بينما أعلنت عائلات المعتقلين المغاربة في سجون العراق استنفادها جلّ الطرق الرسمية للتدخل للإفراج عما تبقى من أبنائها، وتشكيها من صمت الحقوقيين عن استمرار اعتقال مغاربة في سجون تجري داخلها سياسة تعذيب طائفية، خرجت الرابطة العالمية للحقوق والحريات، التي يوجد مقرها الرئيسي في جنيف، لتتهم السلطات المغربية بالتهاون والتقصير في التفاعل مع الملف القائم منذ 2004. وسجلت الهيئة ذاتها، التي تتوفر على تمثيلية في المغرب، غياب المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في حالات المعتقلين المغاربة بالعراق، وتعرضهم للتعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وتنفيذ الإعدام خارج نطاق القانون، وطالبت وزارتي "الشؤون الخارجية والتعاون" و"العدل والحريات" بالتدخل الفوري للتّعجيل بترحيل المواطن المغربي عز الدين بوجنان إلى المغرب، إثر إنهائه مدة عقوبته بكل من سجن أبو غريب وسوسة بالعراق. الرابطة ذاتها دعت، في بلاغ توصّلت به هسبريس، إلى تبني مقاربة حقوقية شاملة في ملف المعتقلين والمفقودين المغاربة بالعراق، وهي المقاربة التي شددت على ضرورة أن تعتمد على "التواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتدبير الملف، انسجاما مع مقتضيات القانون الدولي الإنساني" و"تفعيل اتفاقية الرياض للتعاون القضائي رقم 36، الصادرة عام 1983م، لاسيما الباب السادس المتعلق بتسليم المتهمين والمحكوم عليهم، واعتبارها إطارا مرجعيا". المقاربة المقترحة ترى ضرورة عقد اتفاقية ثنائية بين المغرب والعراق لتمكين المحكوم عليهم في بلاد الرافدين من إكمال محكوميتهم في المملكة، في حالة الضرورة القانونية، إلى جانب تكوين لجنة من المحامين والحقوقيين وممثلي عائلات المعتقلين والمختفين المغاربة بالعراق، تحت إشراف وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، للتباحث مع السفارة العراقية في الرباط. وترى الرابطة العالمية للحقوق والحريات وجوب تمكين هذه اللجنة من زيارة المعتقلين بالعراق ورصد وضعيتهم داخل السجون، وصولا إلى حمايتهم من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وضمان حقوقهم وترحيل المحكومين منهم لإكمال مدة عقوبتهم بالمغرب، فيما تطالب بضرورة دخول حكومة بنكيران في مفاوضات مع نظيرتها العراقية، التي يقودها حيدر عبادي، لتسليم المعتقلين المغاربة، أسوة بدول عربية أخرى. محمد حقيقي، ممثل الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب، قال لهسبريس إن مبادرة تشكيل اللجنة الوطنية تبقى حاضرة؛ "لكن الجهات الرسمية هي التي ستعطي الضوء الأخضر، خاصة وزارة الخارجية المغربية"، حسب تعبيره، منتقدا كون الأخيرة "لم تضع إلى حدود الآن ملف المعتقلين والمختطفين المغاربة في العراق ضمن أجندتها". وذكر حقيقي تجارب دول عربية مع معتقليها في العراق، مثل الكويتوتونس والسعودية، وأورد أن نشطاء حقوقيين منتمين إلى "الرابطة" في تلك الدول خاضوا مبادرات حقوقية، من قبيل تأسيس لجنة خاصة بهم، دفعت حكوماتها إلى التفاعل، مسجلا "تقدما كبيرا وتجاوبا مع المبادرة كما حصل في تونس، حيث وجهت ملتمسات للحكومة التونسية ودخلت الأخيرة في جولات حوار مع السلطات في العراق من أجل تسليم المعتقلين التونسيين"، على حد قوله. إلى ذلك، أورد تقرير للرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب توضيحات تقدم بها والد السجين المغربي بالعراق عز الدين بوجنان، الذي لازال عالقا هناك بعد إنهائه مدة محكوميته، موردا أن السلطات العراقية سبق لها أن شرعت في إجراءات تسليم ابنه إلى المغرب منذ أكثر من خمسة أشهر، وأضاف: "اتصلنا بمكتب السفير المغربي لدى العراق المتواجد بالأردن، وطلبنا منه القيام بالإجراءات الضرورية لتسلم ابننا". وتضيف الوثيقة ذاتها أن "السفارة والخارجية المغربية لم تقوما بأي إجراء يذكر لترحيل عز الدين بوجنان إلى المغرب"، مسجلة في الوقت ذاته تخوف الأب والعائلة من إعادة الابن إلى السجن بشكل تعسفي، وهي المعطيات التي سبق لهسبريس أن سلطت عليها الضوء ونبهت إليها في تقرير سابق.