يبدو أن فيلم الرعب لم و لن ينتهي مع الحكومة، فبعد نضال لأشهر ضد الثلاثي الخبيث (المرسومين، التقاعد و التعاقد)، أضافت لنا الحكومة المنتهية برئاسة رجل التعليم السابق عبد الإله بنكيران مصيبة أخرى و هي إلغاء مجانية التعليم. ليصبح الثلاثي المشؤوم رباعيا، و بهذا يطعن التعليم العمومي الطعنة الأخيرة و يعلن وفاته. فإذا قامت يوم 24 نوفمبر الجمعية العامة التابعة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين بقيادة عزيمان، و الذي يدَّعي تقديمه رؤية استراتيجية لإصلاح التعليم العمومي على مدى خمس عشرة سنة، (قامت) بالمصادقة على هذا المشروع "إلغاء مجانية التعليم العالي و الثانوي" فأي إصلاح جاء به المجلس المعيَّن من قبل الملك؟!! نستغرب حقا من هذا الهجوم الشرس و المستمر من طرف الدولة على التعليم العمومي، و الذي يقابله صمت رهيب من طرف كل مكونات الشعب!! أليس ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى جانب ارتفاع أسعار المحروقات، مع سن قوانين تحرم أبناء المجتمع (البئيس) من أبسط حقوقهم... فتنة؟! ﻻ يمكن أن يمر مرسوم إلغاء مجانية التعليم مرور الكرام كباقي المراسيم اللعينة، فإما أن نتحد جميعا للوقوف بوجه هذا العبث و إما نستسلم و نخرج للشارع و نرفع للدولة شعار "طحنونا كاملين". و إذا كان النقابي محمد يتيم قد أشار لأحد المواقع بأن الميثاق الوطني للتربية و التكوين، نص على فرض رسوم على الأسر الغنية. فنسجيبه أولا بأن الميثاق الوطني ليس قرآنا منزلا و يمكن أن يخضع لتعديلات، كما أنه ميثاق صدر خلال التسعينيات من القرن الماضي. بالإضافة إلى ذلك علينا أن نسطر بخط عريض على الأسر الغنية، فهاته الأخيرة أبناؤها لا يدرسون بالمدرسة العمومية، لأنها (الأسر الغنية) تبحث بالأساس عن الجودة التي أصبحت تتموقع بالعديد من المدارس الخصوصية، و قد غابت الجودة بشكل تام عن المدرسة العمومية بسبب الاكتظاظ و الخصاص في الأساتذة و كذا المناهج التعليمية التي لا تتماشى بشكل كبير و مقتضيات العصر. إن إلغاء مجانية التعليم أمر خطير للغاية، و سيساهم بشكل كبير في انتشار الأمية في وسط المجتمع الفقير كما أنه سيعجز الأسر المتوسطة (والتي يعنيها بالأساس هذا المشروع) في مواصلة تعليم أبنائها. خاصة و كما يعلم الجميع الحالة التي تعيشها الأسر المتوسطة خاصة تلك التي يتقاضى ربُّها ثلاثة آلاف درهم، فهي في نظر الحكومة لا تنتمي للطبقة الفقيرة، فما بالكم بالأسر التي يتقاضى الأب فيها خمسة آلاف درهم و الذي لا يستطيع تلبية جميع المتطلبات و له ابنان أو ثلاثة يتابعون الدراسة. على الحكومة أن تدعم ماديا و حتى معنويا قطاع التعليم الذي يحارب الأمية و الهشاشة الاجتماعية، بدل رفع الدعم عنه بحجة أنه يهلك الاقتصاد. علينا أيها الشعب أن نمسك يد بعضنا البعض و نخرج إلى الشوارع و نعبِّر عن رفضنا، و لنا في "الطلبة الأطباء، الأساتذة المتدربين، الأطر التربوية، طلبة مدارس العلوم التطبيقية" لعبرة في النضال الشريف و الصامد رغم كل الصعوبات. و إذا استمر الصمت فلا نتفاجأ إذا ما أصدرت الحكومة مرسوما يقضي بتقنين استعمال الأكسجين فنصبح في المستقبل القريب نشتري قنينات الأكسجين من الصيدلية. هكذا إذن، ترعبنا الحكومة بمراسيمها التي لا تنتهي دون إشراك للفاعلين أو حتى استشارتهم. و نرجو من الحكومة المقبلة بقيادة أي حزب كيفما كان أن تتراجع عن هذا المشروع و أن تتراجع عن العديد من المراسيم التي تم سنُّها خلال الفترة الماضية و التي تخنق المواطن المغربي لا غير.. و ختاما لكل ما سبق، أطرح هذا السؤال، هل سيشمل هذا المرسوم -في حال صدوره- الأقاليم الصحراوية أم لا ؟ أم ستبقى لهاته الأقاليم دائما امتيازات !