أضحت المحطة الطرقية باب بوجلود بفاس "مطعما مفتوحا"، بعد أن حوّل مستغلو أزيد من 25 كشكا منتشرا بداخلها إلى مطاعم ومقاه عشوائية قائمة الذات؛ وذلك في خرق لعقد الاستغلال الذي جرى بموجبه تفويت هذه المحلات لفائدتهم. وقد قام أصحاب تلك المحلات / الأكشاك بتجهيزها بأفران للطبخ تشتغل بأسطوانات الغاز، كما "اكتسحوا" مساحات كبيرة من الفضاء الداخلي للمحطة وخصصوها لعرض السلع ولوضع العشرات من الكراسي والطاولات والثلاجات؛ وهو ما جعل هذا المرفق العام، الذي يلجه كل يوم المئات من المسافرين ومهنيي المحطة، يضيق بمرتفقيه ويعيش على وقع فوضى عارمة تسيء إلى سمعة مدينة فاس، خاصة أن المحطة الطرقية للمسافرين تشكل إحدى أبواب المدينة المشرعة على زوارها من المغاربة والأجانب. قنابل موقوتة لا يخلو كشك داخل محطة المسافرين بفاس، على الأقل، من أسطوانتين للغاز تستعمل لطهي وإعداد مختلف المأكولات التي تباع للمسافرين؛ وهو ما يجعل مجموع عدد المنتشرة منها بمختلف أرجاء هذا المرفق العام، حسب نقابة مهنيي أرباب حافلات نقل المسافرين للمنطقة الوسطى الشمالية، يزيد عن 100 أسطوانة، جلها من الحجم الكبير. وتشكل هذه الأسطوانات الغازية، حسب عبد العالي شينون، الكاتب العام لنقابة مهنيي أرباب حافلات نقل المسافرين للمنطقة الوسطى الشمالية، تهديدا حقيقيا لسلامة المسافرين، "إنها بمثابة قنابل موقوتة، نخشى من وقوع كارثة إذا ما حدث تسرب للغاز"، يؤكد النقابي ذاته متحدثا لهسبريس. المسؤول النقابي نفسه ذكر على أن هناك محلا واحدا مرخصا له لتقديم الوجبات الخفيفة داخل المحطة، مشيرا إلى أنه كان مقررا أن يتوفر هذا المرفق، عند إحداثه، على وكالة بريدية ووكالة بنكية وصيدلية؛ وهي المرافق التي لم تجد طريقا لها على أرض الواقع، حيث تم تحويلها إلى مطاعم لتقديم الوجبات الغذائية. وسبق لنقابة أرباب حافلات نقل المسافرين للمنطقة الوسطى الشمالية أن راسلت مختلف الجهات المركزية والسلطات المحلية والإقليمية بمدينة فاس، من أجل تنبيهها إلى الوضعية الكارثية التي تعيش عليها المحطة الطرقية للعاصمة العلمية للمغرب؛ لكن دون أن تتحرك أية واحدة منها، "وضع ينذر، لا قدر الله، بوقوع كارثة غير محسوبة العواقب"، حسب تعبير واحدة من هذه الشكايات، تتوفر هسبريس على نسخة منها، موجهة إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير التجهيز والنقل. الشكاية ذاتها ذكرت أن المحطة الطرقية لفاس "تعيش بلا نظام ولا احترام لحقوق المسافرين؛ فالأكشاك متناثرة في جل الأطراف، والخطير في ذلك ما يفوق 100 أسطوانة غاز متواجدة بالمحطة وغير متوفرة على أدنى شرط الوقاية"، "هذا دون الحديث عن المتشردين والمتسولين وقطاع الطرق"، تضيف الشكاية ذاتها. ويزيد من حدة خطورة الاستعمال المفرط لأسطوانات الغاز من لدن أكشاك المحطة الطرقية لفاس، وجود هذه المحلات فيما بينها جنبا إلى جنب. كما أن غياب احترام أبسط شروط السلامة في استعمال هذه القنينات يجعل الوضع أكثر تعقيدا؛ حتى أن بعض مستغلي هذه المحلات لم يكلفوا أنفسهم عناء توفير أجهزة إطفاء الحريق لاستعمالها للتدخل، إذا ما وقع أي طارئ. أكشاك تتكاثر كالفطر تكاثرت أكشاك تقديم الوجبات الغذائية داخل المحطة الطرقية لفاس وخارجها تكاثرا لافتا، حيث أينما ولى الشخص وجهه إلا ووجد نفسه محاصرا من لدن أصحاب هذه المحلات يعترضون سبيله و"يدعونه" إلى الجلوس لتناول وجبة أو شرب مشروب عندهم. لقد "غزت" الكراسي والطاولات جميع أرجاء المحطة، حتى أن مرتفقي هذا الفضاء العام أصبحوا لا يجدون مكانا للاستراحة داخله في انتظار موعد إقلاع الحافلة التي ستقلهم إلى وجهتهم، وخاصة بعد أن تحولت قاعة راحة المسافرين إلى مرتع لمبيت الغرباء وملجإ للمنحرفين. وتعيش المحطة الطرقية لفاس على وقع الاكتظاظ بسبب ترامي مستغلي الأكشاك على الممرات الموجودة داخلها وعلى المساحات المخصصة لوقوف المسافرين ولوضع أمتعتهم، والتي جرى احتلالها بوضع الكراسي والطاولات والثلاجات والتجهيزات المخصص للطهي؛ وهو ما يجعل فضاء المحطة، وخاصة خلال مناسبات الأعياد والعطل، مكانا "ملائما" للسطو على أمتعة المسافرين من لدن المنحرفين، مستغلين في ذلك ظروف الازدحام. من جانبهم، ذكر عدد من مستغلي المحلات التجارية داخل المحطة الطرقية لفاس، في حديثهم مع هسبريس، أنه لا يمكن احتكار تقديم الوجبات الغذائية لزبناء المحطة من لدن محل واحد أو اثنين، مؤكدين على اتخاذهم لجميع الاحتياطات والتدابير الضرورية لتفادي خطر استعمال أسطوانات الغاز، مبرزين أنهم يقدمون خدمات مهمة للمسافرين داخل المحطة اعتبارا لعدم وجود مطاعم قريبة منها يمكن أن تقدم مثل هذه الخدمات. مطالب بالارتقاء بالمحطة ذكر عبد العالي شينون، الكاتب العام لنقابة مهنيي أرباب حافلات نقل للمسافرين للمنطقة الوسطى الشمالية، أن نقابته قامت، بعد تخلي الجماعة الحضرية لفاس منذ 10 سنوات عن تدبير شؤون المحطة، بعدة مبادرات لانتشالها من مظاهر الفوضى والتسيب وإعادة الاعتبار لها؛ من قبيل: حث أصحاب الأكشاك على احترام دفاتر التحملات، ومطالبة النقالة بعدم اعتماد مساعدين غير منظمين (كورتية)، وإلزامهم بالانضباط لأوقات دخول وخروج الحافلات، والقيام بتنظيف المحطة. وأبرز المتحدث أن نقابته تولت السهر على أداء أجور أزيد من 54 مستخدما بها بفضل جمع المساهمات من أرباب الحافلات، قبل أن يستدرك بكون مساعي نقابته للارتقاء بالمحطة إلى مستوى مشرف كواجهة لمدينة فاس يتم دائما مجابهته من طرف "لوبي" دأب على الاستفادة من الفوضى داخل هذا المرفق المهم. النقابي ذاته ذكر أن هيئته اجتمعت، مؤخرا، بممثل عن مجلس الجماعة الحضرية لفاس واقترحت خلال هذا اللقاء الأولي عودة الجماعة إلى استخلاص واجبات استغلال المحطة من لدن أرباب النقل؛ غير أن المستشار المذكور أخبر مهنيي النقل بأن الوقت لم يحن لذلك، لكون ملف المحطة قيد التصفية القضائية فيما يخص المداخيل التي تم استخلاصها خلال السنوات المنصرمة، والتي يجهل مصيرها. يذكر أن المحطة الطرقية لنقل المسافرين بفاس تستغل العمل بها أزيد من 90 مقاولة لنقل المسافرين عبر الحافلات، بعد أن تعززت خلال السنوات الأخيرة بشركات جديدة وفرت حافلات ذات مواصفات عالية؛ غير أن باب الولوج إلى هذه المحطة ما زال مفتوحا لعدد من الحافلات المهترئة من الجيل القديم، والتي يجري تسخيرها لربط مدينة فاس بالمناطق القريبة، كسيدي احرازم ومولاي يعقوب وعين الله، وكذا لنقل المسافرين نحو الأسواق الأسبوعية بالأقاليم المجاورة، كتاونات وبولمان وصفرو وميسور؛ وهي الحافلات التي غالبا ما تتسبب في وقوع حوادث طرقية مؤلمة.