أفلح الساهرون على مهرجان "أنموكار مول أتاي"، الذي نظمته شركة "أتاي سلطان" بمدينة تافراوت، خلال اليوم الثاني والأخير من هذه التظاهرة الفنية، في تنويع برمجتها الفنية. وقد التقى الجمهور فرقا موسيقية من التراث المغربي الأصيل ومجموعات غنائية ذاع صيتها، سواء على الصعيدين الوطني والدولي. ونجحت تلك الفرق والمجموعات، من خلال أدائها، في إتحاف حشود غفيرة من الجماهير التي تابعت هذه السهرات، بتفاعلها الكبير مع المقاطع الموسيقية والغنائية، التي أدتها تلك الفرق. في بداية السهرة الختامية بمهرجان "أنموكار مول اتاي"، اعتلت فرقة "أحواش الركبة" الزاكورية، التي يرأسها المايسترو محمد القرطاوي، منصة ساحة محمد السادس، حيث خلقت فرجة استثنائية، استهلها المايسترو بلازمته المشهورة "واكس واكس"، بصوته الجهوري، ولكنته المميّزة، قبل شروعه في التمايل يمينا ويسارا، مستعملا قدمه لقلب إيقاع المجموعة من نغمة إلى أخرى مغايرة، مع حركات رأسية ممزوجة بابتسامة عريضة، يتجاوب معها باقي أفراد المجموعة باستبدال حركات الرقصة، أو بتغيير إيقاع الإنشاد؛ وهو ما جعل الجماهير تُبدي تجاوبا كبيرا مع ما قدّمته هذه الفرقة الأصيلة. بدورها، استطاعت "عبيدات الرمى" من مدينة خريبكة، بلباسها التقليدي المميّز وآلاتها الموسيقية التراثية، أن تُثير حماس كل الذين حضروا فقرات مهرجان "أنموكار مول أتاي"، الذي احتفت خلاله شركة "أتاي سلطان" بالذكرى الثمانين لتأسيسها، بمسقط رأس منشئها الحاج الحسن الراجي، المشهور ب"مول أتاي". وقد أدت المجموعة، التي يرأسها المقدم رضوان عبيد، أغان وأهازيج تغنّت بمنتوج الشاي وبعلامة "سلطان"، بالإضافة إلى رقصات استعراضية، تترجم أشكال الرماية وحركات نابعة من وحي تراث المجتمع البدوي. واعتمد أعضاء الفرقة في أداء أغانيهم، التي أدوها بالدارجة المغربية، على أدوات موسيقية بسيطة كالبندير والتعريجة والمقص، فتمكّنت في صنع فرجة لجمهور مدينة تافراوت، بإعادة أداء أغان من ريبرتوارها الفني، الغني والمتنوع، ضمنها "نعمر الدار"، والتي لاقت تجاوب الجمهور، فردّدها بأصوات عمّت أرجاء ساحة محمد السادس. وبعد أن أنهى الفنان حميد إنرزاف دوره على المنصة ذاتها، والتي قدّم بعضا من أغانيه المشهورة، ردّدها معه الجمهور بتلقائية، كان ختام المسك، ضمن السهرة الختامية لمهرجان "أنموكار مول أتاي"، مع الفنان بوحسين فولان ومجموعته "رباب فيزيزن". وقد استطاع فولان ومجموعته أن يضفي على السهرة الختامية طابعا مميّزا وحماسا خاصا، ظهر جليّا في تعالي صيحات وتصفيقات الجماهير، التي وقفت مردّدة أغان ناجحة من رصيد بوحسين فولان، جال بها عددا من دول أوربا وأمريكا وأخرى من العالم العربي، لا سيما لأفراد مغاربة العالم. وبزيه الخاص والمتجذر في عمق الثقافة والهوية الأمازيغيتين، وبإتقانه لآلة الرباب، وبإيقاعات آلات عصرية أخرى، خلقت جسرا بين التراث الأصيل والجديد المعاصر، ألهب فولان بوحسين زوار وضيوف المهرجان بمدينة تافراوت، الذين تخطوا الحواجز، مقتربين من منصة ساحة محمد السادس، فشرعوا في خلق جو من الفرجة، لم يتوان الفنان الشاب بوحسين من خلال كلمة مقتضبة في التعبير عن اعتزازه بتفاعل جماهير تافراوت وترحيبهم به، مستغلا الفرصة للثناء على شركة "أتاي سلطان"، التي منحته فرصة ملاقاة أحد أكثر الجماهير تذوقا للفن الأصيل والهادف، قاصدا بذلك أهل تفراوات وقاطنيها. آلة الكمان، سافر بها بوحسين ورزمة أعضاء مجموعته إلى سماء الأغنية الوطنية الملتزمة، "عيون عينيا"، أعادها بطريقته المتفردة، صوتا وأداء؛ فكان رد الجمهور سريعا، برفع التصفيقات والزغاريد في كل جنبات الساحة. كما كان لفن "تكناويت"، ذي الجذور الإفريقية، نصيب من الفقرات الغنائية التي قدمتها "رباب فيزيون"، بتأدية وصلات من ألبوم جديد للمجموعة، مستعملا "القراقب"، في جذب حماس من تابعوا الحفل الفني الختامي لمهرجان "أنموكار مول أتاي". وعلى غرار السهرة الأولى، تخلّلت أنشطة هذه التظاهرة، التي أشرفت شركة "أتاي سلطان" على تنظيمها، فقرة سحب قرعة الاستفادة من العمرة، لفائدة عدد من زبناء الشركة من البائعين بالتقسيط والمستهلكين، والتي وصل عددهم منذ أن قرّرت إدارة هذه المؤسسة الإنتاجية تنظيمها إلى أزيد من 1000. كما جرى عرض أكبر براد للشاي، دخل كتاب غينيس للأرقام القياسية، وكان ذلك في الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس. وفي نهاية السهرة، تقدّم المنظمون بالشكر والامتنان إلى سكان تافروات وإلى الجمهور العريض الذي حج لمتابعة فقرات المهرجان وإلى زبنائها، وإلى السلطات المحلية والأمنية والوقاية المدنية، على ما بذلوه لتمر التظاهرة في جو من الفرجة والهدوء.