" عندما فاز الكاتب الأمريكي الشهير (وليام فوكنر) بجائزة نوبل للرواية، وذاع صيته، وبدأت الشهرة والأضواء تنصب عليه انصرف عنها، ورفض دعوات العشاء، والاحتفالات مع المجتمع المخملي، وهرب بإبداعه منعزلا في قريته في ولاية الميسيسبي، خارج الضوضاء والشهرة التي كان يساق إليها في صخب نيويورك. بدأت بقصة فوكنر من باب الموعظة، والعبرة لكل المشاهير..." الكاتب السعودي : محمد العيثم البنية على من ادعى لم ينج أحد من مشاهير الأدب أو الإعلام من اتهامات بالسرقة الأدبية، فوليام شكسبير الشاعر والمسرحي الأسطورة اتهم بأن شاعرا مجهولا هو من وراءه ينظم له شعره ، وفي روسيا اتهم الأديب "سولجنستين" الحائز على جائزة نوبل في الأدب وفي أمريكا اتهم الزنجي "أليكسي هيلي" بأن روايته "الجذور" هي من تأليف أدباء بيض سرقها منهم، واتهم توفيق الحكيم في مصر أيضا حسب أنيس منصور، والفن كالأدب مجال آخر لاتهامات بالسرقة بل وحتى الأجساد أصبحت موضوع سرقة فيقال إن المطربة فلانة سرقت شفاه علانة أو صدرها وتسريحة شعرها... ،ولعل آخر "الصيحات" في مجال السرقة الأدبية تلك التي اتهم فيها الشيخ الأديب السعودي عائض القرني من كاتبة سعودية تدعى سلوى العضيدان وقد اتصلت بهذه الكاتبة على الفايسبوك وطلبت منها إجراء محاورة بهذا الخصوص أو تقديم بينة على ادعائها فأحالتني على صفحة لا تثبت ادعائها بحال،بل البعض رأى أن ما قدمته يمكن أن يثبت عكس ادعائها بأنها هي من اقتبست من القرني دون ذكر اسمه، والسيدة سلوى اتهمت القرني - الذي وقع لها على مؤلفها الأخير "هكذا هزموا اليأس" وأشاد به - بأن مؤلف الرجل "لا تيأس" استحوذ على مقاطع لسلوى العضيدان في المؤلف عينه الذي وقع عليه القرني وأشاد به ! سلوى قررت رفع دعوى قضائية على عائض القرني ، وليست هي الوحيدة بل إن كاتبا مصريا هو الآخر يعتزم رفع الدعوى على الشيخ وهو سمير فراج يتهمه بالسطو على مؤلفه :"شعراء قتلهم شعرهم"، لكن هل شيخ أديب موسوعي كعائض القرني الذي رأينا وسمعنا محاضراته وشعره الغزير وأدبه المتهاطل بلا ورق أو نظر في كتاب يحتاج لمثل هذه السرقات من كاتبان لم يعرفا إلا بعد الصدع بدعواهما ؟!.. لعل القاسم المشترك بين هذه السرقات هو أن المسروق منه يكون غير مشهور ولا مغمور، مجهولا غير معروف ، لأن السرقة من المشاهير سرقة صارخة سافرة فلايمكن لسارق حين يفكر بالسرقة أن يستحوذ على مؤلف صاحبه مغمور ، وإلا تعرض للمتابعة القانونية ، لكن المشكلة بهذا الخصوص تكمن بالنسبة للكتابة الإلكترونية بحيث تسهل السرقة بلا متابعة قانونية وحصل أن كثيرا من المقالات تعمم على الأنترنت دون أن تنسب لأصحابها أولا يحال على جزء مقتبس وقد يكون ذلك إغفالا غير مقصود أو تنسب للآخرين فيسارع البعض باتهام الكاتب الأصلي دون تثبت وهذا حدث مع كتاب راسخين في الكتابة قبل أن يحدث مع من هم أقل منهم..لذلك نجد أن كتابا لا يضعون مقالاتهم على الشبكة العنكبوتية إلا بعد نشرها على جريدة أو مجلة ورقية ليتسنى حمايتها.. مؤخرا اتهم الإعلامي الشهير فيصل القاسم من قبل كاتب على هسبريس بأنه سطا على مقالة له بعنوان رسالة من حاكم عربي ، ولابد من إبراز ملاحظتين على فيصل القاسم أولا وهما : أن بنية الخطاب اللغوي عند فيصل القاسم تشوبه اختلالات وهكذا الخطاب الإعلامي العربي عموما هذا من حيث القواعد العربية المضروبة والأخطاء الشائعة والإستهتار بضوابط التركيب اللغوي بل واتخاذ ذلك مسخرة ومفخرة وموضوع هزء وهزل ، أما قضية اللسان العربي فشيء آخر يحتاج لمتخصصين لبيانه ، و كتابات القاسم هي جمع لأخبار وتحليلات بما تقتضية وظيفته كرجل إعلام، الأمر الثاني : متفرع عن الأمر الأول وهو أن السرقة من إعلامي مشهور لكاتب غلب الأدب على كتاباته أمر وارد والحكم في هذه القضية لايكون بالإنحياز لعنصر الشهرة، وعادة ما يستهل فيصل القاسم حلقات برنامجه بنصوص أدبية أحيانا يكتفي بالقول : "قال أحد الكتاب" و"قال آخر" ونحو ذلك من التعبيرات التي تبين أن المقتبس ليس لمقدم البرنامج ، والقضية إشكالية بصدد نازلة تتعلق بسرقة أدبية إلكترونية آلية، وليس الأمر بهذه السهولة لنقول إن فيصل القاسم سارق، لأننا لسنا بصدد سرقة أدبية عادية معهودة يتوفر فيها قصد جنائي ونص قانوني وهما عنصران مفترضان لجريمة السرقة الإلكترونية وإنما بصدد دعوى سرقة أدبية آلية مرتبطة بمجال الحاسوب والأنترنت ، إنها دعوى سرقة من شخص ذاتي لآخر افتراضي ، ونحن بحاجة إلى التعرف على الطبيعة القانونية لحق الملكية الأدبية على الأنترنت ، وكيفية حماية الحق الأدبي في مجال الأنترنت وما الشروط التي ينبغي أن تتوافر في المنتوج ليستأهل الحماية القانونية ، وما أعرفه أن القانون يحمي المؤلفين أشخاصا طبيعيين أو معنويين لا أشخاصا افتراضيين والمشرع المغربي حتى في ما يسمى بالحقوق المجاورة لم ينص على التأليف الإلكتروني، وهنا ينتفي أهم عنصر من عناصر جريمة السرقة الأدبية الآلية أو الإلكترونية وهو النص القانوني ، وهذا إشكال يحتاج للمتخصصين في القانون لتفسيره أولا، وعلاقة بهذا الأمر سألت الدكتور عبد اللطيف بروحو فأجاب :" هذا الموضوع شائك ومعقد ولا يسعنا هنا التفصيل فيه فالنصوص القانونية المنظمة للحماية الإلكترونية جد متخلفة ونادرة على مستوى دول العالم الثالث وتتعزز الحماية الإلكترونية للبيانات بالنسبة للتجارة الإلكترونية ولبيانات الهيآت الحكومية أما الشأن الأدبي فيبقى للأسف خارج أية حماية إلكترونية خاصة " ..لكن يظل الفعل من الناحية الأخلاقية العامة أولا مشينا ومن الناحية المهنية مسيئا . وحتى وإن كان ثمة قانون أوسيكون يحمي الحقوق الفكرية الآلية الأدبية منها خاصة فيتحتم على الشخصية الإفتراضية إثبات نفسها شخصية ذاتية طبيعية لأن الأنترنت مجال لشخصيات تستعير أسماء مزيفة ، بمعنى أنه وإن أحال فيصل القاسم على شخص افتراضي كمنير باهي فسيكون أيضا من المهنية والأخلاقية أن يحيل قائلا : رسالة افتراضية كتبها شخص افتراضي يدعى فلان. واتهم رشيد نيني من كاتب على هسبريس أيضا وهو محمد بنعزيز بأنه استحوذ على أفكار له ولو أني لم أقف على توثيق للإدعاءات إلا أن الأمر محتمل – ولا معنى لذلك من الناحية القانونية مادام المنتوج غير محمي - فرشيد نيني وإن اشتهر ليس أديبا ولا كاتبا سينيمائيا أو ناقدا فنيا ، بل إن كثيرين استعجبوا حصول رشيد نيني على معلومات لا قبل لأي صحفي و- إن من الجان الزرق - أن يحصل عليها بله من الإنس ! وعلى أي حال لا ينبغي عزل الكاتب عن السياق الراهن وإطار الإعتقال الذي يعانيه ، إنما نعالج قضية لا تكفي الشهرة للإنحياز لطرف دون طرف ، ولكن أيضا البينة على من ادعى ! وعلى أي حال فالذي يختار أن يكتب مقالات على الأنترنت وعلى مواقع إلكترونية فعليه أن يغض الطرف عما قد يحصل من سطو لأن القانون لا يحمي الكتابة الإفتراضية ، كما أن نشر أفكار إبداعية متميزة على الأنترنت دون حمايتها قانونيا يعد ضربا من المغامرة التي لا ينفع معها تحسر ولاندم ، اللهم إن قصد صاحبها نشر الأفكار ليستفيد منها الجميع دون نية الشهرة . [email protected] www.anrmis.blogspot.com facebook :hafid elmeskaouy