انتقدَ فاعلون مدنيّون في مجال الإعاقة، خلال ندوة نظمها منتدى الأصالة والمعاصرة للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة، اليوم السبت بالرباط، المقاربة المتّبعة من طرف الدولة في معالجة قضاياهم، المُعتمدة على "الإحسان"، وفق تعابيرهم، داعين إلى وضع سياسة عمومية واضحة لمعالجة ملف الإعاقة، بعيدا عن "المقاربة الإحسانية". علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، انتقد في الكلمة الافتتاحية للندوة، التعاطي الحكومي مع الأشخاص في وضعيات إعاقة، قائلا: "الحكومة تروّج للمغالطات بلجوئها إلى تبريرات من قبيل أنّهم غير قادرين على المنافسة، ومن ثمّ يوظفون في وظائف أقلَّ أهميّة، مما يؤدّي إلى محدودية فرص إدماجهم في المجتمع". وأضاف لطفي أنَّ ما يُفاقم وضعية الأشخاص في وضعيات إعاقة بالمغرب، الذين لا توجد إحصائيات دقيقة حوْل عددهم، بحسب قوله، هوَ أنّهم من الفئات الأكثر هشاشة وفقرا في المجتمع، بينما قال رشيد الصباحي، رئيس منتدى الأصالة والمعاصرة للأشخاص ذوي إعاقة، إنَّ "القوانين لا يمكن أن تكون فاعلة بدون وضع سياسة عمومية واضحة، وحَكامة". وصبَّت مداخلات جلّ المتدخلين في الندوة في اتجاه مطالبة الدولة والحكومة بالتعامل مع ملف الإعاقة بمقاربة حقوقية واجتماعية، مرتكزة على ما تنصّ عليه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وفي هذا الإطار، قال عبد الحكيم موهوب، باحث في مجال الإعاقة: "لا نريد التعامل معنا بمقاربة إحسانية، بل بمقاربة اجتماعية". وأضاف المتحدث، منتقدا المقاربة المتّبعة في معالجة ملف الإعاقة بالمغرب، "لم نصل بعدُ إلى قناعة لدى المشرِّع للتعامل مع هذه الفئة كفاعل في المجتمع، ولم نَصل إلى التنصيص على قانون واضح لتأخذ هذه الفئة حقوقها وتكون فاعل، بسبب أنّ المقاربة الإحسانية هي التي يتمّ التعامل بها مع هذه الفئة، في كل المجالات، حتى في المجال التشريعي". ورغم أنَّ المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص في وضعيات إعاقة، وهي ذات طابع إلزامي للدول المصادقة عليها، فإنَّه على المستوى المحلي لم يرْقَ العمل المبذول إلى المستوى المطلوب من الناحية التشريعية، بحسب موهوب، لافتا إلى أنَّ دستور 2011، ورغم تنصيصه على حظر جميع أشكال التمييز، إلا أنّه لم يُواكَب بإخراج قانون شامل لحماية الأشخاص في وضعيات إعاقة بالمغرب. من جانبه، انتقد عبد المالك أفريع، باحث في مجال الإعاقة رئيس جمعية الشمال للإعاقة، التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعيات إعاقة بمقاربة إحسانية، قائلا: "اللي خْرج على هاد القضية هو أن التعامل معها يتم من زاوية إحسانية". واستطرد المتحدث أنَّ الإعاقة "ليست مشكلا صحيا ولا مرضا، وتجاوُزها رهين بالمحيط الذي يعيش فيه الشخص ذو الإعاقة. فإذا كانت هناك عراقيلُ تحولُ بينه وبين أداء عمله، فسيتوقّف. وإذا تيسّرت السبل، سيسير إلى الأمام"، مضيفا: "المشكل هو أنه في هذه البلاد لا يؤخذ الأشخاص في وضعيات إعاقة في السياسات بعين الاعتبار". المتحدّث انتقد عدم إيلاء ملفّ الأشخاص في وضعيات إعاقة الحجم الذي يستحق، وغياب التنسيق بين المبادرات الرسمية المشتغلة في هذا المجال، خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن. كما انتقد عدمَ تملّك الفاعلين العموميين لأدوات التعامل مع ملف الأشخاص في وضعيات إعاقة، قائلا: "نفس التمثل الموجود في الشارع يوجد لدى المسؤولين الحكوميين"، ودعا إلى تغيير المقاربة التي يتمّ التعامل بها مع ملفّ ذوي الإعاقة، وإيلائه الاهتمام الذي يستحق.