ماكرون في المغرب.. مسار جديد للعلاقات الثنائية يرسم ملامح المرحلة المقبلة    بوادر انفراج الأزمة .. تفاصيل أول لقاء لميداوي والتهراوي مع طلبة الطب    هذه أسباب استعانة الملك ب"العكاز" خلال استقباله للرئيس الفرنسي    لوديي يستقبل بالرباط وفدا من الكونغرس الأمريكي    وزير الفلاحة يعلن عن إجراءات جديدة لضبط أسعار زيت الزيتون    بسبب فينيسيوس… ريال مدريد يقرر عدم المشاركة في حفل الكرة الذهبية    "مانشستر يونايتد" يقيل مدربه الهولندي    الناظورية كوثر بعراب تفوز بالميدالية الذهبية في البطولة الوطنية للكيك بوكسينغ    قاضي الجلسة يطرد حميد المهداوي من قاعة المحكمة    الكوليرا تودي بحياة أكثر من 100 شخص في تنزانيا خلال 10 أشهر    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    الفنان زكرياء الغافولي يصدر أحدث أعماله الغنائية المصورة    أخبار الساحة    بسبب خطاب الكراهية ضد الأمازيغ.. إلياس المالكي يحال على النيابة العامة    مطارات المغرب تسجل رقما قياسيا بأزيد من 24 مليون مسافر خلال 9 أشهر    إحالة إلياس المالكي على وكيل الملك بتهمة "تسويق خطاب الكراهية"    تساقطات مطرية وثلجية وطقس بارد من الاثنين إلى الأربعاء بالمغرب    تقرير: جهة طنجة تسجل إحداث أكثر من ألف مقاولة كل شهر    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مقاييس التساقطات المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الملك يشيد بالصداقة والتعاون مع التشيك    تقرير: ارتفاع المخزون المائي إلى 918 مليون متر مكعب بشمال المغرب    سعيدة فكري ترد على إتهامات رفضها الغناء أمام جمهور أكادير        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ارتداء لباس قاتم ومنع الهواتف.. هذه هي تدابير حضور البرلمانيين لخطاب الرئيس ماكرون    تازة: دار الطالب والطالبة أمسيلة تجسيد بارز لانخراط المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في النهوض بخدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية    الاحتفاء بالأديب محمد برادة في 24 مدينة تكريم لستة عقود من العطاء الأدبي والفعل الثقافي    آخر اختيار يواصل التألق والفاسي تظفر بجائزة أحسن ممثلة بمهرجان دولي في الكاميرون    وفاة طالب بكلية الطب بمراكش تثير قلقا حول الأوضاع النفسية والخدمات الصحية    يونايتد إيرلاينز تطلق أول خدمة مباشرة على الإطلاق بين مراكش ونيويورك/نيوارك    صيادو الحسيمة يعثرون على جثة بشرية مجهولة عالقة بشباكهم في عرض البحر    زياد فكري ل"برلمان.كوم": أكاديمية محمد السادس لكرة القدم نموذج للانضباط وصناع الأبطال    بينهم نبيل عيوش والطاهر بنجلون.. كتاب وفنانون يرافقون ماكرون في زيارته للمغرب    جنوب إفريقيا تقدم اليوم ملفا ل"العدل الدولية" لإثبات اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة    زيارة ماكرون.. مطالب باعتذار رسمي عن الجرائم الاستعمارية بالمغرب والكف عن دعم الإبادة الصهيونية    أسعار الصرف .. الأورو والدولار تحت المجهر أمام الدرهم    العراق يحتج على استخدام إسرائيل أجواءه لمهاجمة إيران    خارجية إيران تتوعد إسرائيل ب "رد حازم"    المغربي يونس الخمليشي يفوز بجائزة قطر العالمية لحوار الحضارات    "إكس" توقف حساب المرشد الأعلى الإيراني بعد منشور بالعبرية    "سبيس إكس" الأمريكية تطلق 22 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    ترامب يسعى ليكون الرئيس الأمريكي الثاني الذي يعود إلى البيت الأبيض بدورتين غير متتاليتين    مقترح مصري لوقف موقت لإطلاق النار في غزة ومفاوضات بالدوحة أملا في إنهاء الحرب    هناك أرضية خصبة لإنضاج مشاريع سينمائية مشتركة بين المغرب وموريتانيا (سينمائيون)        في مواجهة عرفت طرد أمين حارث.. باريس سان جيرمان يكتسح مارسيليا بثلاثية    إعادة انتخاب المدير العام للمغربية للألعاب والرياضة نائبا لرئيس الجمعية العالمية لليانصيب    حظوظ وزير الصحة والحماية الاجتماعية لبلوغ الغايات والأهداف المنشودة    Gitex Global: هواوي تطلق سلسلة من حلول التحول الرقمي والذكي للصناعة    عضة بسيطة من كلب أليف "كانيش" تتسبب في وفاة شاب    الصحة العالمية تحذر: أعراض ارتجاج المخ قد تتأخر في الظهور        مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فبرا-20-ير وشرطا نية التغيير
نشر في هسبريس يوم 12 - 06 - 2011

يحاول جانب من المجتمع المغربي غالبيته شبابا إدارة عجلة الدولة المغربية وزحزحتها من مكانها من أجل تحديث آليات العمل السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي . فبدون تجديد وتحيين يومي للأفكار والمقاصد والقوة يحل الركود "فيروس" الاحتضار البطيء للبلاد والعباد. فلابد من وجود مَن يجدد للناس نشاطهم ويهذب ميولهم الفرداني كي يصبحوا طائعين وفعالين لخدمة الإنسان ،ولا يشكلون أي تهديد لغيرهم . فالربيع العربي جاء ليخرج الأمم من سباتها ، ويهديها فرصة تاريخية نادرة كي تجدد نفسها ، وتنطلق من جديد بنفَس جديد وإرادة قوية نحو الإعمار والخلود " والأرض يرثها عباد الله الصالحون"(الأنبياء 105 ).
وعلى إيقاع خطوات المتظاهرين ، وعلى ضجيج نداءاتهم وشعاراتهم المتضاربة أحيانا تُسَرّع السلطة المغربية تحولاتها بنفس القوة والإرادة في التغيير والإصلاح التي تتحرك بها جماعات التغيير 20 فبراير كمثال.و يجب أن نعمل على أن يكون الربيع المغربي ربيع جميع المغاربة ، حل بدارهم فكسا الأرض زهورا والياسمين وحمرة الأقحوان ، في انسجام تام بين التربة ومن على الأرض ومن في الغربة . لكن كل من فكر وقدر وأراد أن يمزج ربيعهم بصلصلة الرعد ، والبرق الخاطف وأنين الضائعين بين الربى فقد ضل وانتهى . فالمغاربة أمة واحدة موحدة أصيلة أمازيغية وعربية لا يفرقهم ما هو أثني ولا طائفي لأن الإسلام يجمعهم منذ قرون ، ولا مكان بينهم للكراهية ولا للعقد ولا للعنصرية ، فالإسلام يجوب ما قبله . وهذا كاف يكفيهم.
هناك مملكة النحل أكثر الحشرات فائدة ، تنتج العسل غذاء وشفاء للعالمين .كما تنتج شمع العسل الذي يستعمل في منتجات عديدة منها الصمغ والشموع ومستحضرات التجميل ، وكلها مواد يستعملها الإنسان . من أجل ذلك يحترم الإنسان نحلة العسل ، فهي ليست في حاجة لهيئة الأمم المتحدة ، ولا لجمعيات حقوق الإنسان ولا لدعم الشرق أو الغرب ولا حتى لقناة الجزيرة للدفاع عن نفسها ، فالجميع يحترمها ويعشق أزيزها الذي يعطي للسكون حياة . واحترام الإنسان لنحلة العسل يأتي من حبها الإنسان ، ومن أحب مخلوقا أعطاه بدون حساب . ويأتي كذلك من احترام نحلة العسل " لملكة النحل" واحترامها للمسؤولية الملقاة على عاتقها . فهي مجدة ، منضبطة، أمينة ، ونشيطة ، شغالة طول الوقت لا تكل ولا تمل . هي دائما بالفطرة في عمل و عبادة . والغريب أن نحل العسل منشغل بعمله وبمهامه، غير طماع لا في سلطة ولا في قيادة .هو يحترم بانضباط كبير التراتبية وروح التكليف" ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا" . ويظهر أن مملكة النحل أقدم المملكات عبر التاريخ ،ورغم ذلك من غير المتوقع أن يطالب النحل في يوم من الأيام بجمهورية أفلاطون .قطعا، النحل يعلم عن مساوئ الجمهوريات الشيء الكثير.
والمغاربة يدركون جيدا دور " ملكة النحل" في تكوين العسل ، ويدركون كذلك دور الملك في تشكيل الثروة المغربية . وأفضل الثروات قطعا السلم الاجتماعي وتعايش المغاربة مع بعضهم البعض ، وانشغالهم بتنمية بلدهم . فهم كالنحل يكرهون الجمود والسكون ، لذلك تجدهم يطالبون بالعمل قبل المطالبة بخفض الأسعار. ولذلك ، الحق إلى جانب من يطالب بفرصة عمل أينما كانت .وفي هذا التوجه تسير الحكومة رغم الإكراهات الداخلية والخارجية . لكن هذا لن يعفيها أبدا من مضاعفة الجهود لخلق الجو الايجابي الذي يتيح لكل مغربي فرصته في العمل والصحة والتعليم وغيرها ، بجلب الاستثمارات، وإن كانت هذه الاستثمارات لا بد لها من جو مناسب :" الاستقرار" أولا وأخيرا.
والحكومة المغربية حاليا هي حكومة المعارضة التاريخية التي كانت تناضل من أجل الحداثة والتحديث، والسؤال هل حققت هذه الحكومة نصيبا من برامجها وهي في السلطة منذ عقدين تقريبا ، بعدما كانت قد قدمت أرواح مناضلين صادقين قربانا من أجل التغيير؟ والمقصود تغيير بعض العادات والقوانين ومحاربة المفسدين الذين " إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"(البقرة) ، بعد الاقتناع التام بأن التغيير الثوري سيل عارم قد يعصف بتاريخ المغرب ، ويصنع التخلف. فالنضال من أجل الديمقراطية بالمغرب ليس وليد 20 فبراير ، وحتى يعطى لكل ذي حق حقه .فحسب عبد السلام حيمر في كتيبه (مسارات التحول السوسيولوجي في المغرب .طبعة 1999) " يمر المجتمع المغربي المعاصر بمرحلة انتقالية اصطلح البعض على تسميتها بمرحلة الانتقال إلى المجتمع الديمقراطي المتفتح على قيم ومعايير الحداثة، اقتصاديا، وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. وقد تم ذلك المرور عبر التحولات الداخلية التي تراكمت في بنياته طيلة أربعين سنة المنصرمة. بالإضافة إلى التغييرات الخارجية التي طرأت على العالم ".
وحتى نساهم إلى جانب حركة ربيع المغرب وكي لا تتضخم أنانيتها وتقودها إلى جانب من التطرف الفكري ، فتنفي بالتالي الشرعية التاريخية للأحزاب الوطنية التي قدمت الكثير والغزير في وقت لم يكن هناك لا منظمة ولا هيئة ولا جمعية تدافع عن حقوق الإنسان ، يجب وضع النقاش في مداره الحقيقي . فشباب اليوم معذورون لأن غالبيتهم لا يعلم عن تاريخ المغرب إلا الشيء اليسير، ولا يعلم عن تضحيات المغاربة وتضامنهم اللامشروط من أجل استقلال واستقرار المغرب ونمائه وتحرير باقي ثغوره.
ففي كل الدول التي مر منها الربيع كانت أول الأولويات مراجعة الدستور أو تغييره كلبنة أولى أساسية لبناء الديمقراطية ، فكان ملك المغرب والشعب في الميعاد . 20 فبراير كان لابد منها ، كانت وما تزال شرطا (منبه شرطي) لبناء الديمقراطية لبنة ،لبنة . فالديمقراطية لا تعني قيام المؤسسات فقط وإنما تحويل النصوص إلى سلوك يومي ، يصاحب أفعال وأقوال المغاربة حيث ما كانوا وارتحلوا خصوصا من بأيديهم المسؤولية ويرعون حقوق الناس. لذلك يجب أن تضع المؤسسات حدا للفساد بشكل عام ، وأن تفضح الفاسدين ، وكما يجب أن يكون هناك تسويق لعمليات الإصلاح عبر وسائل الإعلام . فالديمقراطية المتقدمة -مقصد المغاربة - ديمقراطية شارك فيها الجميع ملكا وشعبا ، ولا يجب لحركة20 فبراير و غيرها أن تنسب هذا الانجاز لنفسها وحدها تجنبا لأي نفي لدور الأحزاب التاريخية والهيئات والجمعيات وباقي المفكرين الأكاديميين الذين ساهموا بالحكمة والمعرفة في بلورة ميثاق جديد ، سيأخذ المغاربة قاطبة إلى بر الأمان .
فالأحزاب الوطنية كانت في فترات سابقة تقوم بمحاولات جادة ومتقطعة من أجل الإصلاح ، لكن كانت تخونها الجرأة الكافية لبلوغ أهدافها، والمصاحبة المستمرة والحضور الدائم بين قواعدها وفي مقراتها التي تظهر فقط موسميا ، الأمر الذي أفقدها الكثير من الأتباع وأدى إلى انسحاب المواطنين من مسرح برامجها ، تاركين الأحزاب تناور وتكابد . قد يكون العيب مرجعيته مطالب المنخرطين الذين يرون في الحزب آلية لبلوغ المرامي وأداة لتحقيق المستقبل.وهو سلوك غير مقبول في الديموقرطيات ،لأنه يؤسس للزبونية واستغلال النفوذ ، ويرسخ عضوية المصلحة . وقد يكون العيب كما قال عبد السلام حيمر ص:39 " هو وجود عوائق سيكولوجية ومصلحية ذاتية لبعض قادة تلك الأحزاب ".
عامل الوقت مازال في صالح المغاربة ، فهناك مفاوضات غير مباشرة من أجل طي ملف القضية الوطنية ، وهناك مستقبل واعد مع الاتحاد الأوروبي ومع باقي العالم ، وهناك أفق مفتوح سيتيح كافة الحقوق الممكنة لكافة المغاربة على قدم المساواة . والمطلوب من الجميع فقط عدم المغامرة بكل هذه الاستحقاقات بتجنب لحظات التهور والمغامرة . فإذا كان لكل داء دواء فلكل مشكل حل وجواب . إنما لا بد من توفر شروط النجاح ، التي من بينها ضبط النفس، والقراءة الصحيحة للمعطيات ، والاستعمال السليم للأدوات الناجعة للحل . بعيدا عن الأنانية المضخمة ، والقومجية الزائدة ، والتحدي السافر لمن يجب احترامه . فبحب المغاربة لبعضهم وإن اختلفوا ، وبتنازلهم بعض الشيء عن خلافاتهم كلما اجتمعوا، وبقبولهم التحاور كآلية تمكنهم من البقاء في الريادة كلما تنازعوا، سيتمكنون يقينا من إفشال مخططات أعدائهم أينما وجدوا ، ويحققون - ذاكرين مستغفرين ، حامدين الله على ما أتاهم من سعة صدر ومخرجا لكل أمر - آمالهم وآمال أحفادهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.