بعد نهاية المشاورات الأولية لرئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران من لدن الملك محمد السادس، لم تتضح بعد معالم الأغلبية التي ستشكل الحكومة خلال الخمس سنوات المقبلة؛ وهو ما جعل الضبابية تلف مواقف الأحزاب، باستثناء حزبين. وباعتراف رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فإن حزبين فقط هما الاستقلال والتقدم والاشتراكية أعلنا موقفها المساند له في تشكيل الحكومة، دون أن يتمكن من انتزاع مواقف مماثلة لأحزاب أخرى لتشكيل أغلبيته. وربطت جل الأحزاب التي تشاور معها بنكيران مواقفها بهيئاتها التقريرية التي لن تتمكن أغلبها من عقده قبل نهاية الشهر؛ وهو نفسه التاريخ الذي حدده حزب التجمع الوطني للأحرار لعقد مؤتمره الاستثنائي، وتدشين مفاوضاته مع أمين عام "البيجيدي" بقيادته الجديدة. وفي الوقت الذي ربط فيه حزب الاتحاد الدستوري موقفه من المشاركة في حكومة بنكيران بحليفه، الذي شكل إلى جانبه فريقا برلمانيا واحدا هو التجمع الوطني للأحرار؛ أعلن حزب الحركة الشعبية الذي عاش التجربة الحكومية السابقة مع العدالة والتنمية أن مصير مشاركته مع بنكيران مرهون بموافقة المجلس الوطني، الذي يعد بمثابة برلمان للحزب. منعم لزعر، الباحث في العلوم السياسية، يرى "أن تشكيل الحكومة يخضع لثلاث مراحل؛ أولاها المرحلة التي تمت بالمشاورات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان"، مبرزا أن "هدف هذه المرحلة هي جس نبض الأحزاب السياسية ومدى قابلية دخولها من عدمه للحكومة". وفي هذا السياق، سجل لزعر، في تصريح لهسبريس، أنه "بعد نهاية المشاورات خرجنا بمواقف واضحة لأحزاب قررت المشاركة في الحكومة، وأخرى اختارت أن تنتج خطابا يصعب تحديد موقفها من المشاركة"، مشيرا إلى أن ربط المشاركة بالأجهزة التقريرية يمكن أن يخلق مفاجأة في مستقبل الأيام، والذي يمكن أن يكون مخالفا لما حددته القيادة. ويرى الباحث في علم السياسة أن المرحلة الثاني من المشاورات ستكون حاسمة في تحديد التشكيلة الحكومية لارتباطها بالحقائب، واصفا إياها بأنه المرحة الأصعب لكونها تسجل حسابات ورهانات ومفاوضات شاقة، وعنوانها الأبرز هو الربح المصلحي. "ما تحقق، إلى حدود الساعة، لا يمكن أن يقدم مؤشرات واضحة مؤسساتيا للتشكيلة الحكومية"، يقول لزعر، الذي سجل أن هذه "المشاورات التي جرت بين بنكيران وبين الأحزاب عملت على إذابة الجليد ومحو الخطوط الحمراء". وأبرز منعم لزعر "أن المرحلة الثالثة والأخيرة تأتي بعد الهيكلة والمشاركة والمرتبطة بالأسماء والتي تخلق مشاكل داخل الأحزاب في ظل التهافت على المناصب الوزارية". وفي هذا الاتجاه، أوضح الباحث في العلوم السياسية "أن بعض الأزمات داخل التنظيمات السياسية يمكن أن تحدث في مرحلة تحديد الأسماء، وخصوصا في ظل غياب مساطر ديمقراطية واضحة داخلها لاختيار الوزراء"، واصفا المقبل من المراحل سيكون صعبا ولن يتم تشكيل الحكومة معه بسهولة.