لم يُفوِّت محمد حصاد، وزير الداخلية، فرصة إعلانه تصدر حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى خلال الانتخابات التشريعية الحالية، ليوجه سهام انتقاده تجاه حزب "المصباح" معلنا استغرابه من "تشكيك الحزب الفائز في إرادة مكونات الأمة، وعلى رأسها الملك". حزب العدالة والتنمية اشتكى مناضلوه، وما زالوا، من "خروقات" قالوا إنها شابت العملية الانتخابية أمس الجمعة، متهمين أعوان السلطة، في غير ما مرة، ب"التدخل لترجيح الكفة لصالح حزب معين"؛ وهو ما جعل الوزير حصاد يؤكد أن "أم الوزارات" تلتزم الحياد التام، وتحرص على توفير الظروف الملائمة للحفاظ على مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية. أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط، اعتبر أن وزير الداخلية استغل الفرصة ليرد على "تدوينة مصطفى الرميد"، عامدا إلى وضع حزب العدالة والتنمية في موقف محرج، للتأكيد على أن ما يدعيه الحزب لا أساس له من الصحة، خاصة أنه تصدر نتائج الانتخابات. واعتبر البوز، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التشكيك في نزاهة الانتخابات صار قاعدة ملازمة للحياة الحزبية بالمغرب، بما فيها حزب العدالة والتنمية، مردفا أن الأمر أصبح جزءا من الدعاية الانتخابية ولا يمكن الفصل بين الخطوتين، مؤكدا أن الخروقات دائما تشوب العملية الانتخابية، مفرقا بين تلك العفوية المرتبطة بتدبير محلي أو التي تعبر عن اختيار منهجي متعلق بالدولة. وانطلاقا من النتائج الرسمية المعلن عنها، لا يعتقد المحلل السياسي أن الخروقات مرتبطة بإرادة الدولة، مشيرا إلى أن "البيجيدي"، ومنذ عام 2011، ركز على ثلاث نقاط يتمركز عليها خطابه، أولاها الهجوم على "التحكم" و"البام"، والضغط بورقة "الخروقات" الممارسة من لدن جزء من الإدارة أو أعوان السلطة، واستباق إعلان النتائج للإحراج ونهج سياسة "الأمر الواقع"، مستفيدا من كونه الأكثر تنظيما، إلى جانب قدرته على معرفة النتائج الأولية. من جهته، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، إن حصاد "تفاجأ بالنتائج التي بوأت حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى"؛ وهو "ما جعله يقف موقفا استباقيا، محاولا دفع أي اتهامات مسبقة عنه، ولسان حاله يقول: اتهمتمونا بالتزوير والتدخل وبالرغم من ذلك فزتم في الانتخابات"، بتعبير المتحدث. وأضاف العلام، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "حصاد قدم تبريكاته لحزب العدالة والتنمية بعد إعلانه تبوأه المرتبة الأولى على مضض"، وفق تعبيره الذي اعتبر، أيضا، أن "وزارة الداخلية لم تقم بالمراد لها فعله؛ من تحصين الانتخابات من أي انزلاقات أو خروقات، هو ما لم تستطع وزارة الداخلية تطبيقه وفق الإرادة الملكية". في الصدد ذاته، استبعد الأستاذ الجامعي تجديد الثقة في وزير الداخلية، عازيا الأمر إلى "أن ما أراده الملك وأوصى به كان في واد، وما حدث على أرض الواقع في واد بعيد تماما"، على حد قوله. جدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية حصل على المرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد البالغة 125 مقعدا باحتساب نتائج الدوائر المحلية والدائرة الوطنيّة، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة ب102 من المقاعد، والاستقلال ثالثا ب46 مقعدا، ثم التجمع الوطني للأحرار ب37 مقعدا، فالحركة الشعبية ب27 مقعدا. إلى ذلك، حصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 20 مقعدا، ثم الاتحاد الدستوري على 19 مقعدا، والتقدم والاشتراكية 12 مقعدا، والحركة الديمقراطية الاجتماعية 3 مقاعد، وفيدرالية اليسار الديمقراطي على مقعدين، وأخيرا حزب الوحدة والديمقراطية وحزب اليسار الأخضر المغربي على مقعد واحد لكلّ منهما.