أثار مسلسل تلفزيوني أمريكي بعنوان "الناجي المحدد" موجة استياء كبيرة وسط الجزائريين خلّفت ردودا متباينة بعدما أقحم سيناريو موسمه الأول، في حلقته الرابعة، بلادهم وصورها على أنّها غير آمنة ومعقلا للجماعات الإرهابية. ويروي مسلسل "Designated Survivor"، أو "الناجي المحدد"، قصة تعرض مجلس الشيوخ الأمريكي إلى عمل إرهابي، خلّف خسائر مادية وبشرية، ليتبين بعد ذلك أن الجماعة التي نفذت الاعتداء تتخذ من الجنوب الجزائري معقلا لها، لتبدأ مفاوضات بين الولاياتالمتحدة والحكومة الجزائرية لتسليم قائد المجموعة المدعو "ماجد ناصر"، الملقب ب"الصقر". وتنفي السلطات الجزائرية، حسب ما جاء في العمل التلفزيوني، وجود هذه الجماعة الإرهابية على أراضيها، وهذا الرد أثار استياء أمريكا التي قررت إعلان الحرب على الجزائر بتوجيه ضربة نووية تستهدف مقر الجماعة المسلحة التي يقودها ماجد ناصر. وتم تداول المسلسل التلفزيوني، الذي تبثه قناة "إيه بي سي" الأمريكية، على نطاق واسع عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر وعدد من المواقع المحلية والعربية، مخلفا بذلك ردود فعل متباينة في الشارع الجزائري. ويرى البعض أنّ ما أقدمت عليه "هوليوود" لا يعدو كونه حربا سيكولوجية وتصويرا سينمائيا خياليا لقصة افتراضية، يعتقد آخرون أنّ السلسلة التلفزيونية ترمي إلى تحقيق أجندات معينة مرتبطة بالسياسة الأمريكية في التعامل مع الخارج، خصوصا في سياسة حماية أمنها القومي. وذهبت وسائل إعلام جزائرية إلى حد التساؤل حول أبعاد اختيار الجزائر بالذات في سيناريو الفيلم رغم أنها ليست بؤرة كبيرة للإرهاب في العالم، كما أنها تعد أحد حلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية في المجال ذاته. ويقول أحد المعلقين على مقطع مصور للمسلسل على موقع تبادل الفيديوهات "يوتيوب"، يسمي نفسه "أمير الجزائر"، إن "المسلسل لم تعرض كامل حلقاته ولا يزال في الحلقة الرابعة، وقادم الحلقات سيكشف عن هوية مفجر الكونغرس". ويضيف: "ما صور عن الجزائر أعتقد أنّه مجرد سوسبانس (إثارة) ولا يرتبط بقراءة سياسية أو أمنية معينة". ويعتقد آخر يسمي نفسه ب"شارح الكومبيوتر" أنّ "ما جاء في سيناريو المسلسل يعكس أنّ هناك مؤامرة وصفها ب"الخبيثة" تحاك ضد الجزائر ويجري طبخها في الوقت الراهن. وعلّق أحدهم: "هنا تكمن عظمة الجزائر وهنا يتجسد غباء أمريكا". وقال وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، في تصريح صحافي، السبت الماضي، بمقر المكتبة الوطنية بالعاصمة بخصوص الضجة التي أثارها المسلسل، إنّ وزارته ستتابع القضية وستتأكد من صحة هذا الفيديو الذي انتشر في الشبكة العنكبوتية، مؤكدا أنّه "إذا ثبتت صحة ما جاء في المسلسل، فإنّ الوزارة ستصدر بيان شجب ضد هذا العمل". وشدد ميهوبي، في تصريحه المقتضب، على أنّ "السينما فن، وليس من اللائق أن تستغل في أمور مسيئة". في المقابل، اعتبرت جوان بولاشيك، السفيرة الأمريكية في الجزائر، في أولّ تعليق لها على القضية، أنّ "الأمر يتعلق فقط بمسلسل خيالي، وأن الولاياتالمتحدة تربطها علاقات صداقة قوية مع الجزائر". وغرّدت الثلاثاء على "تويتر" قائلة: "آسفة لأنّ الناس كانت مستاءة، السلسلة مجرد عمل خيالي، والولاياتالمتحدةالأمريكية تربطها علاقة صداقة قوية مع الجزائر". ويجزم الناقد السينمائي الجزائري عبد الكريم قادري بأنّ السينما والفن ظهيرا للسياسة الأمريكية، ولطالما كانت هوليوود مفسرة ومسهلة للعمليات الحربية العدائية لأمريكا في الخارج، مشيرا إلى فيلم "الدارالبيضاء" الذي جاء، بحسب تعبيره، "من أجل تجهيز الشعب الأمريكي للدخول للحرب العالمية الثانية". ولفت قادري إلى استعمال السينما والمسلسلات لتخويف الآخر، وإرغامه على تنازلات ما، أو إجباره على فعل شيء معين، داعيا إلى "النظر بريبة إلى مثل هذه الأمور للاحتياط لأنّ صناع المسلسل يعتمدون على مستشارين حربيين أو جنرالات كي يكون السيناريو مقنعا". وكتب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر سليم قلالة حول الموضوع مقال رأي في صحيفة "الشروق" جاء فيه: "بدل أن نَهتمّ بوضعنا الداخلي وبحال مؤسساتنا، ها نحن نتوجّه نحو الاهتمام بأفلام هوليوود وما تَعدُّه الولاياتالمتحدةالأمريكية لنا من مخططات". وتابع: "وكأننا بحديثنا عن هذا سنَمنع أمريكا من تنفيذ سياستها الكونية إذا أرادت!". وأضاف أنه "ينبغي أن نفهم أن أمريكا، أو غيرها من الدول، لن تحترمنا، ولن تتردد في تطبيق مخططاتها علينا، مادامت تعرف أننا لا نطوِّر عقولنا ولا نُنتِج غذاءنا ولا لباسنا ولا دواءنا". ويؤدي أدوار المسلسل الأمريكي نجوم كثيرون منهم ناتاشا مكيلهون، آدان كانتو، آرون شور، والممثل المعروف كيفر ستارلاند. *وكالة أنباء الأناضول