كلما دقت ساعة الإنتخابات الأمريكية وجه العالم بأسره بوصلته نحو بلاد العام سام لمعرفة رئيس أمريكا-العالم- القادم لمدة السنوات الأربع القادمة. إلا أن الكثيرين وخاصة داخل الوطن العربي وحتى بين الأمريكيين أنفسهم يجهلون جهلا تاما الطريقة التي يتم بها انتخاب رئيس الإمبراطورية الأمريكية و ما يحوم حولها من تاريخ و جغرافيا قد تتزواج لتنجب رجلا –كادت أن تكون امراة لأول مرة؟_ قد لايتمتع بكل الصلاحيات التي يروج لها الإعلام. فكيف يتم ذلك ياترى؟ أعلنت و.م.أ استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية في عام 1776 لينتخب بعدها جورج واشنطن في 1789 كأول رئيس ل و.م.أ ليبدأ بذلك سلسلة من 44 رئيسا اخرهم الرئيس الحالي باراك أوباما حيث تقام هذه الانتخابات كل يوم ثلاثاء الواقع بين 6 و8 نونبر. إلا أن انتخابات القوة الناعمة تمر بمراحل تكاد تكون أشبه بالمراطون، حيث يتم في البداية عقد المؤتمرات الحزبية والانتخابات الأولية لتحديد مرشح عن كل من الحزب الجمهوري والديمقراطي، إلا أن هذه المرحلة تعرف العديد من المفارقات على مستوى الولايات إذ يعرف بعضها بمراكز التأثير في حين لا تشكل أخرى سوى مجرد عشب على قارعة الطريق. لكن انتخابات هذه السنة شهدت ميلاد نجم جديد إنه _الظاهرة ترامب_ الذي وعد ببناء صور "صين" آخر بين و.م.أ والمكسيك لمنع الهجرة ومنع دخول المسلمين إلى أمريكا بعد أحداث "سان بيرناندينو" ومنع الأمريكيين من حمل السلاح، وينظر لبوتين كصديق جيد محتمل فضلا عن إطلاق البعد عليه أحمد نجاد الولاياتالمتحدة، لأن كلاهما يخاطب عواطف لا عقول الجماهير، وحيث أنه يؤمن إيمانا تاما بنظرية "صفر أقطاب" لديفيد جوردن. إلا أن السؤال الذي يعيد نفسه في أكثر من موضع هو هل فعلا سيقوم ترامب بما وعد به، أم أنها مجرد حملات انتخابية تندرج ضمن خانة ساس يسوس وهو الذي وعد بمحو 8 سنوات التي قضاها أوباما من تاريخ أمريكا، هو نفسه الذي قال إنه سيأخذ على محمل الجد نصائح أوباما بعد أول لقاء لهما بالبيت الأبيض. وعليه تبقى الحقيقة التاريخية ثابتة لا تتغير: 8 سنوات للجمهوريين تأخذ فيها أمريكا حروبا مسلحة شتى ويأتي بعد ذلك الديمقراطيون في 8 سنوات الموالية ليبدأوا سلسلة من المفاوضات والانسحابات أو تقليص عدد القوات. فالملاحظ يرى ولايحتاج للملاحظة أن أغلبية الحروب كانت في عهد الجمهوريين وأن أغلبية اتفاقيات السلام كانت في عهد الديمقراطيين. فهل انتخاب ترامب سيشكل أول خطوة لانهيار و.م.أ بعد أن بدأت ملامحه الأولى تنقشع خلال الأزمة المالية الأخيرة. صحيح لايزل الوقت مبكرا للإيجابة على هكذا تساؤلات لكن الأكيد أن أمريكا دولة مؤسسات تعتمد روح القوانين والشعب الأمريكي يعرف مصالحه جيدا خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة الحالية والتي لن يخلص أمريكا و العالم منها إلا رجل خبير بخبايا الاقتصاد على غرار ترامب. لكن ما يثير الضجر والاشمئزاز هو ما باتت تتناوله بعض المنابر الإعلامية العربية من تأثير السياسة الخارجية الجديدةلأمريكا على العرب و بعضهم أصبح يتحدث عن سقوط محتمل لبعض البلدان العربية ( العربية السعودية...), تبا ثم تبا لأمة ضحكت من جهلها الأمم حتى صارت تربط مصيرها بأشخاص. ... عفوا متى غدت العروبة نعجة وحماة أهلها الكرام ذئاب...