مع التطور التكنولوجي والتقنيات الجديدة ظهر الإعلام الجديد مع الأقمار الاصطناعية، وتقنيات البث المباشر والإنترنت والحاسبات الآلية، مما جعل الأمور سهلة في التأثير على المتلقي بما يبث على شاشات الفضائيات، وعبر أجهزة المحمول "الهواتف" والآيباد وغيرها من وسائل الاتصالات. فقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي ، فيسبوك وتويتر و غيرها ، لتبادل الأخبار والمعلومات والفيديوهات المصورة في سرعة تداول الأخبار والمعلومات ، حتى صار الإعلام جزءا من حياة الشباب اليومية وأداة من أدوات المنظمات الإرهابية عند البعض. فقد جاء في تقرير لشبكة الفيسبوك العالمية ، صدر في السنوات الأخيرة، أن هناك أكثر من 1.2 مليار نسمة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل في نقل الأحداث والنشر والإعلام والتسويق .علما بأن الفئة العريضة من مستعملي شبكات التواصل تتألف من الشباب. فلاشك أن الإعلام الجديد أصبح يغزو عقول الشباب بأفكار جديدة موجهة ومعدة خصيصاً إليهم، تؤثر على سلوكهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، واختراق المنظومة القيمية للمجتمع ، دون أن تعي المجتمعات بهذا الخطر الذي يهددها . وهذا الإعلام الجديد ، استغلته بالطبع المنظمات الإرهابية لتستهدف شباب العالم ، وبالخصوص الشباب المسلم ، ببث أفكارها المتطرفة وإغراءاتها الهدامة، و نشر الفتن والأفكار المتطرفة لسهولة تداولها، وهذا يعني أنه بات يستخدم ضمن أخطر الحروب على الإطلاق باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة، مما يؤثر على عقولهم . كما أن المكلفين بالدعاية الإعلامية داخل التنظيمات الإرهابية متواجدون وبشكل كبير على الانترنت ولا يقتصر وجودهم على التواصل فقط ، وإنما هم بارعون في استخدام الانترنت ، و إتقاناستخدام التقنيات الحديثة بما في ذلك تقنية تطبيقات الهواتف الذكية، من أجل شن حملة لاستقطاب مجندين ومع التركيز على صغار السن بشكل أساسي . إن الإرهابيون يستخدمون كوادر تقنية متقدمة يتحدثون لغة وسائل الإعلام الاجتماعية، ترعرعوا في عصر الكمبيوترات المحمولة والهواتف الذكية وعصر الإعلام المجتمعي وهم قادرون على بناء حملات إعلامية لاستقطاب الشباب والدخول بهم في براثين التطرف والإرهاب. وإذا كان الإعلام الجديد يلعب دورا مؤثرا على تطرف الشباب ، فإنه في نفس الوقت يمكن استخدامه كوسيلة لمحاربة هاتة الظاهرة ، من خلال تبني إستراتيجية إعلامية لنبذ الطائفية والغلو ومناهضة العنف والإرهاب لحماية الشباب من التأثر بالأفكار الهدامة والضالة ، وإعادة الاعتبار للمثقفين والمفكرين و الفنانين ورجال الدين المتنورين في مواجهة ثقافة التكفير والإقصاء عن طريق وسائل الإعلام ، وتمكينهم من إشاعة ثقافة الحوار و التعايش و احترام الأخر و تقديس الحق في الحياة ، وتشجيع المبادرات الشبابية على المساهمة البناءة والايجابية في فضاءات التواصل الاجتماعي ، عوض السقوط في براثين التطرف و الفكر الهدام المؤدي إلى العمل الإرهابي. كما ينبغي تعزيز دور الجهات الأمنية من خلال توفير لها الوسائل والموارد المتطورة ، و تكوين أطرها على التقنيات الحديثة ، والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في مجال محاربة الجريمة الالكترونية . وفي الأخير نشيد بمجهودات الأجهزة الأمنية المغربية التي استطاعت في السنوات الأخيرة التكيف مع التطور الذي شهدته التقنيات التكنولوجية المتطورة في مجال الإعلام الجديد ، و استقطاب الأطر التقنية من مهندسين وتقنيين برهنوا على كفاءتهم المهنية في تعقب الجريمة الإرهابية الالكترونية و محاصرتها و ضبط عناصر تورطوا في جرائم إرهابية . ومهما يكن ، تبقى المسؤولية ملقاة على عاتقنا جميعا لحماية شبابنا من تأثر المنظمات الإرهابية و استقطابها إلى العالم المجهول . *مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية