انتقل، صباح اليوم الأحد، إلى عفو الله تعالى العقيد الهاشمي الطود، أحد أبناء مدينة القصر الكبير البررة؛ وهو مجاهد ومقاوم مغربي معروف، والذي كان قيد حياته مقربا جدا من المجاهد الراحل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وذلك بعد أن قضى ردحا من الزمن بطلا في ميادين الوغى. وشارك الطود، الذي رأى نور الحياة في القصر الكبير سنة 1930، في حرب تحرير فلسطين سنة 1948، حيث أبلى البلاء الحسن وهو لا يزال شابا حينها، ملبيا نداء الخطابي، وهو ما جعل هذا الأخير يعجب بكفاءاته وقدراته العسكرية، وكلفه بإعادة تشكيل جيش التحرير المغاربي، وتدريب ثوار الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي. الراحل الطود جمع بين الممارسة الميدانية في ميادين الجهاد والنضال وبين معارفه العسكرية الأكاديمية، حيث التحق بالكلية العسكرية بمكناس وفيها أنهى مساره العسكري، وعمل مدرسا لمادتي التاريخ والتكوين المعنوي في 1974، واستمر هناك إلى أن تقاعد برتبة عقيد سنة 1995. وفي كلمة تعرف بالمجاهد الراحل ومناقبه وأبرز مسارات حياته، كتب عبد الإله المنصوري، أحد المقربين من عائلة الطود، يرثي هذا الرجل الذي "غادر مدينته الصغيرة ذات صباح قاصدا الزعيم محمد عبد الكريم الخطابي النازل بقاهرة المُعز في رحلة على الأقدام". وقال المنصوري، في تدوينة فيسبوكية اليوم، إن "الطود كان مبعوث الزعيم جمال عبد الناصر إلى قادة الثورة الجزائرية لتحديد توقيت الطلقة الأولى التي أثمرت ثورة استثنائية في التاريخ العربي والإنساني، من خلال لقائه بالراحل الكبير عبد الحميد مهري. وبعد حوالي 60 سنة، كنتُ سببا في لقاء الطود مع مهري". وأردف: "كانت لي معه جولات وصولات سأحكي جزءا منها قريبا، وكان يجذبني وجوده بأصيلا لزيارة هذه المدينة الهادئة. كما كان يصر على لقائي حين زيارته للدار البيضاء"، مشيرا إلى أنه في الصورة المرفقة بالتدوينة يبدو الطود برفقة السيدة عائشة، كريمة الزعيم الخطابي، في بيتها سنة 2012. وتابع المتحدث: "غادر الطود هذا العالم دون أن يفقد حُلمه في نهوض هذه الأمة، وتحرير فلسطين التي كانت لها مكانة خاصة في قلبه، كيف لا وهو الذي قاتل في ربوعها سنة 1947 وتمكن من أسر إحدى العسكريات المنتميات لعصابة الهاجانا الصهيونية من رومانيا". واسترسل المنصوري: "حين زرته قبل مدة سألني عن العراق الذي تدرب فيه، وعن فلسطين التي قاتل فيها، وبعد أن وضعته في الصورة قال لي: "ليتني كنت قادرا على حمل السلاح للدفاع عن فلسطين"، وأطرق قليلا قبل أن تنزل قطرات دمع من عينيه، كانت لحظة رهيبة بالفعل، لم أتمالك فيها نفسي".