حملت نتائج انتخابات السابع من أكتوبر في الأقاليم الجنوبية عددا من المفاجآت، كان أولاها تراجع عدد مقاعد حزب الاستقلال وتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أكبر نسبة له في تاريخه من الأصوات في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، وهي كلميم واد نون والعيون الساقية الحمراء ثم الداخلة واد الذهب. أول معالم تراجع حزب الاستقلال، الذي طالما ظلت الأقاليم الجنوبية من أبرز قلاعه الانتخابية، تجسد في دوائر العيون وطرفاية وكذا بوجدور؛ ذلك أنه لم يحصد إلا مقعدا واحدا في دائرة العيون، من خلال مرشحه حمدي ولد الرشيد الذي كان الحزب يعول عليه كثيرا من أجل الظفر بمقاعد الدائرة الثلاثة. وفي المقابل، تمكن حزب الأصالة المعاصرة من توسيع مقاعده في دوائر الصحراء. كما تمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق اختراق للصحراء، حيث حصل على ثلاثة مقاعد في كل من دائرة العيون، عبر مرشحه إبراهيم الضعيف، وطرفاية من خلال علي الرزمة، في حين تمكن من الحصول على مقعد بالداخلة من خلال مرشحته عزوها العراك. وتمكن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الحركة الشعبية من تحقيق نتائج إيجابية في هذه المحطة الانتخابية بالصحراء، حيث حصل حزب "الوردة" على مقعد في كل من مدينة كلميم ودائرة أسا الزاك وأوسرد، فيما تمكن حزب "السنبلة" هو الآخر من صدارة دائرة وادي الذهب، من خلال مرشحه محمد الأمين ديدي؛ وهو ما جعل حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة "يخرجان بخفي حنين" من هذه الدائرة. وفي قراءته لنتائج الانتخابات في الصحراء يقول المحلل السياسي خطري الشرقب إن استحقاقات السابع من أكتوبر حملت ثلاثة مؤشرات جديدة، أولها تراجع مكانة حزب الاستقلال، وثانيها الحضور القوي لحزب الأصالة والمعاصرة، ثم شروع حزب العدالة والتنمية في تحقيق الاختراق والفوز بمقاعد نيابية في الصحراء. وأوضح الشرقي، في تصريح لهسبريس، أن العدالة والتنمية تمكن من حصد أصوات كبيرة في القلاع التي كانت محصنة لحزب الاستقلال؛ وحتى تلك المناطق التي لم يتمكن فيها من الظفر بأي مقعد، نافس فيها إلى آخر رمق. كما هو الحال بالنسبة إلى دائرتي كلميم وطنطان، اللتين حقق فيهما المرتبة الثالثة. وتبعا لذلك، يضيف الباحث في الشؤون السياسية، هناك تحول نوعي في طبيعة الأصوات المعبر عنها في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الداخلةوالعيونوالداخلة وإفني وطرفاية، التي ظفر حزب العدالة والتنمية بمقاعد فيها؛ وهو ما يؤشر على تراجع القبلية، وكذا سلطة المال، خلافا لعدد من الأحزاب التي كانت تعتمد على التجييش. وفي الوقت الذي اعتبر الباحث أن حزب الأصالة والمعاصرة تمكن من الحصول على أكبر عدد له من المقاعد، حضرت في لوائحه شخصيات جديدة، كما هو الحال بالنسبة إلى مرشحه في دائرة السمارة مولاي الزبير حبدي؛ يؤكد خطري الشرقي أن الصحراء أصبحت هي الأخرى تتجه نحو القطبية الثنائية بين حزب الأصالة والمعاصرة وبين حزب العدالة والتنمية. أما في ما يخص نسبة المشاركة، اعتبر المتحدث ذاته أن الجهات الثلاث سجلت نسبا مرتفعة، ولم تختلف الاستحقاقات الانتخابية للسابع من أكتوبر عن الانتخابات الماضية. كما أن هناك تراجعا ملحوظا في حدة الصراعات والنزاعات بين المنتخبين، سواء تعلق الأمر لما قبل الانتخابات أو بعدها.