اجتماع "لجنة المالية" يشعل غضب مكونات المعارضة في مجلس النواب    الأمم المتحدة: افتتاح الدورة ال69 للجنة وضع المرأة في نيويورك بمشاركة المغرب    الوزارة تكشف عدد السياح الذين زاروا المغرب عند متم فبراير    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    هل تُنقذ الأمطار الربيعية الموسم الفلاحي في المغرب؟    عاجل.. تسليم الطفلة القاصر ملاك لوالدتها التي تقرّر متابعتها في حالة سراح في قضية المدعو "جيراندو"    اندلاع حريق مهول في السوق البلدي لمدينة المحمدية    كلية الآداب والعلوم الانسانية بالمحمدية تنظم احتفالاً باليوم العالمي للمرأة    دراسة أمريكية.. قلة النوم تزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم لدى المراهقين    رئيس النيابة العامة يستقبل وزير العدل الفرنسي ووفد رفيع المستوى    شفشاون تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية.. وهذه توقعات الثلاثاء    شرطة محطة القطار بطنجة توقف مروجا لمخدرات بحوزته 600 قرص من نوع "زيبام"    هذا موعد إعلان الركراكي عن قائمة أسود الأطلس    حماس تقول إن إسرائيل "تواصل الانقلاب" على اتفاق الهدنة في غزة    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    اعتقال سائق سيارة أجرة بتهمة الإخلال بالحياء    الجزائر تغازل إدارة ترامب وتعرض معادنها النادرة على طاولة المفاوضات    فالفيردي يصل إلى 200 مباراة في "الليغا"    التامني: القوانين وحدها غير كافية لتغيير وضعية النساء ومدونة الأسرة تحتاج إصلاحات جذرية    فتح باب الترشح لنيل جائزة التميز للشباب العربي 2025 في مجال الابتكارات التكنولوجية    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "البيجيدي" يطلب رأي مجلس المنافسة في هيمنة وتغول "الأسواق الكبرى" على "مول الحانوت"    أوضاع كارثية وأدوية منتهية الصلاحية.. طلبة طب الأسنان بالبيضاء يقاطعون التداريب احتجاجا على ضعف التكوين    ذكرى وفاة المغفور له محمد الخامس: مناسبة لاستحضار التضحيات الجسام التي بذلها محرر الأمة من أجل الحرية والاستقلال    المغرب – سوريا إلى أين؟    من وهم الاكتفاء الذاتي إلى استيراد مليون رأس غنم بشكل مستعجل! أين اختفت السيادة الغذائية يا تبون؟    الوزير عبد الصمد قيوح يعلن إدخال تحسينات جديدة على مطاري البيضاء ومراكش لتسهيل حركة المسافرين    "نساء متوسطيات" يمنحن مراكش أمسية موسيقية ساحرة    إدارة السجن بني ملال تنفي ما تم تداوله حول وفاة سجين مصاب بمرض معدي    تعليق الدراسة بسبب سوء الأجواء الجوية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    حقيبة رمضانية.. فطور صحي ومتوازن وسحور مفيد مع أخصائي التغذية محمد أدهشور(فيديو)    كيف يتجنب الصائم أعراض الخمول بعد الإفطار؟    قلة النوم لدى المراهقين تؤدي إلى مشاكل لاحقة في القلب    الكوكب يبسط سيطرته على الصدارة و"سطاد" يستعد له بثنائية في شباك اليوسفية    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    أدت ‬ببعضها ‬إلى ‬الانسحاب.. شركات مالية ‬مغربية ‬تواجه ‬أوضاعا ‬صعبة ‬بموريتانيا    في رثاء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح    هَل المَرأةُ إنْسَان؟... عَلَيْكُنَّ "الثَّامِن مِنْ مَارِسْ" إلَى يَوْمِ الدِّينْ    غاستون باشلار وصور الخيال الهوائي :''من لايصعد يسقط !''    زيلينسكي يتوجه إلى السعودية قبل محادثات بين كييف وواشنطن    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    نهضة بركان على بعد خطوة من تحقيق أول لقب له بالبطولة    كندا.. المصرفي السابق مارك كارني سيخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    عمر هلالي يعلق على أنباء اهتمام برشلونة    الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    رجاء القاسمي.. الخبرة السينوتقنية بلمسة نسائية في ميناء طنجة المدينة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    مباراة الوداد والفتح تنتهي بالتعادل    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى نقاش دستوري ديمقراطي مع الأستاذة نادية البرنوصي
نشر في هسبريس يوم 22 - 11 - 2016

تفاعلا مع التصريح الأخير الذي أدلت به الأستاذة نادية البرنوصي لمجلة "تيل كيل"1 بأنه لتجاوز التأخير (البلوكاج) المتعلق بتشكيل الحكومة، يمكن للملك بأن يكلف حزبا آخر لتشكيل الحكومة، مفضلة بأن يتم منح رئاسة الحكومة لحزب التجمع الوطني للأحرار باعتباره في المدة الأخيرة أضحى يبدو حزبا منسجما وقويا (حسب تعبير الأستاذة نادية البرنوصي)، لتصرح بعد ذلك في الموقع الإلكتروني "الأول"، بأنه في حالة فشل حزب العدالة والتنمية في جمع الأغلبية، يمكن للملك أن يمر إلى تعيين رئيس الحكومة من الحزب الثاني.2
وغير بعيد عما سبق، لَوح الأستاذ عمر الشرقاوي بإمكانية اللجوء إلى التحكيم الملكي لتجاوز التوقف الحاصل في مسار مفاوضات تشكيل الحكومة، مضيفا أن حل اللجوء إلى التحكيم الملكي يعد حلا غير مكلف سياسيا وماليا3.
وبناء على ما تقدم، يمكن طرح السؤال التالي، هل الوثيقة الدستورية تعاني من بياضات ومن ثقب تفرمل مسطرة تشكيل الحكومة، مما يستدعي البحث عن الحلول الدستورية والممرات التي رسمتها فلسفة المشرع الدستوري.
عطب في الدستور أم عيب في فهم روح الدستور؟
يُعد مطلب تخفيف مركزة السلطات في يد المؤسسة الملكية وتوزيع السلطة التنفيذية بين الملك والحكومة من عُقد المطالب الدستورية التي رُفعت في سنوات التسعينات، وهو ما عبّر عنه الأستاذ حسن طارق بهاجس تطويق الفصل 19 من دستور 19924، وهو ما تَكرس في شعار الملكية البرلمانية، والذي اعتُبر من أقوى المطالب التي رُفعت في حراك 20 فبراير.
وفي مُستطاعنا طرح الأسئلة التالية: هل يتمتع الملك بمطلق السلطة في تحديد واختيار الشخص الذي يتحمل مسؤولية رئاسة ألحكومة أم أنه مقيد بمجموعة من القيود الدستورية التي يجب أخذها بعين الاعتبار في هذا الصدد، وهل تأخر تشكيل الحكومة يفتح تأويلا لفكّ القيود الدستورية المرتبطة بالشرعية الانتخابية وهل الملك غير ملزم بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد إذا لم يفز بأكبر عدد من الأصوات.
ولما نُطالع ما ورد في متن الفقرة الأولى من الفصل 47 من دستور 2011، نجد بأن المشرع الدستوري نص على ما يلي: "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها".
إن المُتمعن في منطوق الفصل 47 من الدستور، يدرك أن المشرع الدستوري ربط تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لانتخابات مجلس النواب، وهو ما يعني إقصاء التأويل المتعلق بمنح رئاسة الحكومة من خارج الحزب الحاصل على المرتبة الأولى5.
ولعل اللافت للنظر، أن دستور 2011 جاء بالعديد من المستجدات المتقدمة، وتشكل الفقرة الأولى من الفصل 47 جوهر الإصلاحات الدستورية، والتي تعكس بشكل جلي قلب الطابع البرلماني للنظام السياسي من خلال تقليص وغلّ يد الملك في تعيين رئيس الحكومة، والانتقال من حرية التعيين الملكي للوزير الأول (طبقا للدساتير السابقة من دستور 1962 إلى دستور1996)، إلى التعيين الرمزي والشكلي لرئيس الحكومة من لدن الملك6.
وهكذا، تُقدم لنا تجربة ما بعد 7 أكتوبر 2016 حالة مدرسية لتفكيك مُقتضيات الفصل 47 من الدستور، وفي هذه الحالة يمكن اعتبار التأويل الاجتهادي الرامي إلى منح رئاسة الحكومة لحزب التجمع الوطني للأحرار يتناقض مع سمو الدستور (الفقرة الأولى من الفصل 47) ويتعارض مع فلسفة ربط القرار السياسي بصناديق الاقتراع.
لابد من التذكير، أن فتح التأويل لفرضية منح رئاسة الحكومة من خارج الحزب المتصدر لا يستند إلى أي أساس دستوري أو قانوني، خاصة إذا طرحنا السؤال التالي: ما هي المسطرة التي يتعين اتباعها لمنح رئاسة الحكومة لغير حزب العدالة والتنمية.
التحكيم الملكي في ظل التقيد بالفصل 47.
يجب التمييز في هذا السياق، بين مرحلتين مترابطتين: مرحلة التعيين الملكي لرئيس الحكومة المكلف استنادا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 47، ثم مرحلة تعيين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها طبقا للفقرة الثانية من ذات الفصل.
وفي المنحى ذاته، فإن جوهر النقاش غير مُرتبط بالمرحلة الأولى لكونها تعد قاعدة عامة في مقابل المرحلة الثانية التي تعد قاعدة خاصة، واستنادا إلى قاعدة أولوية الخاص على العام، يمكن أن يكون تدخل ملكي في مرحلة المفاوضات هذا من جهة، ومن جهة ثانية، لا يمكن للملك بأن يلجأ إلى التحكيم الملكي في المرحلة الأولى تحت طائلة السقوط في أحكام الفصل 47 التي ترتب حصانة دستورية لرئيس الحكومة أمام الملك ،حيث لا يتوفر الملك على حق إعفاء رئيس الحكومة المكلف، وهذا ما يفهم من منطوق الفقرة الثالثة من الفصل 47 التي تنص على أنه للملك بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، وبمفهوم المخالفة، لا ينبغي أن يفهم من عبارة "أو أكثر من أعضاء الحكومة "أن رئيس الحكومة يدخل ضمن العبارة التي سبقت الإشارة إليها.
وهكذا، وحتى لو افترضنا جدلا إمكانية التدخل أو التحكيم الملكي، فإن ذلك سيكون بالمحافظة على رئيس الحكومة المكلف، وسيقتصر التدخل الملكي (إن اقتضى الأمر) في المرحلة الثانية المتعلقة بالمفاوضات من خلال استبعاد خيار المس بالجهة التي تتولى رئاسة الحكومة.
يمكن مناقشة التأويلين "الرئاسيين" الراميين إلى منح رئاسة الحكومة لغير الحزب المتصدر للانتخابات أعضاء مجلس النواب واللجوء إلى التحكيم، بحجة فشل رئيس الحكومة المكلف في جمع الأغلبية الحكومية المساندة له. من خلال طرح السؤال التالي، ما هو السند الدستوري المؤيد للرأيين السابقين؟
يمكن مناقشة الرأيين الراميين إلى منح رئاسة الحكومة لغير الحزب المتصدر لانتخابات أعضاء مجلس النواب (في شخص رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش)، والرأي المطالب باللجوء إلى التحكيم الملكي باعتباره أقل كلفة، بحجة أن الرأيين يستندان لمسألة فشل رئيس الحكومة المكلف في جمع الأغلبية الحكومية.
سبقت الإشارة إلى أن دستور 2011 قيّد سلطة الملك في إعفاء رئيس الحكومة، وهي الخاصية التي تميز الدستور المغربي على جميع الدساتير العربية المقارنة.
وفي هذه الحالة، حتى ولو افترضنا فشل عبد الإله بنكيران في إقناع الأحزاب للتحالف معه، فإن الملك لا يمكن له المرور إلى الفصل 42 دون التقيد بأحكام الدستور، وذلك من خلال احترام المسطرتين التاليتين :
المسطرة الأولى: للاستناد إلى الفصل 42 وإشهار التحكيم الملكي يجب على الملك إعفاء رئيس الحكومة، ومادام الملك لا يملك السلطة المباشر لإعفاء رئيس الحكومة7، فيمكنه بشكل غير مباشر أن يستند على الفصول 51 و96 و98. والقيام بحل مجلس النواب وإعادة الانتخابات، وهذه المسطرة تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات، بغض النظر عن تكلفتها المادية، فإنها يمكن أن تفرز عودة قوية للحزب المتصدر، وهذا ما سيشكل إحراجا للملك.
المسطرة الثانية : أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بتقديم استقالته الاختيارية بمبادرة منه طبقا للفقرة السابعة من الفصل 47 من الدستور، ويبقى للملك سلطة تقديرية واسعة من خلال اللجوء إلى أحد الحلين: تعيين شخصية سياسية من نفس الحزب المتصدر طبقا للفقرة الأولى من الفصل 47، أو حل مجلس النواب استنادا للفصل 51 من الدستور وإعادة الانتخابات .
فشل رئيس الحكومة المكلف وإمكانية المرور إلى الحزب الثاني أو الثالث أو الرابع.
بالرغم من أن الفصل 27 من دستور 2011 نص على أنه للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
وهنا يطرح التساؤل، لماذا لم يتم وضع الاشغال التحضيرية رهن إشارة الفاعلين والمؤسسات الدستورية بما فيها المحكمة الدستورية، حيث يعتبر المغرب الدولة الوحيدة التي لم تنشر فيها الأشغال التحضيرية لأعمال اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور8، ولعل جزء من الارتباك والتعثر الحاصل في فهم وتفعيل روح الدستور، يرجع جانب منه إلى تخلف النخب السياسية وإلى غياب الأشغال التحضيرية للدستور.فغياب هذه الأخيرة يعرقل تصورات واختيارات الفاعلين والباحثين في استيعاب البياضات والمساحات الفارغة في الوثيقة الدستورية.
وقريبا من الاشغال التحضيرية، يمكن العودة إلى مذكرات الأحزاب السياسية التي قدمت إلى اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، حيث اقترحت جميع الأحزاب السياسية بما فيها حزبي التجمع الوطني للأحرار و الأصالة والمعاصرة، بأن يتم تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية9.
ولابد في هذا الإطار، استحضار توجهات خطاب 9 مارس 2011 والذي دعى فيه الملك إلى تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، وهو ما عبر عنه الملك في خطاب17 يونيو 2011 إذ دعى إلى الانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية، بقيادة رئيس الحكومة الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، تجسيدا لانبثاق الحكومة من الاقتراع العام المباشر.
سقوط فرضية التحكيم الملكي في ألغام الفصل 47.
لا يمكن التفكير مغربيا في موضوع التحكيم الملكي، دون التذكير بالكتابات المؤسسة لموضوع التحكيم الملكي، إذ أثار الأستاذ محمد معتصم في أطروحته المعنونة بالتطور التقليدي للقانون الدستوري المغربي10، أن سعي الملك للقيام بدوره التحكيمي لا يجد مصدره في الدكًولية بقدر ما يرجع لممارسة سياسة تقليدية في يد النظام للتحكم والموازنة، ليأتي بعد ذلك الأستاذ عبد الإله فونتير ليضفي الأساس الدستوري للتحكيم الملكي11.
لنعود إلى رأي (الأستاذة نادية البرنوصي) ورأي الأستاذ (عمر الشرقاوي)، فالرأي الأول يدافع على فكرة منح رئاسة الحكومة للحزب الثاني (الأصالة والمعاصرة) أو للحزب الرابع (التجمع الوطني للأحرار) لتجاوز عطب تشكيل الحكومة، والرأي الثاني الذي يلتمس التحكيم الملكي مستبعدا فكرة حل البرلمان وإعادة الانتخابات باعتباره حلا مكلفا سياسيا وماديا.
وبالاستدلال بالخُلف، أعيد طرح التساؤل التالي:
ما هو السند الدستوري الذي سيعتمد عليه الملك لتعيين الأمين لحزب التجمع الوطني للأحرار (رأي الأستاذة البرنوصي)، وما هو الأساس الدستوري للجوء إلى التحكيم الملكي (رأي الأستاذ عمر الشرقاوي).
فيما يخص فرضية اللجوء إلى التحكيم الملكي، يذهب الأستاذ مصطفى قلوش إلى أن الاحتماء بسلطة التحكيم ،يتم عندما يحتدم الخلاف بين الفرقاء السياسيين بخصوص مسألة دستورية أو سياسة في حالة غياب نص دستوري بتنظيم تلك الواقعة12.
ولذلك، لا يعتبر التأخر في تشكيل الحكومة مبررا للاستناد إلى الفصل 42 من الدستور وإقرار التحكيم الملكي، لِكون الفصل 47 واضح فيما يتعلق بمسطرة تشكيل الحكومة، ولا يمكن تفسير مسألة التأخر في تشكيل الحكومة مبررا وحجة لاعتناق التحكيم الملكي، خاصة وأن الممارسة السياسية أظهرت بشكل جلي أن التأخر في تشكيل الحكومة يبدو ممارسة مستساغة في ظل نظام سياسي تتجاذبه مركزية النظام الرئاسي ونفحات النظام البرلماني.
ويمكن التذكير بالتعيين الملكي للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في 4 فبراير 1998، حيث استغرقت مدة المفاوضات لتشكيل الحكومة 42 يوما (16 مارس 1998)، ولم نسمع في تلك الفترة أي تأويل رئاسي يستنجد بالتحكيم الملكي أو أي تفسير يطالب بالانقلاب على المنهجية الديمقراطية.
ولقد تطلب الأمر لتشكيل حكومة السيد إدريس جطو 26 يوما (من 9 أكتوبر 2002 إلى 7 نونبر 2002)، ونفس المُعطى تكرر مع المفاوضات التي أجراها السيد عباس الفاسي الذي استغرقت مفاوضاته 27 يوما (من 19 شتنبر 2007 إلى 15 أكتوبر 2007).
وفي ذات المنحى، انتظر الرأي العام 35 يوما لتشكيل حكومة السيد عبد الإله بنكيران الأولى (من 29 نونبر2011 إلى 3 يناير 2012). لذلك، لقد اتجهت الممارسة الملكية في ظل وثيقة 29 يوليوز 2011 إلى استبعاد قبول التحكيم الملكي حينما طلب حزب الاستقلال في سنة 2013 التدخل الملكي لحسم الصراع بين العدالة والتنمية وحزب الاستقلال13 ونفس الأمر تكرر حينما طالب حزب الأصالة والمعاصرة بتعديل الدستور (2016).
حفاظا على سمو الدستور، للحلول دون اغتياله بتفسيرات سلطوية، يفترض الاحتكام إلى التأويل الديمقراطي لمقتضياته، واستبعاد خيار الالتفاف على صناديق الاقتراع من خلال بعض الآراء المثيرة دستوريا وفقهيا في أفق ممارسة سياسية قوية وتحليل علمي ديمقراطي يعكس روح وفلسفة دستور2011.
هوامش:
1 - مجلة "نيل كيل" نونبر 2016
2 - أنظر : مقال بعنوان خبيرة دستورية ل "تيل كيل" : . سيناريوهات لتجاوز "البلوكاج"، أقلها كلفة رئاسة أخنوش للحكومة، منشور في الموقع الإلكتروني لجريدة لكم (WWW.Lakome2.com) آخر دخول للموقع 20 نونبر 2016.
_ أنطر : مقال بعنوان البرنوصي لموقع "الأول" :لم أقترح تعيين أخنوش وهذه سيناريوهات تجاوز البلوكاج WWW .ALAOUAL.COM أخر دخول للموقع 21 نونبر 2016,
3 - عمر الشرقاوي، التحكيم السياسي... قد يكون مخرجا للخلاف بين ابن كيران وأخنوش (تصريح منشور في الجريدة الإلكترونية، www.aljarida24) آخر دخول للموقع 19 نونبر 2016.
4 - حسن طارق: الدستور والديمقراطية قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011، منشورات سلسلة الحوار العمومي 4، مطبعة طوب بريس-الرباط، الطبعة الأولى 2013، ص: 9.
- حسن طارق، عبد العلي حامي الدين : دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية قراءات متقاطعة، منشورات سلسلة الحوار العمومي 2، مطبعة طوب بريس الرباط، الطبعة الأولى، أبريل 2011، ص 110.
5 - أمين السعيد، تصريح في جريدة هيسبريس (تأخر تشكيل الحكومة الجديدة..." بلقنة سياسية" وفراغ دستوري) آخر دخول للموقع 18 نونبر 2016).
6 - أمين السعيد، مؤسسة رئيس الحكومة في الدستور المغربي لسنة 2011، تقديم الدكتورة أمينة المسعودي، سلسلة البحث الأكاديمي، مطبعة الأمنية، توزيع مكتبة الرشاد، الطبعة الأولى، 2014، ص : 104.
7 - أمين السعيد: مؤسسة رئاسة الحكومة في الدساتير العربية الجديدة نموذج (المغرب، تونس، مصر، دساتير ما بعد 2011، قراءات مقاطعة، نظرات في مسار الدسترة في المغرب؛ تونس، مصر، الجزائر، ليبيا و اليمن، المجلة المغربية للسياسات العمومية، عدد خاص 18، خريف 2015، تحت إشراف الأستاذ حسن طارق، ص: 142.
8 - سنة ثانية دستور: المجلة المغربية للسياسات العمومية، تنسيق الأستاذ حسن طارق، العدد 10، صيف 2013، ص: 10.
9 - اقترح حزب الاستقلال (يعين الملك الوزير الأول من الحزب أو التكتل الذي يحصل على أكبر مقاعد في الانتخابات التشريعية)
* اقترح حزب الحركة الشعبية (يعين الوزير الأول من الحزب أو اتحاد الأحزاب المشكلة قبل الانتخابات التشريعية الحائزة على المرتبة الأولى.
* اقترح حزب الاتحاد الدستوري (يعين الملك الوزير الأول من الحزب السياسي أو اتحاد الأحزاب الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية).
* اقتراح حزب التقدم الاشتراكية (تعيين الوزير الأول من الحزب أو عند الاقتضاء من التكتل الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية).
10 - محمد معتصم، التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، تحت إشراف الأستاذ محمد الغماري، مارس 1988، ص 187 و 188.
11 - عبد الإله فونتير: العمل التشريعي بالمغرب أصوله التاريخية ومرجعياته الدستورية، دراسة تأصيلية وتطبيقية، الجزء الثالث، تطبيقات العمل التشريعي وقواعد المسطرة التشريعية، سلسلة دراسات وأبحاث جامعية (4)، الطبعة الأولى، 2002، ص 13.
12 - مصطفى قلوش : النظام الدستوري المغربي، المؤسسة الملكية، مطبعة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، طبعة 1996-1997، ص : 25.
13 - عبد الرحيم منار اسليمي، إشكالية التنصيب بين حجج الدستور وقرار المجلس الدستوري، التنصيب البرلماني لحكومة بنكيران الثانية، إشكاليات ومواقف، منشورات سلسلة الحوار العمومي، تنسيق الأستاذ حسن طارق، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى، 2014، ص 27.
*باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.