التي تجمع بين الوزير الجديد وبين زعماء كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة؛ فبحكم تعامل هذه البلدان لمدة طويلة مع تيليرسون وشركته في مشاريع ضخمة قد يكون لذلك هامش من المناورة لتقريبه أكثر من موقف المغرب بخصوص الصحراء، وإقناعه بعدم اتخاذ أي مواقف قد تخرج عن الحياد الإيجابي الذي تميزت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة، خاصةً الإدارات الجمهورية. وتابع المتحدث بأنه "بغض النظر عن الأهمية التي قد تلعبها المصالح النفطية للإدارة الأمريكيةالجديدة في التأثير على صنع القرار، فإن للمغرب أوراقا مربحة ينبغي عليه استعمالها، والتحرك للترويج لها في أسرع وقت، وعلى رأسها ورقة محاربة التطرف والإرهاب". وسجل بنيس المكانة الريادية التي أصبح يتبوأها المغرب خلال السنوات الأخيرة في محاربة الإرهاب والتطرف، والعمل على نشر القيم السمحة للإسلام"، موردا بأن المملكة اضطلعت بدور مهم في السياسة الأمريكية لمحاربة الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من شتنبر سنة 2001. وهذا الدور الذي قام به المغرب، يردف بنيس، هو الذي دفع بالرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن إلى اعتبار المغرب من أكبر حلفاء أمريكا خارج خلف الناتو، والتوقيع على اتفاقية للتبادل الحر بين البلدين، بالإضافة إلى تبنيه لموقف داعم للمغرب بخصوص الصحراء، ومخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب عام 2007. وخلص المحلل ذاته إلى أنه "يتعين على المغرب أن يبرهن بشكل واضح للإدارة الأمريكية أنه الحلقة الرئيسية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والحفاظ على المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها الأوربيين، وبأن كل اختلال للتوازن قد يعصف بمصالحها، ويرمي بالمنطقة إلى المجهول"، وفق تعبيره.