مقابل الأصوات الشعبية التي أعلنت مقاطعتها للاستحقاقات الانتخابية القادمة، إلى جانب هيئات وأحزاب من قبيل "العدل والإحسان" والحزب المغربي الليبرالي، أطلق نخبة من المثقفين والفاعلين السياسيين والمدنيين نداءً يصفون فيه انتخابات 07 أكتوبر القادم ب"الموعد الانتخابي الحاسم"، داعين المغاربة إلى مشاركة سياسية "فاعلة وإيجابية". الوثيقة التي تروم "ترشيد البناء الديمقراطي والمؤسساتي في المغرب"، والتي ووقعها 74 من الأسماء البارزة في السياسة والثقافة والعمل المدني والإعلام، طالبت السلطات المسؤول عن العملية الانتخابية ب"العمل على احترام قواعد المنافسة الديمقراطية، بما يؤمن النزاهة والشفافية للعملية الاقتراعية، مع تفعيل جهد جماعي لأجل تنقية العمليات الانتخابية من الشوائب التي أفسدتها في مراحل سابقة ونالت من صدقيتها". ويرى الموقعون على الوثيقة ذاتها أن تلك الشوائب تهمّ "الاستخدام غير المشروع للمال السياسي للتأثير على خيارات الناخبين الطوعية والحرّة"؛ وأيضا "تجنيد قوى المال في العملية الانتخابية بديلاً عن مرشّحين حاملين لبرنامج اجتماعي يخاطب مصالح الناخبين". المغاربة، من منظور النداء المذكور الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، "تعتريهم مشاعر تتراوح بين الارتياب والتفاؤل، وبين اليقين والشك، إزاء شروط وملابسات إنجاز الاستحقاق التشريعي ل07 أكتوبر"، مضيفا أن "من بواعث حالة التوجّس والارتياب التي تنتاب الرأي العام ما بات ماثلا من مفارقة متفاقمة ما بين الخيارات الديمقراطية المقررة والتوجهات السياسية المسطرة من جانب، وتهافتات الفعل السياسي في الميدان من جانب آخر". إلى جانب ذلك، تتمثل المفارقة أيضا في "هفوات في الخطاب المتداول"، و"هجانة التحالفات الحزبية المتقلّبة التي لا تحكمها برامج مجتمعية واضحة"، و"انتهاك حرمة التصويت بفعل شيوع تقنيات شراء الذمم والأصوات"، حسب النداء ذاته، الذي اعتبر أن تلك الظواهر السلبية "تنال من ورح الدستور وتَشِي بتراجع لافت في قدرة المجتمع السياسي على تمثّل المبادئ الديمقراطية الحاكمة للممارسة السياسية.. وعلى تغافله أو تجاهله لأهمية الالتزام بالأخلاقيات السياسية وبالقيم الديمقراطية في ممارسة الفعل السياسي". وبث النداء عينه مطلبا بضرورة "تحرير المنافسة الانتخابية من أمراض الشعبوية، ومن التجييش المناطقي والفئوي"، مقابل "إقامتها على مبدأ المواطنة وعلى برامج اجتماعية، واقتصادية، وثقافية، تستجيب للحاجات التنموية للبلاد، ومصالح الغالبية الساحقة من فئاتها المعرّضة للحرمان والتهميش"، فيما شدد على ضرورة تقديم قوائم مرشّحين في مستوى المسؤولية السياسية والأدبية، على أن تتوفر فيهم "الأهلية السياسية والخبرة النضالية والمصداقية المجتمعية". إلى ذلك، دعا الفاعلون المغاربة أنفسهم إلى "رفع مستوى الأداء الانتخابي، بما فيه مستوى الخطاب السياسي والتخاطب العام"، وكذا "وضع حدّ لحملات التهريج المزرية بالمواطن والوطن، لصالح نموذج جديد ومتحضّر للحملة الانتخابية يغتنم فرصة الانتخابات للتوعية السياسية والتعبئة النهضوية"، فيما أهابوا بالقوى السياسية "الارتفاع بسلوكها إلى مستوى التطلّع الوطني العام، وإلى تمتّع البلاد بمؤسسات تمثيلية وديمقراطية صحيحة ونزيهة". ومن بين أبرز الموقعين على النداء زعماء سياسيون ووزراء سابقون، من قبيل محمد بوستة، ومولاي عبد السلام الجبلي، ومحمد بنسعيد ايت يدر، وعبد الواحد الراضي، ومولاي إسماعيل العلوي، ومولاي امحمد خليفة، ومحمد الأشعري، وخالد الناصري، ومحمد بنجلون الاندلسي، إلى جانب عبد الكريم غلاب، والطيب الشكيلي، وفاعلين ومثقفين وإعلاميين، أمثال محمد بنيس، وعبد الرفيع الجواهري، وعبد الاله بلقزيز، ونور الدين افاية، ومحمد سبيلا، وغيرهم.