تصاعدت موجة جديدة من الهجمات المعادية للمسلمين في بريطانيا، يتصدرها تخريب المساجد وتدنيس المقابر، مما يحتم على المنظمات الإسلامية ألا تتخذ موقف المتفرج. دعا المجلس الإسلامي البريطاني، أكبر منظمة إسلامية في البلاد، إلى اتخاذ "إجراءات صارمة" للتصدي لهذه الهجمات، وسط مخاوف من تنامي العنف، وتواتر التقارير التي تفيد بزيادة جرائم الكراهية ضد المسلمين. وأكد المجلس أنه سيتصدى لما يعرف ب"التنميط العرقي" واستهداف الأقليات، في إطار قانون مكافحة الإرهاب الذي طبقته الحكومة على الأقليات. ومن المقرر أن يتقدم الأمين العام للمجلس الإسلامي، فاروق مراد، للجمعية العمومية لمجلس مدينة برمنجهام، بطلب رصد ومتابعة أكثر جدية لجرائم الكراهية ضد المسلمين، بعد وقوع كثير من حوادث الاعتداءات والتهديدات بالقتل وتدنيس المقابر، بالإضافة إلى تقديم شكوى من عدم وجود شجاعة كافية لدى المجتمعات المحلية للإبلاغ عن مثل هذه الجرائم للشرطة. وتأتي هذه الدعوات، بدعم من بعض الأكاديميين البارزين، ومجموعات مكافحة الإرهاب الفكري والمنظمات الإسلامية، في الوقت الذي أكدت فيه شرطة العاصمة أن جرائم المعادية للإسلام في لندن وصل عددها إلى 762 جريمة منذ أبريل عام 2009، منها 333 في العامين السابق والحالي و 57 جريمة منذ أبريل من هذا العام، بينما قال المتحدث باسم شرطة العاصمة أنهم كانوا على دراية بالبلاغات الكثيرة المقدمة عن جرائم الكراهية، مقرين بتضييعهم كثيرًا من الفرص للحفاظ على الضحايا. وبرغم تنامي المخاوف حول تأثير جرائم الكراهية على جميع الطوائف، قالت رابطة كبار ضباط الشرطة: إنه لا يتم تجميع البيانات عن هذه الجرائم مركزيًّا، وبهذا ستكون "عملية بيروقراطية مفرطة للقوات المحلية". ويحذر مراد في خطابه من تزايد هذه الهجمات، قائلًا: "إن الهجمات المعادية للإسلام، ضد الأشخاص والممتلكات، ربما ترتكبها أقلية، إلا أن الحوادث في تزايد، ولابد من تحرك قوي وصارم، وهذا يعني أنه ينبغي علينا القيام بتسجيل ورصد وتحليل مثل هذه الهجمات منهجيًا، بدلاً من أن يقوم عدد قليل من أفراد قوات الشرطة بتسجيل جرائم الكراهية ضد المسلمين". ومن المثير للاهتمام، ما كشف عنه مراد من أن أعداد الجرائم التي تم تجميعها في مركزين للشرطة فحسب قد تصل إلى 1200 جريمة في 2010، مقابل 546 جريمة معادية للسامية في جميع أقسام الشرطة في المملكة المتحدة. وقد تضمنت هذه الجرائم ضد المسلمين في جميع أنحاء المملكة بعض الاعتداءات على أئمة المساجد والعاملين فيها، بإلقاء قنابل حارقة وحجارة من خلال النوافذ، ووضع رؤوس الخنازير على المداخل والمآذن، بخلاف الرسائل المسيئة والتخريب المتعمد. أما الدكتور روبرت لامبرت، المدير المعاون للمركز الإسلامي الأوروبي للأبحاث والباحث في معهد الدراسات العربية والإسلامية، جامعة اكستر، فقد أعد بحثًا يتناول أرقامًا شاملة عن الهجمات على المساجد والمنظمات والمؤسسات الإسلامية. ويقول الدكتور لامبرت، ضابط شرطة سابق لمكافحة الإرهاب: إن المشاكل المتعلقة بشأن جمع البيانات تنبع أساسًا من عدم وجود إرادة سياسية، وليست من الجهود التي تبذلها الشرطة، مضيفًا: "عندما كنت أعمل في الشرطة، حدثت بعض موجات من هذه الهجمات ضد المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة و 7 / 7 في لندن، وبرغم اقترابنا من الذكرى السنوية العاشرة لهذه الأحداث فإن لدينا أكثر من 50 هجومًا بالقنابل الحارقة، ولم يتحرك أي سياسي ليقف جنبًا إلى جنب مع أئمة المساجد، وهذه هي المعضلة". ويقول غفار حسين، من معهد كويليام البريطاني لمكافحة التطرف: "إن التعصب ضد المسلمين حقيقي للغاية، وموجود بقوة، وما زالت هناك قطاعات كبيرة من المجتمع البريطاني يرتابون بشدة من المسلمين، ومن بناء المساجد، زاعمين خوفهم من انتشار فكرة (أسلمة أوروبا)". جدير بالذكر أن ما بين 40 إلى 60 % من المساجد والمراكز والمنظمات الإسلامية في المملكة المتحدة تعرضت لهجوم على الأقل منذ أحداث 11 سبتمبر، ويشير تاجي مصطفى المتحدث باسم حزب التحرير في بريطانيا إلى أن "الهجمات ضد الأجانب بدافع الكراهية زادت في ظل الحكومات المتعاقبة، حيت تنسق وتتحالف الحكومات مع بعض من قطاعات وسائل الإعلام، حتى يتسنى لهم أن يجرحوا ويسيئوا للإسلام كجزء من دعايتهم السياسة الخارجية". ومن بين العائلات التي تعرضت للاعتداء وأصيبت بالهلع والرعب، عائلة محمد خليل (48 عاما) الذي يعيش في هاي ويكومب والذي اكتشف تعرض قبور المسلمين للتدنيس في 20 أبريل الماضي، ويروي معاناته كمسلم يعيش في بريطانيا. يقول خليل: "برغم أنني ممثل للمجتمع، فلم أسلم من التعرض للإيذاء، وأصبحت ضحية كغيري، حيث تعرضت مقبرة والدتي للتدنيس بعد أن دُفنت بأربعة أسابيع فقط. ولم تكن هي المرة الأولى التي تتعرض فيها مقابر المسلمين للتدنيس، إلا أنها هذه المرة كانت أشد وطأة، حيث تعرض أكثر من 25 قبرًا للاعتداء". ويستطرد قائلاً: "إن بحوزتي أدلة فوتوغرافية لشخص يدق على هذه القبور، وبدا أنه يرتكب ذلك عمدًا، وكانت محض كراهية، وإسلاموفوبيا خالصة، لأن هذه المقبرة عمرها أكثر من 200 سنة، وتضم جزءًا صغيرًا للمسلمين، وهو الجزء الوحيد الذي تم الاعتداء عليه". برغم هذه الاعتداءات والهجمات التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون في بريطانيا، فإن الإسلام هو الدين الأسرع نموًّا في المملكة المتحدة؛ حيث يصل عدد المسلمين الآن إلى أكثر من 2 مليون شخص تصل نسبتهم إلى (4% من السكان)، أكثر من نصفهم ولدوا في بريطانيا، ناهيك عن الكثير من الدراسات والإحصائيات التي تدلل على أنهم الأكثر وطنية ورغبة في التعايش والاندماج من غيرهم من الأقليات الأخرى. المصدر بالإنجليزية