يُشترط على المرأة، في أدبيّات الرُّقية الشرعية، أن تَرتدي لباساً شرعيا، يسترُ جسدها، على غرار اللباس الذي تُؤدّي به الصلاة، ويُشترط على الرّاقي ألّا يمسَّ جسدَ المرأة الخاضعة للرقية؛ وإذا كانَ السّتْرُ هنا يُمليه الالتزامُ بقواعد الشرع، فإنّه ينطوي على نظرة شهوانيّة/جنسية لجسد المرأة. هذا الاستنتاج خلُص إليه الباحث المغربي في علم الاجتماع يونس الوكيلي، في عرْض قدمه في "ندوة نظمها المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط في موضوع "سياسات الجسد"؛ حيث قال: "إنّ كلَّ عناصر النظرة الإيروتيكية للجسد حاضرة في حصّة العلاج بالرُّقية الشرعية". وأشارَ الباحث، في هذا السياق، إلى رأيِ الباحثة اللبنانية عايدة الجواهري، التي ترى أنّ "الشروط التي يكرِّسها الراقي لأجل علاج المرأة تعبر عن إيديولوجيا متكاملة تتعلق في آن معا بالنظرة إلى الجسد الأنثوي وعلاقتها بالجسد الآخر للرجل وعلاقتهما معا بمنظومة أخلاقية معيارية تقوم على تشييء جسد المرأة وتأثيمه". واعتبر الباحث أنَّ الرقية الشرعية، وهي علاج ديني مُؤسَّس نظامه على المصادر الدينية الإسلامية وتعتمدُ طريقة ممارسته على "التوسل بالكلام المقدس الذي يتجلى أساسا في القرآن والأدعية" يستمد معناه من الأدبيات الدينية الوهابية، (اعتبرها) ظاهرة جديدة ومختلفة في شكل وجودها وممارستها عن الرقية التي كانت سائدة من قبلُ في المجتمع المغربي. واستدلَّ بما توصّل إليه الباحث إدموند أنطوني في كتابه "السحر والدين في شمال إفريقيا"؛ حيث خلُص إلى أنّ الرقية الشرعية جاءَتْ في مقابل الرقية السّحرية القائمة على العزائم والشعائر الشفوية السحرية التي كانتْ مُمارسة في المنطقة مطلع القرن العشرين، وما زالت، مِن قبَل السحرة والكَهنة والعرافين، كمَا أنَّ تأسّس الرقية الشرعية على الوهابية جعلها تتخذ طابَع مُمارسة منظمة. الدليل الثاني الذي استندَ إليه الوكيلي، في عرضه المعنون ب"الجسد الأنثوي في الرقية الشرعية: عملية الإدماج في النظام الأخلاقي السلفي"، هو أنَّ المَتْنَ العلمي الذي يستندُ إليه الرُّقاة في تصوّهم وممارستهم للرقية الشرعية هو كتابة شيوخ الدعوة الوهابية في الموضوع؛ ذلك أنَّ الرقاة يعتمدون كليا على مراجعَ تعود إلى التيار السلفي الوهابي، مُعتبرا أنَّ الكتابة في الرقية الشرعية "تُعتبر جنسا قائما بذاته له قواعدهُ وطُرُقه". وإذا كانتْ حصّة الرقية الشرعية تتسم بحضور النظرة الإيروتيكية، بحسب الباحث يونس الوكيلي، فإنّها في المُحصّلة "ليست سوى آليةٍ دعوية تمكن من الانتقال إلى وضع حياتي آخر، هو فرصة لأن يُعيد الاعتبار لعلاقة المريض بالله، والاندماج النهائي في الجماعة المؤمنة". ذلك أنَّ عمليّة الإدماج، يُردف المتحدث، "تشملُ توجيهات للمريضة أن تنسحب من مظاهر الحياة العصرية (ارتيادُ الصالونات، التبرج في الأعراس، العلاقات الجنسية الحرة...) لأنها سببٌ في دخول الجن إلى الجسد وإحداث المرض".