تحاول وزارة الداخلية أن تضبط مصاريف المرشحين للانتخابات التشريعية المرتقب إجراؤها في السابع من أكتوبر المقبل؛ وذلك بتحديد سقف لن يتجاوز حسبها 50 مليون سنتيم لكل مرشح، عبر مرسوم أعده وزير الداخلية، يحدد بموجبه سقف مصاريف الحملات الانتخابية للمرشحين برسم الاستحقاقات العامة والجزئية لانتخاب أعضاء مجلس النواب. وتطرح تساؤلات في الأوساط السياسية المغربية حول مدى التزام المرشحين، وخصوصا المحسوبين على الأعيان، بهذا المرسوم بالنظر إلى الأموال الطائلة التي تصرف مع كل عملية انتخابية، وكذلك في غياب المراقبة البعدية باستثناء ما يصرح به المرشحون أنفسهم. الدكتور أحمد بوز، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، استبعد أن يلتزم العديد من المرشحين بهذا السقف المحدد، مبررا ذلك ب"غياب مراقبة دقيقة، وكذا التلاعب وابتكار أساليب الارتشاء وشراء الأصوات؛ وهو ما يطرح إشكالية احترام هذا المبلغ المحدد بمرسوم للوزير المشرف على الداخلية". وأضاف أستاذ التعليم العالي أن "المجلس الأعلى للحسابات يعتمد على تصريحات المرشحين ولا يقوم بأبحاث دقيقة؛ بل يعتمد على ما يتم تقديمه من قبل المرشح"، مؤكدا أنه "لا يمكن القول إن الحصول على المقعد في البرلمان المغربي يساوي 50 مليون، باستثناء الأحزاب التي تعتمد الشرعية النضالية". "الانتخابات تتحول إلى سوق حقيقية، وبورصة للأموال، يصعب معه القول إن هذا السقف يمكن أن تضع حدا للأموال التي تضخ في العملية الانتخابية"، يقول بوز، الذي أضاف ضمن تصريحه لهسبريس أن "هذا النص القانوني، الذي يهدف إلى تخليق العملية الانتخابية، لا يمكن أن يكون حاجزا لعدم تجاوز هذه السقف". وشدد المتحدث نفسه على أن هذه السوق ناتجة عن "وجود تنافس شديد في الحياة السياسية، والنزوع لدى العديد من الأحزاب نحو ترجيح كفة من سيفوز بالانتخابات وتواري المرشحين المناضلين"، مبرزا أن "المرسوم يبدو مجرد حبر على ورق عندما تتحول العملية الانتخابية إلى سوق للسمسرة، في غياب مراقبة وتدقيق للحالات يكون القانون غير كاف". في مقابل ذلك، سجل الباحث في القانون الدستوري أن "هناك تطورا في تحديد أموال الحملات؛ لأنه كان قبل ذلك 25 مليونا، وهو محدد منذ 1997"، مبرزا أن "المشرع راكم أشياء مهمة على مستوى التخليق؛ ولكن الوصول إلى درجة الاطمئنان على العملية الانتخابية من المال الحرام غير ممكنة". وحدد المرسوم بالنسبة إلى كل مرشح سقف المصاريف الانتخابية برسم الانتخابات العامة والجزئية لانتخاب أعضاء مجلس النواب في 500 ألف درهم، مبرزا أن ذلك يندرج في إطار تطبيق أحكام المادتين ال93 وال94 من القانون التنظيمي رقم 27.11، المتعلق بمجلس النواب، كما وقع تغييره وتتميمه. ونص المرسوم على مدلول المصاريف الانتخابية، ويلزم وكيل كل لائحة ترشيح أو كل مرشح، حسب الحالة، بوضع بيان مفصل لمصادر تمويل حملته الانتخابية وجردا بالمبالغ التي تم صرفها ابتداء من اليوم الثلاثين السابق لتاريخ الاقتراع إلى غاية اليوم الخامس عشر الموالي للتاريخ المذكور وإرفاقه بجميع الوثائق التي تثبت صرف المبالغ المذكورة.