لدولة الإمارات العربية المتحدة قصة فريدة وإنسانية لا تخلو من بوح وشجون مع بداية تأسيسها قبل 45 عاما مضت، ومع جهود توحيد إماراتها لتشكل دولة مستقلة حديثة تضاهي الأمم والبلدان في العالم. وكان وراء كل هذا الزخم الوحدوي، اقتصادا وسياسة وعمرانا، رجل يدعى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وبالعودة إلى التجربة الوحدوية لدولة الإمارات، التي يرأسها اليوم الشيخ خليفة بن زايد منذ 3 نونبر 2004، لا يمكن إغفال ما قام به الراحل الشيخ زايد بن سلطان، عندما تولى مقاليد الحكم في أبو ظبي في 6 غشت 1966، وبادر بالدعوة إلى اتحاد الإمارات، وقال: "إن الاتحاد هو طريق القوة والعزة، والفرقة لا ينجم عنها إلا الضعف". ويذكر التاريخ أن الشيخ زايد اجتمع بالشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي في منطقة السمحة، بتاريخ 18 فبراير 1968 في أعقاب إعلان الحكومة البريطانية عن إجلاء جيوشها من الإمارات المتصالحة في الخليج قبل عام 1971، حيث تركز اللقاء على إقامة اتحاد بين الإمارتين. واتفق الجانبان على دعوة حكام الإمارات الأخرى إلى اجتماع في دبي لمناقشة قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة. وهكذا في عام 1971، اتفق حكام الإمارات على إنشاء دولة اتحادية. وبجهد حثيث قاده الشيخ زايد، تم تشكيل مجلس أعلى، ليكون السلطة العليا في الدولة الجديدة. وتقول حقائق تاريخ الإمارات إن الشيخ زايد منذ توليه حكم أبوظبي وضع نصب عينيه حياة مواطنيه، فكان وعده القاطع بالسعي إلى تغيير ظروفهم، فوجد أن المسؤولية كبيرة وتحتاج إلى جهود عظيمة وأموال طائلة، واستبشر المجتمع خيراً وعلق الأمل الكبير على هذا القائد. وجاء تولي الزعيم الراحل الحكم في أبوظبي مفتاح خير للمنطقة، حيث أولى جوانب التنمية المتمثلة في التعمير والبناء اهتمامًا خاصًا، وأنشأ الدوائر الخدمية المختلفة، فشقت الطرق وبنيت المساكن والفنادق، ومدت خطوط الكهرباء والاتصالات، وافتتحت المدارس والمستشفيات، وأرسلت البعثات إلى الخارج. وكان الشيخ زايد يخطط وينفذ ويتابع، إذ كانت أبو ظبي في ذلك الوقت تحتاج إلى مشاريع كثيرة وبالتحديد في المجالات العمرانية والاقتصادية. وكان يستهدف نقل الإمارة من مرحلة التأسيس إلى الرخاء والرفاهية، وفي ذلك الوقت اُكتشفت الثروة البترولية في البلاد، وتم الشروع في استخراج النفط وتصديره. وإذا كان الشيخ زايد هو موحد الإمارات، بمعية باقي أمراء ومسؤولي البلاد في تلك الحقبة الزمنية، كما أنه هو مؤسس نهضتها الاقتصادية والعمرانية، فإنه بذلك وضع خطا واضح المعالم لتطور اقتصاد البلاد خاصة، وتحقيق الرفاهية لأبناء الإمارات؛ وهو الشيء الذي نجح فيه بتفوق، قبل أن توافيه المنية في 2 نونبر 2004. واستكمل مسؤولو الإمارات ما بدأه الشيخ زايد، وحقق الاقتصاد الإماراتي أداء استثنائياً؛ وذلك بفضل حرص الدولة منذ فترة طويلة على تبني سياسة تنموية تقوم على تنويع مصادر الدخل ودعم القطاعات غير النفطية، إذ يتميز اقتصاد الدولة بالبنية التحتية ذات الأداء المستقر والمتوازن. ومن مؤشرات الازدهار الاقتصادي والمالي للإمارات العربية المتحدة ما اعتمده مجلس الوزراء، برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بخصوص الميزانية الاتحادية للفترة الزمنية بين 2017 و2021 بإجمالي 248 مليار درهم. وخصص مجلس الوزراء أكثر من نصف الميزانية للقطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم، وحددت الحكومة ميزانية قدرها 48.7 مليار درهم لعام 2017، إضافة إلى مداخيل الجهات المستقلة والاستثمارات المالية، والتي تروم توفير الرخاء والأمن والعيش الكريم لأفراد المجتمع. وتعد الإمارات أول دولة عربية تعد ميزانية دورية لخمس سنوات، وعلى شكل خطط دورية كل 5 سنوات، بهدف تطوير مستوى الخدمات الاجتماعية المقدمة، والتركيز على رفع مستوى الخدمات الحكومية الذكية، وزيادة نسبة رضا المتعاملين عن جهود الحكومة التي تسعى إلى توفير الرفاهية والرخاء والسعادة للمواطنين.