إن المتتبع للخطاب الملكي السامي، من غرب الصحراء الإفريقية، وعلى حدود ليستىيب البعيدة من دكار قلب وعاصمة السينغال وليس عن بعد عن مدينة "سان لوي" التي امتدت إليها الدولة المغربية الشريفة، بمثابة الرافد الديني للمغرب، في إطار دفاعه عن وحدة العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، وإرساء دعائم هذا المذهب فيما يخدم استقرار وأمن شعوب المنطقة. إن خطاب الملك من دكار ليس فقط خطابا موجها لشعبه العزيز، بل الشعب الذي يعز ملكه ويتفانى في الدفاع عنه في كل الأزمات الحقيقية، والتي قد يصطنعها الحاقدون على ما حققه هذا الشعب في المجال التنموي والحقوقي والإنساني، ويتوج الآن بعد الفوز الكبير للمغرب في المنتدى المغربي لحقوق الإنسان، إلى السبق لاحتضان الملتقى العالمي ال 22 للمناخ واعتبار المغرب البلد الايكولوجي بامتياز، وحتى أن يحتفل به بموجب اتفاقية المغرب للمناخ. إن المُتمعن للخطاب الملكي بالذكرى ال 41 للمسيرة الخضراء، يجد أن ملك المغرب قد اختار بلاد السينغال، البلد الذي كانت تحكمه الدولة المغربية إلى حدود نهر السان لوي، والذي شكل العمق المغربي بالعقيدة الأشعرية ووحدة المذهب المالكي، الذي لازالت تعتبره الدولة المغربية جزء لا يمكن التفريط فيه، هو بكل امتياز يمثل العمق الحقيقي لإفريقيا. إن الخطاب الملكي كان بمثابة الدفاع عن سيادة افريقيا وعن سيادة البلاد، ليس فقط السنغال بل حتى موريتانيا التي لا زالت تشكل جزء لا يتجزأ من وحدة المغرب واستمراريته التاريخية في إفريقيا، المغرب الذي دافع عن استقلالية هذا البلد وسيادته والذي تربطه به علاقات تاريخية ووطنية، والذي بايعت أكبر قبائله الملوك العلويين على مرِّ التاريخ. إن خطاب الملك قد كان واضحا في احترام سيادة الشعوب وآرائها وقيادتها في إطار احترام ديمقراطيتها المنبعثة من توجهاتها الحقوقية المحلية، بل أكثر من ذلك، مراعاتها لمصلحة شعوب إفريقيا وخصوصيتها الثقافية والإثنية، وهذا ما ميّز الخطاب الملكي في عمق صحراء إفريقيا ومن مبررات تثمين الخطاب الملكي، دفاع الملك فيه عن عمق المغرب الإفريقي وعن ضرورة تكريس الديمقراطية وتكريس حقوق الإنسان كما هي متعارف دوليا، خاصة في العديد من الدول التي زارها العاهل المغربي والتي أكدت على ضرورة عودة المغرب إلى العمق الإفريقي والتعامل بكل حكمة مع كل القضايا الإقليمية. كما أكد العاهل المغربي على أن العودة إلى إفريقيا هي حرصه على العمل على توفير الأمن والسلم لإفريقيا وضرورة العمل على ضرورة تفعيل مقاربة أمنية مع المواطنين قوامها الكرامة، وقد جدّد الملك في خطابه من دكار على جعل مؤتمر مراكش لقمة المناخ، بنية أساسية من بلد إفريقي لوضع رؤية موحدة للدفاع عن العالم الأخضر الذي أساسه إفريقيا، باعتبار إفريقيا قارة نامية بثرواتها الطبيعية والإنسانية. *ناشط حقوقي ومحام بأكادير