في أحد المجالس العلمية التي عقدت سنة 2012 استشهد الدكتور عادل رفوش بكلام للعلامة بن جبرين فاعترض عليه أحد شيوخ دار القرآن بقوله: (هذا الفقيه لا يستشهد به لأنه إخواني) … وفي مقالات الكاتب المتطرف سعيد لكحل نلاحظ هجوما راديكاليا على حزب العدالة والتنمية ومحاولة يائسة لوصفه بالإخوانية واتهامه بحمل فكر جماعة الإخوان المسلمين … وفي المسيرة التي أخرجت في الدارالبيضاء ضد حزب العدالة والتنمية قيل للخارجين فيها: ارفعوا شعار (لا لأخونة الدولة والمجتمع) … وفي موعظة المقبرة أمس الأربعاء؛ تم تحذير مشيعي الجنازة من إخوانية حزب العدالة والتنمية كما تم اتهام السلفيين الذين يدعمونه بالأخونة، كما تمت مهاجمة بعض زعماء جماعة الإخوان المسلمين؛ في مقدمتهم حسن البنّا وسيد قطب .. غفر الله للجميع … وَمِمَّا يشيعه بعض شيوخ دار القرآن في مجالسهم الخاصة؛ قولهم لبعض السلفيين: (احذروا رفوش والقباج فإنهما إخوانيان، ونحن نحرص على صفاء المنهج وأن لا تتعرضوا لمضايقات؛ فإن الملك غاضب على الإخواني بن كيران وكل من يدعمه، وسيسقطه في الانتخابات القادمة كما أسقط السيسي مرسي). تلك الوقائع تدل على وجود جهة سياسية معينة تسعى لتبث في المجتمع المغربي خطابا طائفيا تحريضيا يستهدف حزب العدالة والتنمية بمحاولة ربطه بجماعة الإخوان المسلمين المصرية. بل إن أحد موظفي تلك الجهة؛ وهو الشيخ المصري محمود الرضواني وصف الأستاذ عبد الإله بن كيران بمرشد جماعة الإخوان في المغرب! فهذا التواطؤ من هؤلاء كلهم؛ يؤكد أنهم يتحركون بدفع من جهة واحدة؛ وهي الجهة التي تتبنى مشروع محاربة جماعة الإخوان وكل التيارات الإسلامية المؤمنة بمشروعية العمل السياسي، وكل التيارات الوطنية الإسلامية والحداثية الداعية للانخراط في الإصلاح السياسي القائم على توخي مبادئ الحكم الرشيد والانتقال نحو ممارسة الديمقراطية الحقيقية .. ومن رعاة هذا المشروع في العالم الإسلامي: الإماراتي النافذ ضاحي خلفان، والسعودي عبد الله التويجري مستشار الملك الراحل عبد الله آل سعود؛ والقيادي الفلسطيني محمود دحلان، والداعية التركي فتح الله كولن .. أما أدوات التنفيذ فتتمثل في أوزاع من السلفيين والصوفيين المستفيدين من فتاة موائد (البترو دولار)؛ المليئة بما لذ وطاب من أموال ثروات الأمة. وهذا الواقع يجعلنا أمام ظاهرة تستعصي على التفسير؛ وهي ظاهرة ركون بعض الشيوخ والدعاة إلى رؤوس الاستبداد والتحكم، في مقابل هجومهم الحاد والجنوني على جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها وعموم الإسلاميين المنخرطين في العمل السياسي الإصلاحي؛ وإلا فكيف نفسر مثلا تمجيد الشيخ الرضواني ل (السفاح المستبد السيسي)؛ في مقابل الاستهداف الجنوني ل (العالم المصلح حسن البنّا)؟! وكيف نفسر انحياز كولن ل (العسكر العلماني المستبد)؛ ضد أخيه وصديقه (الديمقراطي المصلح رجب طيب أردوغان)؟؟ وكيف نفسر انحياز سلفيين يمنيين إلى (المستبد الفتان علي عبد الله صالح)؛ في مقابل استهدافهم اللاذع والشديد للعالم الداعية (الإخواني)! عبد المجيد الزنداني؟! وركون سلفيين ليبيين إلى (المستبد العميل خليفة حفتر) ضد العلامة الفقيه (الإخواني)! الصادق الغرياني؟! ودعم سلفيين مغاربة لحزب التحكم؛ ضد رئيس الحكومة المنتخب (الإخواني)! عبد الإله بن كيران ومن يدعمه من علماء المغرب وفي مقدمتهم الدكتور الداعية (الإخواني)! عادل رفوش؟! إن أبجديات علم العقيدة الذي يزعم التخصص فيه أولئك السلفيون؛ يلزمهم بأن يكونوا أقرب إلى البنّا ومرسي من قربهم من عبد الناصر والسيسي؛ بل إن عقيدة الولاء والبراء تلزم المسلم بالبراءة من السيسي وأمثاله من الظالمين المستبدين، وموالاة حسن البنّا وأمثاله من المصلحين، وإن اختلفوا معهم في قضايا منهجية أو مسائل فقهية .. ولمحاولة تفسير تلك الظاهرة نتساءل هذه الأسئلة الفقهية المنهجية: ما هو مفهوم الإخوانية؟ وهل هو وصف علق به الكتاب والسنة ذما مطلقا؛ بحيث يذم صاحبه بمجرد اتصافه به؟ أم ذكره العلماء في كتب الملل والنحل الباطلة؟؟ وإذا كان الأمر كذلك؛ فما هي معايير انطباق هذا الوصف على المتهم به؟ وهل انطباقه على شخص يلزم منه شرعا: إسقاطه وإسقاط حقوق أخوته الإيمانية وهدر منزلته العلمية أو جهوده الإصلاحية؟ لو تأملنا فيما يعرض في القناة المصرية المسماة: قناة البصيرة لصاحبها الرضواني؛ لرأينا مشهدا حيا لما يمكن وصفه بالمغالطة التاريخية الكبرى والجريمة الأخلاقية العظمى والتلبيس الذي يحرف الدين ويسقط أحكامه وتشريعاته وآدابه؛ باسم (السنة والسلفية) والرد على (الأخونة والإخوانية) ..! وواضح في القناة أن (الإخوانية) وصف قدحي لا يراعَى لصاحبه حق ولا يُرقب فيه إلّ ولا ذمة؛ وأنه أشر من اليهود والنصارى! فجماعة الإخوان المسلمين جماعة صهيونية جاءت لهدم الأمة وتنفيذ مخطط بني صهيون .. وهي جماعة إرهابية كل أتباعها خوارج يجب قتلهم: دمهم حلال وعرضهم مستباح .. والمشيخة الموقرة تضمن لكل شرطي أو عسكري أنه في حل، ولا مؤاخذة عليه إن وجه مسدسه إلى صدر الإخواني؛ ف(ليطخ في المليان) ولا يبالي ..؛ فإن هؤلاء خوارج العصر وكلاب النار .. أما السيسي فرضي الله عنه وأرضاه: إمام مرتضى ومصلح طهر الله به البلاد من رجس الإخوانية وأنقذها من مخطط الأخونة الخطير الذي منع تنفيذه -طيلة سنين- ولي الله الإمام العادل: سيدي حسني مبارك ومن قبله من عسكر مصر .. فالسيسي كما قال عالم السوء: “هبة الله لأهل مصر، إن لم يكن رسولا من رسله عليهم السلام”. أما ثناء (نتنياهو) عليه، وقوله بأنه صديق (إسرائيل) وشريكها الاستراتيجي؛ فالرجل وإن كان يهوديا؛ فان القرآن أثنى على أهل الكتاب .. أما مرسي؛ فمنافق لا يطبق الشريعة ومنحرف يقرب الشيعة الروافض .. وقد هدد الأمن القومي المصري والاستقرار العربي بجريمة دعمه للمقاومة في غزة .. لقد سعى لخراب دولة قوية؛ تنشر العدل بين رعاياها وتبسط الرخاء والازدهار في مجتمعها؛ من أجل حفنة من المتطرفين الإرهابيين (حماس) الذين يحملون السلاح في وجه دولة ديمقراطية اسمها (إسرائيل) ..، حفنة إرهابية تقاتل دون مالها وعرضها وأرضها .. فمرسي إخواني حماسي رافضي مقيت يجب إعدامه .. ومع ذلك الاستهداف السياسي ل (جماعة الإخوان) فليس من منهاج القناة (السلفية): الاشتغال بالسياسة القائمة على الحماسات والعواطف ..؛ ولذلك لا تتكلموا في ولاة الأمور حفظهم الله وإن سفكوا الدماء وانتهكوا الأعراض .. ومن الانحراف المنهجي؛ الاشتغال ببيان: حرمة الخروج على ولي الأمر الشرعي (طبعا: حين يكون ولي الأمر هو مرسي) حرمة الدم (الإخواني) حرمة العرض (الإخواني) فالكلام في هذه الأمور بيانا للعدل واستنكارا للمنكر وأمرا بالمعروف ونصرة للمظلوم الملهوف: هذا خوض في السياسة وإشغال للشباب عن العلم وجادة الكتاب والسنة .. أما ذكر محاسن جماعة الإخوان؛ فانحراف يصل إلى درجة: الخيانة للمنهاج والخروج عنه، وهو عند (المعتدلين) تلميع وتغرير بالشباب السلفي الذي يسير على الجادة .. فإن وصلت بك الجرأة والوقاحة إلى حد الثناء على مُنَظّر من المنظرين؛ مثل: الأستاذ حسن البنا رحمه الله والدكتور يوسف القرضاوي وفقه الله؛ فهنا تجاوزت كل الحدود ولم تُبقِ للسلفيين رضي الله عنهم وأرضاهم، ولا حرمنا رضاهم ومباركتهم ..؛ لم تبق لهم أي مجال لعذرك وحفظ فضلك والاعتراف بسابقتك ..؛ بل أنت من (أكبر المفسدين) الذين يجب التحذير منهم في المقبرة كي لا يغتر بك الأموات فيصيروا (إخوانيين) .. فأنت بلا شك حزبي متستر وإخواني تابع للتنظيم العالمي للإخوان؛ تعمل في الخفاء لأخونة الدعوة .. فالواجب والحال هذه؛ أن تهدر حقوقك الشرعية؛ مادية كانت أو معنوية؛ ولا تستحق أدنى تلك الحقوق؛ من إفشاء السلام وعيادة المريض واتباع الميت .. أما مجالستك ومحاورتك؛ فلا تجوز لأنك من أهل الأهواء الذين خرجوا عن المنهاج النقي المقدس لدار القرآن .. أما جهادك؛ فقد أبطلته بسبب (إخوانيتك) ..، هذا إن شهدوا لك بجهاد أو نضال؛ وإلا فماذا قدمت للدعوة؟! إن المتأمل في تلك المواقف (السلفية) يعلم يقينا أنها مواقف مسيّسَة مناقضة للمبادئ الشرعية والنصوص القطعية من القرآن والسنة، ومنافية لمواقف علماء السلفية الحرة غير المسيسة؛ وإلا فهل يصح –مثلا- وصف رائد السلفية الدكتور تقي الدين الهلالي بالإخوانية؛ حين قال في كتابه “الدعوة إلى الله” (ص:82) وما بعدها: “..وذلك أن الإمام حسن البنا رحمه الله ورضي الله عنه كتب إلي يقول: إن صحيفتنا “الإخوان المسلمون”، بلغت من الرواج ولله الحمد إلى أن صارت في مقدمة الصحف اليومية التي تصدر في القاهرة ولنا مكاتبون في جميع أنحاء العالم إلا في المغرب فليس لنا مكاتب يبعث لنا بأخبار إخواننا المسلمين في هذا القطر المهم، فأرجو من فضلك أن ترشدنا إلى مكاتب تختاره بما يطلب من المكافأة، وإن سمحت لك صحتك بأن تكون أنت بنفسك ذلك المكاتب فهو أحب إلينا. فأجبته: لبيك يا لبيك يا لبيك — ها أنذا منطلق إليك أنا الذي أتشرف بأن أكون مكاتبا لصحيفة الإخوان المسلمين“اه كلام د الهلالي وهل كان سماحة الشيخ ابن باز (إخوانيا) حين أثنى مرات عديدة على جماعة الإخوان وعلى د القرضاوي ووصفه ب”العلامة” و”فضيلة الشيخ”؟! وهل كان الشيخ الألباني (إخوانيا) حين وصف جماعة الإخوان بأنهم على الكتاب والسنة وتراجع عن اعتبار الجماعة خارجة عن الفرقة الناجية؛ وقال في سلسلة الهدى والنور (رقم الشريط:849): “إن الإخوان المسلمين ليسوا من الفرق الضالة، ولا أعتقد أني قلت ذلك؛ ولو قلته فإني أتراجع عنه، ولا أعتقد أن يصل بي الأمر إلى أن أحكم على شخص ما بأنه من الفرق الضالة لمجرد مخالفة واحدة. وكثيرا ما سُئلت عن الأحزاب القائمة اليوم خصوصا حزب الإخوان المسلمين هل أعتبرهم من الفرق الضالة؟ فأقول: لا. وأقل ما يقال فيهم أنهم يعلنون تبعا لرئيسهم الأول حسن البنا رحمه الله أنه: على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح -وإن كانت هذه دعوى تحتاج لتفصيلها قولا وتطبيقها عملا-، ولكن نحن نكتفى منهم أنهم يعلنون الانتماء إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، لكنهم يخالفون ذلك في قليل أو كثير. وفيهم أفراد هم معنا في العقيدة لكنهم ليسوا معنا في المنهج، لذلك أنا لا أجد رخصة لأحد أن يحشرهم في زمرة الفرق الضالة، ولكنهم يخالفوننا في مواضع طالما نناقشهم ونجادلهم فيها، لكنهم لا يستحقون بها أن نلحقهم في الفرق الضالة؛ لأنهم لم يتخذوا منهجا يعلنونه ويتبنونه على خلاف الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح كما هو شأن الفرق الأخرى المعروفة من قديم” اه.[1] إن البحث العلمي الموضوعي يدل على أن (الإخوانية) وصف لا يرتبط به شرعا مدح ولا قدح .. وهو مصطلح غير مقبول علميا؛ لأنه لم يحترم المعايير العلمية لقاعدة: “لا مشاحة في الاصطلاح” .. ولو تجاوزنا اللفظ إلى المعنى؛ فإننا نقول لأولئك السلفيين الموظفين سياسيا: هل تعنون بالأخونة والإخوانية: القول بالمشاركة السياسية في إطار النظام الديمقراطي؟ فهذا القول قال به جماهير العلماء المعاصرين؛ وقد نقلت لكم فتاويهم في كتاب الاستبصار موثقة صريحة .. فهل تجرءون على وصف أولئك العلماء بالأخونة وتمييع الدين وإشغال الشباب بالسياسة والحماسة؟! وإن كنتم تعنون ب(الإخواني العامل على أخونة الدعوة)؛ الذي يحث على التعاون على الخير مع الجماعات الإسلامية؛ بما فيها جماعة الإخوان؛ فهذا توجيه من تقرون بأنهم كبار العلماء: جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (ج2/ص237)، الفتوى رقم (6250): س: في العالم الإسلامي اليوم عدة فرق وطرق؛ مثلا: هناك جماعة التبليغ، الإخوان المسلمين، فما هي الجماعة التي تطبق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ ج: “أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه: أهل السنة: وهم أهل الحديث، وجماعة أنصار السنة، ثم الإخوان المسلمون. وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء وغيرهم فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب، واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء، مع التناصح والتعاون على البر والتقوى“. الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز / نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي / أعضاء: عبد الله بن قعود / عبد الله بن غديان وإن كنتم تعنون بالإخواني؛ الذي يؤدي الواجب الشرعي ببيان حرمة ظلم الإخوان ويقوم بما يستطيع لتطبيق هذا الحكم: بيانا بالقلم شعرا ونثرا، ونصحا لولاة الأمر من العلماء والأُمَرا، واستغلالا لكل فرصة تتاح لذلك .. فهذا واجب شرعي لا اختيار لنا فيه مهما اختلفنا مع الإخوان في مسائل شرعية ومواقف سياسية .. والخلاصة؛ أنه لا وجود لشيء اسمه (الأخونة والإخوانية) إلا في أذهان عملاء (إسرائيل) من الحكام المستبدين الظالمين، وعلى ألسنة من يركنون إليهم من علماء السوء الذين يحرفون دين الله ويصدون عما أمر به من “مدافعة المستبدين” و”التعاون مع المصلحين” و”نصرة المظلومين”؛ بنبز أصحابه بلقب: “الأخونة والإخوانيين”. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] [1] هذا تراجع للشيخ الألباني عن قوله أن الإخوان ليسوا من أهل السنة، الذي قاله في الشريط (رقم:752).