هيمن الوضع الاجتماعي على اهتمامات الصحف المغاربية الصادرة اليوم الخميس ، على خلفية الجدل المتواصل حول مشروع قانون المالية 2017 في تونس، واعتزام الحكومة إلغاء التقاعد النسبي في الجزائر. ففي تونس، واصلت الصحف المحلية تناولها لموضوع مشروع قانون الميزانية المثير للجدل ، المنتظر عرضه اليوم على أنظار لجنة المالية بالبرلمان. في هذا السياق ، أبرزت صحيفة (الصباح) ، استنادا إلى مواقف العديد من نواب المعارضة ، أنه يرتقب أن تكون جلسات اللجنة "ساخنة "، وأن هناك مؤشرات كبيرة على أن العديد من أحكام هذا القانون ومقتضياته "ستحدث زوبعة جديدة" تحت قبة البرلمان ، بين الكتل البرلمانية الداعمة للحكومة وتلك المعارضة لخياراتها الاقتصادية، "وسيتسبب في مشاحنات سياسية قد تكون أقوى من سابقاتها...". وعلقت الصحيفة بالقول إن العلاقة بين "الاتحاد العام التونسي للشغل" والحكومة تسير " بخطوات حثيثة نحو أزمة حقيقية بسبب الإجراءات" التي تضمنها هذا المشروع ، وسط تصريحات من الطرفين تؤكد تمسك كل منهما بمواقفه، "حكومة تعترف بعجزها عن إقرار زيادات في الأجور بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، واتحاد شغل يرفض المساس بحقوق العمال ويلوح باللجوء إلى مختلف الأشكال النضالية دفاعا عنهم..". في سياق متصل، أشارت صحيفة (المغرب) إلى رفض كل من هيأتي المحامين والأطباء لمضامين مشروع الميزانية ، التي تمس قطاعين حيويين من خلال إجراءات وتدابير "غير منصفة"، مضيفة أن "معارك كسر الأصابع والتصعيد هما السمة التي تبدو عليها تصريحات" هاتين الهيئتين. وكتب المحرر السياسي في الصحيفة في افتتاحية العدد "...الوضع الاستثنائي الكارثي للبلاد لا يعفي الدولة والمجتمع من مراجعة جدية لحكامة كل منظوماتنا الاجتماعية ومحاربة الفساد والتهريب والتهرب الضريبي، ولكن لكي تتمكن الدولة من كل ذلك لا بد أن يعطي القطاع المنظم المثال الحسن، لا أن يتخفى وراء شعارات سياسية للتنصل من مسؤولياته...". وتحت عنوان "يوسف الشاهد (رئيس الحكومة) في المواجهة"، كتبت صحيفة (الشروق) في صفحتها السياسية " تتوسع من يوم إلى آخر دائرة رفض" مشروع قانون الميزانية بالصيغة التي قدمتها به الحكومة، مضيفة أنه بعد "اتحاد الشغل" ، أعلن المحامون و"منظمة الأعراف" (الباطرونا) وعدد من الأحزاب السياسية عن رفضهم لهذا القانون، "وهو ما يمثل ضربة موجعة لحكومة الوحدة الوطنية ، خصوصا وأن الاتحاد والأعراف من أبرز داعميها ، ومن بين الموقعين على وثيقة قرطاج " التي حددت التوجهات البرنامجية الكبرى لهذه الحكومة. ورأت الصحيفة، استنادا إلى العديد من الملاحظين، أن الحكومة " ستواجه صعوبات كبرى من أجل إقناع مختلف الأطراف المعنية بما ورد في القانون وتمريره، خصوصا وأنها متمسكة به ، ولا ترى أي حل لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي للدولة إلا عبر الإجراءات الواردة فيه...". من جهتها، اعتبرت صحيفة (الصحافة) في افتتاحية عددها أن ما تعيشه الساحتان السياسية والاجتماعية، هذه الأيام تحديدا، " من صراع على قانون المالية الجديد، لا يعدو أن يكون الفصل الأخير في مسار إسقاط الدولة، الذي سعت إليه العديد من الأطراف، سواء لاستبدالها بحالة الفوضى والفراغ، أو لتصفية حسابات قديمة....". وحذرت الافتتاحية من "نذر الانفجار التي تبدو الآن ماثلة للعيان"، مما يستلزم على النخب السياسية والفعاليات الاجتماعية " مسؤولية ليس فقط سلامة الانتقال الديمقراطي، بل مسؤولية إنقاذ البلاد من حالة الاختناق، والبحث عن حلول جذرية تجنبها السقوط في الفوضى وانهيار الدولة...". في نفس الاتجاه ذهبت صحيفة (الصريح) التي اعتبرت أن الاختلاف بين الحكومة والاتحاد العام "قد يكون خطيرا على الاستقرار الهش في البلاد، لكنه يبقى دوما قابلا للحلول التوافقية التي تصون مصالح الوطن والشعب"، محذرة من أن "الخطر الحقيقي الأكبر يتمثل في استغلال الانتهازيين والمخربين لهذا الاختلاف بهدف إضرام نيران الفتنة في البلاد...". في الجزائر، واصلت الصحف المحلية تسليط الضوء على معركة لي الأذرع بين الحكومة التي تريد إصلاح نظام التقاعد والنقابات المستقلة التي ترفض ذلك . وأشارت صحيفة (الوطن) إلى أن 86 فرعا نقابيا بالمنطقة الصناعية ب"الروبية" أقروا أمس خلال اجتماع بمقر "الاتحاد النقابي المحلي" خيار الاحتجاج بمختلف أشكاله في حالة ما إذا تمسكت الحكومة بقرارها حول مراجعة قانون التقاعد وإلغائها للتقاعد النسبي دون شرط السن، مضيفة أن الأمين العام للاتحاد المحلي حذر من "حالة الغليان المسجلة في أوساط 32 ألف عامل بالمنطقة، والتي ستكون شرارة تهدد استقرار الجزائر ككل..". ونقلت صحيفة (الشروق) عن الأمين العام للاتحاد المحلي المذكور مسعودي مقداد، قوله في تصريح صحفي ، إن الاجتماع ، الذي جاء بعد الإضراب الذي شنه التكتل النقابي المستقل المتكون من 17 نقابة خلال اليومين الأخيرين، ، أكد "الرفض القاطع لتعديلات قانون التقاعد النسبي ومن دون شرط السن"، معتبرا أنه " من المجحف أن نرى عاملا يعمل 32 سنة ولا يستطيع الخروج للتقاعد لأن سنه لم يصل إلى الستين...". في نفس التوجه، كتب المحرر السياسي في صحيفة (البلاد) " ...اليوم وقد تردت موارد الخزينة العمومية، بفعل انهيار أسعار النفط، وأمام ملايين الموظفين واستحقاقات طلبات التشغيل الجديدة، خاصة من خريجي الجامعات، والعجز المحتمل لصندوق التقاعد، هاهي الحكومة ترتد مرة أخرى إلى الخلف، ساعية إلى حذف التقاعد النسبي، لتجنب توظيف يد عاملة جديدة...لا تملك أجورها...إن الحكومة تجني ثمار سياساتها....". واعتبرت صحيفة (ليبرتي) أنه إذا كان الإضراب الأخير ليومي الاثنين والثلاثاء، لم يحمل الحكومة إلى إعادة النظر في نواياها، فقد شجع ذلك النقابات على التمسك بمواقفها وبالتالي الإبقاء على برنامج الإضراب الدوري الخاص بها. وأعربت اليومية عن أسفها لكون تعبئة النقابات لم توح للحكومة بموقف مختلف عن ذلك الذي كانت تتخذه على الدوام تجاه النقابات المستقلة: الاستمرار في حرمانهم من شركاء اجتماعيين مؤهلين للحوار والتشاور. وأضافت أن " الحكومة لا يمكن أن توافق على حوارات ملزمة سياسيا ، ببساطة لأن كل ذلك قد يجبرها على تقديم تنازلات ديمقراطية...". وفي موريتانيا، واصلت الصحف المحلية اهتمامها بتداعيات الحوار السياسي في موريتانيا. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة (الأخبار) عن رئيس حزب "التحالف الشعبي التقدمي" المعارض مسعود ولد بلخير، قوله "لقد فوضتني قيادة الحزب، التي اجتمعت أمس الأربعاء، باتخاذ الموقف المناسب، وسأدرس الموقف، وأتخذ القرار المناسب...". وأوضحت الصحيفة، استنادا إلى مصادر من داخل هذا الحزب، أنه بناء على مضامين الوثائق النهائية للحوار، سيتخذ ولد بلخير الموقف النهائي لحزبه. من جهة أخرى، ذكرت يومية (صدى الأحداث) أنه من المنتظر أن تعرض لجنة صياغة مسودة الوثيقة النهائية للحوار الوطني الشامل أشغالها على رؤساء الأحزاب السياسية المشاركة في اجتماع يعقد اليوم الخميس، قبل أن تعلن كوثيقة نهائية في حفل الاختتام المقرر مساء اليوم.